في ظل موجة الحر التي تتعرض لها فلسطين، تضاعفت أزمة وصول المياه إلى محافظتي الخليل وبيت لحم جنوب الضفة الغربية، بعد قرار شركة "ميكروت" الإسرائيلية تخفيض كمية المياه الواردة للمحافظتين، لصالح تلبية الطلب المتزايد في المستوطنات الإسرائيلية.
الاحتلال يسيطر على مصادر المياه، ويقلّص الكميّات الممنوحة للفلسطينيين والمقلّصة أصلًا لصالح تنعّم المستوطنين
وحذرت "سلطة المياه" من استمرار شركة "ميكروت" بسياسة تخفيض كميات المياه المزوّدة لخط مياه دير شعار الرئيس، المزوِّد لمحافظتي الخليل وبيت لحم، وكذلك وصلتي مياه ترقوميا وبيت كاحل حيث انخفض معدل كميات المياه إلى 6000 كوب في اليوم، ما يعني حرمان أهالي المحافظتين من حقِّهم في الحصول على كميات كافية المياه في ظل الارتفاع الحاد في درجات الحرارة.
وأكدت سلطة المياه أنه لا توجد أسباب فنية وراء التخفيض الإسرائيلي لكميّات المياه، حيث لم يتم الكشف عن أي أعطال في المصدر المزود، وقالت إن هذا يحدث ضمن سياسة التمييز العنصرية التي تمارسها سلطات الاحتلال بوجه عام، وشركة ميكروت بوجه خاص تجاه الفلسطينيين، والمتمثلة في تمييز سكان المستوطنات بمنحهم كميات إضافية كبيرة من المياه على حساب حقوق الفلسطينيين.
سلطة المياه الفلسطينية: تقليص الاحتلال لـ10 آلاف كوب مياه عن الخليل وبيت لحم، يأتي ضمن سياسة التمييز العنصرية التي تمنح سكان المستوطنات كميات إضافية كبيرة من المياه على حساب الفلسطينيين
كما حذرت سلطة المياه من استمرار شركة "ميكروت" في انتهاجها لهذه السياسة التمييزية، مؤكدة على المتابعة الحثيثة لطواقمها المختصة من أجل إعادة عملية ضخ المياه بكمياتها المعتادة.
وفي تصريحات للتلفزيون الرسمي، قال رئيس سلطة المياه مازن غنيم إن شركة "ميكروت" الإسرائيلية خفّضت 10 آلاف كوب من المياه، الجزء الأكبر منها تضررت منه محافظتي الخليل وبيت لحم.
تعميق الأزمة
وأكد رئيس بلدية بيت لحم حنا حنانيا أن أزمة المياه قديمة وممتدة منذ توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، مشيرًا إلى أن الاستقطاع الجديد للمياه هذه المرّة عمّق الأزمة أكثر.
وبيّن حنانيا في حديث لـ "الترا فلسطين" أن اتفاقية أوسلو نصّت على وصول 150 لتر مياه للفرد الواحد لكن الاحتلال كان يرسل 65 لترًا فقط، وهو خرق واضح للاتفاقية.
رئيس بلدية بيت لحم: يجري تقاسم نسبة الاستقطاع بين محافظتي الخليل وبيت لحم، بنسبة 5 آلاف كوب فقط لكل محافظة يوميًا
في المقابل، أوضح أن معدل استهلاك المستوطنين للمياه يبلغ 250 لتر للفرد باليوم الواحد، فيما تتوفّر المياه على مدار الساعة وجميع أيام الأسبوع في المستوطنات الإسرائيلية في تمييز وخرق واضح لحقوق الإنسان.
وذكر أن قاعدة تخصيص المياه هي قاعدة عنصرية، مشيرًا إلى أنه يجري استقطاع من حصة المواطن الفلسطيني لتقديمها للمستوطنين.
وقال حنانيا إنه سيجري تقاسم نسبة الاستقطاع بين محافظتي الخليل وبيت لحم، بنسبة 5 آلاف كوب فقط لكل محافظة يوميًا، وبيّن أن احتياج بلدية بيت لحم قبل تقليص كمية المياه كان يصل إلى 30 ألف كوب، بينما كان يصل المحافظة 14 ألف كوب فقط، وبعد الاستقطاع الأخير زادت نسبة العجز لألفي متر مكعب تقريبًا كل يوم.
وأشار إلى جانب آخر من المعاناة لا يتم التركيز عليه في العادة وهو كمية الضغط، مبيّنًا أن بعض المناطق في المحافظة كوادي شاهين تحتاج المياه الواردة من الشركة الإسرائيلية إلى ضغط 15 بار، حتى تتمكن البلدية من توزيع المياه إلى مدينة بيت جالا وشارع جمال عبد الناصر وغيره من الشوارع، إلا أنه بالأمس تبين أن الضغط 12 بار فقط، وهذا يعني عدم القدرة على الاستفادة من كمية المياه الواردة بالشكل الصحيح.
وتابع حنانيا أنه وعدا عن موضوع الاستقطاع يجري بين الفينة والأخرى قطع خطوط المياه دون سبب، أو بعد التذرع بوجود خلل فني، وفي جميع الأحوال لا يتم تعويضنا من قبل الشركة الإسرائيلية عن العجز الحاصل بعد ذلك.
حنا حنانيا: على المستوى السياسي الفلسطيني التدخّل والضغط على الاحتلال للسماح السلطة بحفر آبار واستخراج المياه، في مناطقها
ودعا رئيس بلدية بيت لحم المستوى السياسي الفلسطيني إلى التدخل والضغط على الاحتلال للسماح السلطة الفلسطينية باستخراج وحفر آبار المياه في مناطقها، وعدا ذلك ستبقى الأزمة قائمة والضحية هو المواطن الفلسطيني. وأعرب عن أسفه لأن البلدية ليس لديها بدائل للتغلب على هذه الأزمة أو تعويض المواطنين، فمصادر المياه مسيطر عليها من قبل الاحتلال.
وبيّن أن لجوء المواطنين إلى شراء المياه عبر مركبات نقل المياه من شأنه أن يزيد من أعبائهم المالية، حيث أن سعر المياه يكون أكثر بثلاثة أضعاف من السعر العادي.
أزمة سياسية
من جانبها، أكدت نائب رئيس بلدية الخليل، أسماء الشرباتي، أن بلدية الخليل تدير منذ عدة سنوات أزمة في توزيع المياه قبل أن يتم اقتطاع كمية جديدة من المياه التي تصل إلى المحافظة من قبل شركة "ميكروت" الإسرائيلية، لافتة إلى أن الاقتطاع زاد الأزمة.
الشرباتي: أزمة المياه في جنوب الضفة الغربية وعمومها أزمة سياسية وليست أزمة حصص، وذلك بفعل الاحتلال الإسرائيلي وسياسته العنصرية
وأوضحت الشرباتي في حديث لـ "الترا فلسطين" أن احتياج المحافظة يصل إلى 40 إلف كوب كان يصل منها 20 ألف كوب قبل الاستقطاع الأخير. وبيّنت أن نصيب الفرد من المياه في اليوم الواحد يتراوح بين 30 إلى 60 لترًا، وفي بعض المناطق يصل دون الـ 30 لتر، في حين يجب أن يكون لدى الفرد 100 لتر في خطة الطوارئ بحسب منظمة الصحة العالمية.
وقالت إن التقليص الجديد لكمية المياه الواردة للمحافظة وعمليات القطع التي تكررت عدة مرات بعدد ساعات تصل 12 ساعة خلال بضعة أيام فقط، أثّر على قدرة البلدية في توزيع حصص المياه للمحافظة.
وقدّرت الشرباتي نسبة العجز الجديد في كمية المياه بـ 3000 آلاف كوب، الأمر الذي أدى إلى تمديد عدد أيام دورة توزيع المياه على المحافظة من 20 إلى 23 يوم.
وذكرت أن أزمة المياه لها تأثير سلبي على كثير من القطاعات في مدينة الخليل، أبرزها القطاع الزراعي والصناعي، فيما تستنزف جيوب المواطنين الذين يسعون لسد جزء من العجز عبر شراء المياه من المركبات المتنقلة.
وأشارت إلى أن بلدية الخليل ليس باستطاعتها ترميم بئري الصافية وبيت الفوار، فالبئرين متهالكين، وإصلاحهما غير متاح وغير مسموح به من قبل الاحتلال.
وأعربت الشرباتي عن أسفها من أن المستوطنات الإسرائيلية في الخليل تتوفر فيها المياه على مدار الساعة، في ظل أن نصيب المستوطن الواحد في الضفة الغربية من المياه يصل إلى 12 ضعف نصيب المواطن الفلسطيني وذلك بحسب إحصائية نشرها باحث ألماني.