14-أغسطس-2024
الاستيطان الرعوي والصندوق القومي اليهودي

المزارع الرعوي أصبحت في السنوات الأخيرة هي النوع الأكثر شيوعًا من البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية

ألغت كندا إعفاء الصندوق القومي اليهودي ومؤسسة "نئمان" اليهودية من الضرائب، مع ترجيحات بكون الأمر يرتبط في نشاط هذه الصناديق والمؤسسات في الاستيطان بالضفة الغربية.

وقالت "هآرتس"، إن قرار الحكومة الكندية ضد الصندوق القومي اليهودي ومؤسسة "نئمان"، صدر، يوم الإثنين من الأسبوع الحالي، دون توضيح سبب القرار، بينما تؤكد جماعات مؤيدة لفلسطين أن القرار يرجع إلى الشكاوى التي قدمتها إلى السلطات الضريبية الكندية، وأوضحت فيها أن الصندوق اليهودي ومنظمة "نئمان" تعملان على تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية.

القرارات دخلت حيز التنفيذ على الفور، وهي تعني منع الأفراد والمنظمات التي صدرت ضدها من زيارة كندا أو جمع التبرعات أو الاحتفاظ بأصول فيها

وأشارت هآرتس إلى أن الصندوق القومي اليهودي "يمول مشاريع للشباب (المستوطنين) في البؤر الاستيطانية غير المرخصة (من جيش الاحتلال والحكومة) في الضفة الغربية".

وجاء القرار الكندي ضد الصندوق القومي اليهودي بعد نحو شهرين من قرار بفرض عقوبات على منظمة "أمانا"، وهي منظمة استيطانية رائدة، وكذلك على دانييلا فايس، الناشطة البارزة في الاستيطان في الضفة الغربية.

وتُعدّ "دانييلا فايس"، التي وُلدت في "بني براك" عام 1945، إحدى أبرز الشخصيات الداعمة للاستيطان، وشاركت في تنفيذ اعتداءات استهدفت أهالي قلقيلية في نهاية عقد الثمانينات، وترأست مجلس مستوطنة "كدوميم" منذ عام 1996 حتى 2001، وهي ابنة لعضوين في منظمة "شتيرين" الإرهابية التي نفذت مجزرة دير ياسين.

وتدير شركة "أمانا"، بقيادة زئيف حيفر "زامبيش" -وهو شخصية مقربة من بنيامين نتنياهو- شركة بناء تجارية استيطانية تحمل الاسم ذاته، "أمانا"، وتهدف لرفع عدد المستوطنين في الضفة الغربية إلى مليون شخص. كما طور زئيف حيفر "زامبيش" نوعًا إضافيًا من البؤر الاستيطانية بهدف إيجاد احتكاكات ومواجهات يومية مع الفلسطينيين، وهي مزارع الرعاة الاستيطانية.

ويقدم زئيف حيفر "زامبيش"، المدير العام لشركة "أمانا" الاستيطانية، الميزانيات لهذه المزارع الاستيطانية، وجزءٌ من منها يأتي من التعاون مع وحدة الاستيطان التابعة لوزارة الاستيطان والمهام القومية.

وزئيف حيفر من مواليد 1954، أحد رؤساء مجلس المستوطنات في الضفة الغربية، وكان قد شغل منصب رئيس بلدية مستوطنة كريات أربع المقامة في الخليل، وهو من قادة التنظيم اليهودي السري الإرهابي الذي نفذ عمليات دموية ضد الفلسطينيين، وكان على وشك نسف المسجد الأقصى، ثم تحول قادته مع مرور الزمن إلى صف "النخبة" في إسرائيل.

وقالت "هآرتس"، إن القرارات الكندية تضع دولة كندا ضمن الموجة الدولية من العقوبات ضد الكيانات المرتبطة بالمستوطنات، مبينة أن القرارات دخلت حيز التنفيذ على الفور، وهي تعني منع الأفراد والمنظمات التي صدرت ضدها من زيارة كندا أو جمع التبرعات أو الاحتفاظ بأصول فيها. كما أن المواطنين الكنديين الذين يتعاملون مع منظمة "أمانا" سيواجهون اتهامات جنائية.

وأوضح أنس أبو عرقوب، الباحث والصحفي المتخصص في الشأن الإسرائيلي، أن الصندوق القومي اليهودي يلعب دورًا حاسمًا في دعم الاستيطان الرعوي في الضفة الغربية، وقد خصص أربعة ملايين شيكل خلال العامين الماضيين لدعم البؤر الاستيطانية الرعوية غير المرخصة.

وبيّن أنس أبو عرقوب لـ"الترا فلسطين"، أن هذا التمويل يُقدم تحت ذريعة تنفيذ مشروع لإعادة تأهيل الشباب المتسربين من المدارس الذين يعيشون في البؤر الاستيطانية، ولكن الأموال تُحول فعليًا إلى منظمات تدعم إقامة بؤر استيطانية تستولي على الأراضي وتنفذ أعمال عنف بحق أصحاب الأراضي الفلسطينيين والأهالي في المناطق التي أقيمت البؤر بجوارها.

وقال: "بين المنظمات المستفيدة من دعم الصندوق القومي اليهودي، منظمة شيفات صهيون، التي تلقت نصف مليون شيكل سابقًا، ثم 1.75 مليون شيكل إضافية قبل عامين، وتعمل تحت رعايتها منظمة أرضنا، التي تُشجع المتطوعين على الانضمام إلى المزارع الاستيطانية غير القانونية، وتُدير عدة مزارع في الضفة الغربية".

وأضاف أنس أبو عرقوب، أن المزارع الاستيطانية أصبحت في السنوات الأخيرة هي النوع الأكثر شيوعًا من البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، وهي تُقام غالبًا على الأراضي الأميرية أو الأراضي الفلسطينية الخاصة، وتسيطر على مساحات واسعة رغم قلة عدد السكان فيها، مما يسهم في تقليص مساحة الرعي المتاحة للفلسطينيين.

الصندوق القومي اليهودي يلعب دورًا حاسمًا في دعم الاستيطان الرعوي في الضفة الغربية، التي أصبحت في السنوات الأخيرة هي النوع الأكثر شيوعًا من البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية

يُذكر أن الصندوق القومي اليهودي أنشئ في عام 1901 بهدف جمع الأموال من اليهود لشراء الأراضي في فلسطين، التي كانت حينها تحت الحكم العثماني، وتمويل الاستيطان اليهودي فيها.

ولعب الصندوق القومي اليهودي دورًا رئيسيًا في بناء المستوطنات في فلسطين خلال فترة الانتداب البريطاني، ثم في إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة. وبحلول عام 2007، كان الصندوق القومي اليهودي يمتلك حوالي 13% من مجمل الأراضي في إسرائيل. وتم تعديل مهامه عبر السنوات ليشمل استصلاح الأراضي وتشجيرها، ودعم استيعاب المهاجرين الجدد، وتوفير فرص العمل والخدمات الصحية، بالإضافة إلى تمويل التعليم الصهيوني في إسرائيل وخارجها.