06-أكتوبر-2024
مهند عبد الرحمن: كنت في سديه تيمان

مهند عبد الرحمن يروي تفاصيل ما جرى معه في سجن سديه تيمان

يستعرض الترا فلسطين في سلسلة المواد الحالية، تجربة الاعتقال في معسكر "سديه تيمان"، عبر شهادة أسير غزي، اعتقل من القطاع خلال العدوان المتواصل، وعاش فترة في معسكر الاعتقال "سديه تيمان"، الذي تحول إلى اسم بارز، نتيجة الفظائع المرتكبة فيه والموثقة في عشرات الشهادات من قبل الأسرى.

33 يومًا من الاعتقال قضاها مهند عبد الرحمن، بين سجني سديه تيمان وعوفر. يقول إنه ظل معصوب الأعين غالب الوقت، وخاط طبيب جرحًا في رأسه دون تخدير، خرج من السجن عاجزًا عن المشي، وبخلع في الكتف، ودون إحساس بيديه

وفي هذه المادة، نحاول عرض صوت الأسير مهند عبد الرحمن، الموظف في وزارة الصحة، عبر رواية التجربة الاعتقالية، وهي تجربة خاصة، تكشف عن تفاصيل محددة، دون تفاصيل أخرى عايشها الأسرى أيضًا طوال أشهر، من نقل أسرى غزة إلى "المحطة الأولى"، في رحلة عذاب طويلة.


مهنّد عبد الرحمن (29 عامًا)، أعزب، وموظّف في وزارة الصحّة بغزّة. اعتقلني جيش الاحتلال الإسرائيلي يوم 21 تشرين الثاني/نوفمبر، حيث هربت من مستشفى الشفاء بعد اقتحامه، وتوجّهت إلى معسكر الشاطئ، إلى عيادة للوكالة هناك.

وبعد أيّام حاصروا العيادة لمدّة 3 أيّام تخلّلها قصف مدفعيّ كثيف حتّى حضرت الدبّابات، وأبلغونا عند صباح أحد الأيّام بأنّ معنا 10 دقائق للخروج عبر ممرّ وإلّا سيقصف المكان.

عندما خرجت قال لي الضابط الإسرائيليّ أنت تعال، حاولت إظهار عدم الانتباه، وتكرّر الأمر مرّات عديدة، حتّى حضر وأخذني بنفسه، وضربني على كتفي، فتعرّض كتفيّ للخلع، وضرب رأسي في باب الآليّة، ما أصابه بجرح كبير.

نقلوني إلى منزل لمدّة يومين في مخيّم الشاطئ، ومن ثمّ إلى مدرسة للوكالة، وكنت مصابًا حينها، وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل حضرت دبّابات وسيّارات عسكريّة، ونقلونا جميعًا إلى الداخل، إلى "سديه تيمان".

البداية كانت في غلاف غزّة، في أوّل يوم نقلنا إلى منطقة فيها حجارة، وطلبوا منّا خلع ملابسنا، وبقينا على الحالة نفسها لمدّة 6 ساعات، حتّى جلبوا لنا الملابس، ومن ثمّ نقلنا إلى البركسات.

عُذّبنا في "سديه تيمان"، وكنت معصوب العينين والحياة مأساويّة هناك، فلا أكل ولا شرب ولا نظافة ولا ملابس ولا حمامات نظيفة.

كان الوضع مأساويًّا في "البركسات"، نبقى على الأرض ومقيدين، ومن يدوّخ ويتعب يأخذونه إلى مكان، يُضرب فيه بشكل أكبر، ويستمرّون بالعدد ومواصلة النداء عبر السمّاعات على الأسماء، ولا نعرف النوم إطلاقًا.

أمّا الإصابة، فقد قام ممرّض أو طبيب بخياطة الجرح في رأسي بعشرة قطب في نقطة طبّيّة بدون مخدّر، أمّا كتفي فضغط عليه، دون صورة طبقيّة، وبقيت على هذا الحال، وتعرّض رأسي للالتهاب.

كنّا معصوبي الأعين طوال الوقت، ونتعرّض للضرب بالعصيّ على رأسنا، ومن يسقط على الأرض لا نعرف إن كان فيه نفس أو لا، ولكن يواصلون ضربه بدون أيّ إجابة أو صوت منه، فينقلونه إلى الخارج، إلى مكان لا نعرفه، ولا يعود بعدها، ولا نعرف إن كان استشهد أو لا، وفي يوم واحد أخذوا 9 أشخاص ضربوهم بشدّة.

بعد سدّيه تيمان نقلوني إلى سجن عوفر لمدّة 8 أيّام، وعرفت بأنّني في سجن عوفر من كرتونة طعام كان مكتوبًا عليها قسم 2، وفي عوفر لم نكن نعرف أيّ شيء ولا ماذا يجري في الحرب، أو إن كانت قد انتهت.

وبعد 33 يومًا من الاعتقال، قاموا في أحد الأيّام، في الساعة 10 ليلًا بالمناداة على أسماء أسرى، وتعرّضنا للضرب الشديد على الطريق خلال النقل، وكنّا نظنّ بأنّهم ينقلوننا إلى مركز تحقيق أو تعذيب أو سجن آخر، ولكن نقلونا بالحافلات إلى كرم أبو سالم، وهناك قالوا لنا: "يلّا على بيتك إذا بضل (تبقى) هوّن بطخك"، فقام بعض الشباب بحملي حيث كنت عاجزًا عن السير من الإصابات.

لديّ كسر في الريش، وقطب في الرأس، وفقدت الإحساس بيدي بسبب المرابط، ولدي خلع في الكتف لا يوجد له علاج، والأطبّاء قالوا لي إنّ "عليّ الانتظار إلى ما بعد الحرب، كي تجرى صورة طبقيّة له".