في وسط البلدة القديمة لمدينة سلفيت، تحت شجرة التوت الشهيرة هنا، يقف الدلاّل وسط جموع الناس في مزاد علني كل عام، ويبدأ المزارعون -بحضور اللجنة الزراعية- بطرح مبالغ مالية لضمان "قلم الزيت"، وتنتهي تلك المراسم عند انتهاء الوقت المحدد للمزاد بأعلى سعر تم طرحه. إنه إرث الأجداد في مدينة سلفيت الذي مازال يتمسك به أهل المدينة منذ مئة عام.
سلفيت، المدينة الوحيدة في الضفة الغربية التي يتم فيها تشكيل لجنة زراعية منذ مئة عام لها مهام عديدة
سلفيت، المدينة الوحيدة في الضفة الغربية التي يتم فيها تشكيل لجنةٍ زراعية منذ مئة عام، ولها مهام عديدة تتركز حول تقديم العديد من الخدمات للمزارعين، ويكون لها نشاط كبير خلال موسم الزيتون.
اقرأ/ي أيضًا: قلاية بندورة في موسم الزيتون
منسق اللجنة الزراعية جمال أبو سلمية يوضح لـ الترا فلسطين أن مؤتمرًا سنويًا للمزارعين تدعو له بلدية سلفيت في شهر تشرين أول/أكتوبر، يتم فيه اختيار المزارعين ذوي الخبرة عن طريق الانتخاب أو التزكية.
وتتكون اللجنة الزراعية من تسعة أعضاء بالحد الأدنى، من بينهم عضوان من البلدية، إذ يتولى رئيس البلدية رئاسة اللجنة استنادًا إلى التقاليد المتبعة، وتكون مدة عمل اللجنة عامًا واحدًا قابلة للتمديد. كما تعتبر البلدية الجهاز التنفيذي لقرارات اللجنة ومقرها الدائم.
ويشير أبو سلمية إلى أن مهام اللجنة الزراعية تتمثل في الحفاظ على الأشجار والمزروعات في مدينة سلفيت، وتوسيع وتطوير المساحات الزراعية، وتأهيل وشق طرق زراعية جديدة بالتعاون مع وزارة الزراعة والإغاثة الزراعية وبلدية سلفيت. كا تساعد اللجنة المزارعين في تسويق إنتاجهم من الزيت.
اللجنة الزراعية مهمتها الحفاظ على الأشجار وتوسيع المساحات الزراعية وشق طرق زراعية وتسويق إنتاج الزيت
ومن مهامها أيضًا، تنظيم موسم قطف الزيتون، إذ تجتمع اللجنة الزراعية ويتم تحديد موعد قطف الزيتون ويكون بتصويت الأغلبية. ففي هذا العام تم تحديد تاريخ 25 تشرين أول/أكتوبر موعدًا لقطف الزيتون، وتاريخ 27 من الشهر ذاته موعدًا لقطف الزيتون في الأراضي الواقعة خلف الجدار الفاصل.
اقرأ/ي أيضًا: أبو المواسم.. فرحة الفلاحين
وتجتمع اللجنة الزراعية في موسم قطف الزيتون أسبوعيًا، ثم بعد انتهاء الموسم تجتمع شهريًا. وحددت اللجنة هذا العام قيمة المخالفات لمن يخالف نظامها، إذ يدفع كل من يخالف مواعيد القطف 50 دينارًا أردنيًا، ومن يستخدم العصا في قطف الزيتون 20 دينارًا، ومن قام بالصيافة قبل الموعد المحدد يدفع غرامة تختلف قيمتها بحسب العمر، وتتراوح بين 50-100 دينار، ومن يقوم بشراء أو بيع حب الزيتون يدفع 400 دينار.
وتعيّن اللجنة الزراعية "غفراء" لحقول الزيتون، أي حُراسٌ لها، وتدفع أجورهم من المبلغ الذي يدفعه ضامن قلم الزيت، ومهمتهم حراسة الأراضي ورصد المخالفات وتسجيلها وتزويد اللجنة بها، لتقوم بدورها بتحصيلها من المخالفين.
"تحدد اللجنة الزراعية موعد تضمين قلم الزيت، وهو عبارة عن مساهمة يدفعها المزارعون عن كل كغم زيت يتم إنتاجه، إذ تم تحديد قيمتها 3 قروش أردنية، وكانت قبل ثلاثة أعوام قرشين، يقوم بتحصيلها الضامن لقلم الزيت" يقول أبو سليمة.
ولقلم الزيت طقوسٌ تتم تحت شجرة توت قديمة، إذ يجتمع المزارعون الراغبون بتضمين قلم الزيت، بحضور أعضاء اللجنة الزراعية والمواطنين، ويبدأ الدلاّل بالنداء في مزاد علني تكون مدته 45 دقيقة، يتم فيها تضمين قلم الزيت لمن يدفع أعلى سعر مع انتهاء الموعد.
هذا العام تم تضمين قلم الزيت بمبلغ 9200 دينار لصالح المزارع عبد الناصر اشتيه
وهذا العام تم تضمين قلم الزيت بمبلغ 9200 دينار لصالح المزارع عبد الناصر اشتيه، إذ يدفع المزارعون في المزاد العلني 10% عن كل مبلغ يطرحه، ويلتزم بدفعها من يرسو عليه المزاد، في حين يستردها بقية المزارعين، ويدفع الضامن لقلم الزيت 50% من قيمة المبلغ قبل الموسم، وبقية المبلغ خلال وبعد الموسم.
يقول المزارع اشتية ضامن قلم الزيت، إن طقوس قلم الزيت "بمثابة عيد سلفيتي، تتميز به فقط مدينة سلفيت وتوارثناه عن أجدادنا، وهذه أول مرة أشارك فيها، وذلك تشجيعًا لبلدية سلفيت واللجنة الزراعية، لأن قلم الزيت يعود بالفائدة علينا جميعا".
وأضاف اشتية، أنه قبل موعد قلم الزيت قام بجولةٍ على حقول الزيتون، وهو ما يقوم به عادة من يرغب بضمان قلم الزيت، ليقيّم الموسم وإنتاجه ويقدر المبلغ الذي سيطرحه في المزاد.
وبيّن أنه قام أيضًا بجولة على معاصر الزيتون، وطلب منهم تسجيل الاسم الثلاثي لكل مزارع ورقم هاتفه وكمية إنتاجه للزيت، ليقوم هو خلال الموسم وبعده بجمع مساهماتهم. ولتسهيل مهمته، تنادي البلدية عبر مكبرات الصوت في الجامع معلنة عن مكان وجود الضامن لقلم الزيت والتاريخ المحدد ليتوافد المواطنون ويدفعون ما عليهم.
وأشار اشتية إلى أن البلدية تدفع المبالغ المترتبة على المواطنين الذين لا يتابعون إعلان البلدية ويتأخرون في تسديد المستحقات عليهم، ثم تتولى البلدية تحصيل هذه المبالغ عند حضورهم لدفع الضرائب التي عليهم للبلدية.
اقرأ/ي أيضًا:
فيديو | أهالي عانين يعانون: قطف الزيتون بتوقيت جنود الاحتلال