14-يوليو-2024
المناطق الآمنة

مرة أخرى، يقصف الاحتلال منطقة في قطاع غزة كان قد أعلن أنها منطقة آمنة، ودعا السكان والنازحين في مناطق يهاجمها برًا وجوًا إلى التوجه لها حفاظًا على حياتهم. على هذا النحو، ارتكب الاحتلال عشرات المجازر منذ إطلاق حربه على قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر.

مزاعم المناطق الآمنة لا تنفيها الجهات المسؤولة في قطاع غزة فقط، بل يُكذبها أيضًا المسؤولون الأمميون

أحدث المجازر في المناطق الآمنة كانت يوم السبت في مواصي خانيونس، وراح ضحيتها 90 شهيدًا، نصفهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى 300 إصابة، نصفهم أيضًا من الأطفال والنساء، وفقًا لما أفاد به المكتب الإعلامي الحكومي.

ومنطقة المواصي تمتد على طول الشريط الساحلي للبحر المتوسط، على مسافة 12 كيلو مترًا وبعمق كيلو متر واحد، من دير البلح شمالاً، مرورًا بمحافظة خان يونس وحتى رفح جنوبًا، ويطلق الاحتلال عليها في العادة وصف "منطقة إنسانية".

ورغم إعلانها منطقة إنسانية، فقد شهدت منطقة المواصي حتى يوم السبت أربع مجازر، إحداها كانت في 27 أيار/مايو -في مواصي رفح- راح ضحيتها 22 شهيدًا. حينها، أفاد المكتب الإعلامي الحكومي أن جيش الاحتلال قتل 72 نازحًا خلال 48 ساعة بقصف خيام النازحين في مناطق زعم أنها آمنة غرب محافظة رفح.

وجاءت مجزرة السبت في مواصي خانيونس، بعد ساعات فقط من إعلان الدفاع المدني في غزة عن استشهاد عدد من المدنيين بعد تقدمهم لغرب منطقة تل الهوى، عقب استدراجهم من الاحتلال وإشعارهم أن المنطقة آمنة.

وقبل أيام، عندما شرع الاحتلال بهجوم على عدد من أحياء مدينة غزة، نشر خرائط قال إنها لمناطق آمنة يمكن النزوح إليها، لكن سرعان ما نفى المكتب الإعلامي الحكومي مزاعم الاحتلال، وأكد أنها "تهدف لاستدراجهم إلى أفخاخ الموت والقتل والإعدامات الميدانية".

مزاعم المناطق الآمنة لا تنفيها الجهات المسؤولة في قطاع غزة فقط، بل يُكذبها أيضًا المسؤولون الأمميون، فبعد نشر الاحتلال خارطته الأسبوع الماضي، أكد مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس، أنه "لا مكان آمنا في قطاع غزة"، مبينًا أن "أوامر الإخلاء في مدينة غزة تعرقل تقديم الرعاية المنقذة للحياة".

المقررة الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز، علقت أيضًا على مجزرة مواصي خانيونس بالقول إنها وقعت في منطقة طلبت إسرائيل نفسها اللجوء إليها، رافضة المبرر الإسرائيلي المتكرر بأن القصف استهدف مسلحين فلسطينيين.

وسبق أن أدلى المفوض العام لوكالة "أونروا" فيليب لازاريني بتصريحات مشابهة في شهر أيار/مايو الماضي، حيث قال إن "الادعاء بأن سكان غزة يمكنهم الانتقال إلى مناطق آمنة، كاذب"، مؤكدًا أن غزة لا يوجد بها مكان آمن.

وفي شهر حزيران/يونيو، أكد أجيث سانجاي، مدير مكتب المفوضية الأممية في فلسطين، أن إسرائيل تستهدف السكان في مناطق تُعلنها آمنة.

هذا التكذيب للإعلانات الإسرائيلية عن مناطق آمنة لم يأت إلا بعد سلسلة الاستهدافات للمدنيين في هذه المناطق الآمنة. ففي بداية شهر كانون ثاني/يناير الماضي، أكد المكتب الإعلامي الحكومي أن جيش الاحتلال -حتى ذلك اليوم- كرر جريمة قصف المناطق الآمنة 48 مرة في 90 يومًا من الحرب.

وأضاف المكتب الإعلامي، آنذاك، أن الاحتلال ارتكب ستّ مجازر خلال ثلاثة أيام، من خلال إرغام المدنيين على النزوح من منازلهم إلى مناطق أخرى زعم أنها آمنة في مدينة رفح، وقد أسفر عن ذلك ارتقاء 31 شهيدًا.

وبدأت سياسة قصف المناطق الآمنة باكرًا في الحرب الإسرائيلية على غزة، فمنذ الأيام الأولى كان جيش الاحتلال يدعو سكان شمال قطاع غزة إلى التوجه لجنوب القطاع بزعم أنها مناطق آمنة، إلا أن وزارة الصحة أعلنت بعد 18 يومًا من الحرب أن 65% من ضحايا العدوان موجودون في جنوب القطاع.