25-يونيو-2024
الصرف الصحي في غزة

بواسطة حجارة الأرصفة وأكوام الطين، اضطر الشاب عدي حلّس، 40 عامًا، النازح من حي الشجاعية إلى دير البلح وسط قطاع غزة، إنشاء ممر يساعد والدته المسنّة على عبور الشارع الذي تغمره مياه الصرف الصحي باستمرار.

يقول حلّس لـ "الترا فلسطين" إن معاناتهم مع طفح مياه الصرف الصحي بدأت منذ نزوحهم إلى شارع الـ 24 في حي البسطة في دير البلح قبل ستة أشهر، بسبب قصف إسرائيلي استهدف الخط الرئيسي لتصريف مياه الصرف الصحي.

تغمر مياه الصرف الصحي منذ عدة أشهر عدة مناطق وأحياء رئيسية في دير البلح، منها منطقة المعسكر، وكلية فلسطين التقنية، وشارع الـ 24 في حي البسطة ومفترق النخيل الحيوي

وأشار إلى أن بلدية دير البلح ومؤسسات دولية حاولت إصلاح الشبكة عدة مرات، لكن المشكلة لا تزال قائمة، وما زالت معاناة النازحين في التنقل مستمرة، وأوضح أن مشكلة طفح مياه الصرف الصحي أثرت سلبًا على حياة النازحين في المنطقة، حيث انتشرت الأمراض بشكل كبير خاصة بين الأطفال وكبار السن.

وأعرب حلّس عن أسفه من انتشار البعوض والحشرات بكثرة في خيام النازحين، الذي يحرمهم من النوم أو الراحة بسبب الروائح الكريهة والمياه المتدفقة باستمرار.

وتغمر مياه الصرف الصحي منذ عدة أشهر عدة مناطق وأحياء رئيسية في دير البلح، منها منطقة المعسكر، وكلية فلسطين التقنية، وشارع الـ 24 في حي البسطة ومفترق النخيل الحيوي، نتيجة تدمير طائرات الاحتلال لعدد من خطوط التصريف الرئيسية، وازدياد عدد النازحين في المدينة بعد اجتياح مدينة رفح.

يجلس محمد أبو دية، 35 عامًا، أمام منزله قرب كلية فلسطين يراقب حركة الأطفال، وهم يقطعون الشارع وسط تدفق مياه الصرف الصحي، معربًا عن خشيته من سقوط أحدهم فيها.

يقول أبو دية لـ "الترا فلسطين" إن معاناتهم من طفح الصرف الصحي بدأت مع قدوم أعداد كبيرة من النازحين للسكن في مبنى الكلية والأراضي المحيطة بها، إضافة إلى الأضرار التي لحقت بخط التصريف نتيجة القصف الإسرائيلي.

وأشار أبو دية إلى أن منسوب مياه الصرف الصحي انخفض بعد دخولها سابقًا إلى بعض المنازل وخيام النازحين بفضل تدخلات البلدية، إلا أن المشكلة لا تزال قائمة.

وأعرب أبو دية عن أسفه من انتشار الحشرات والنمل بين خيام النازحين ومنازل المواطنين، مشيرًا إلى أن بعض هذه الحشرات سامة، وتسبب انتفاخات في العين والوجه خاصة لدى الأطفال.

استقرت المسنة نرمين مهنا، 60 عامًا، النازحة من حي النصر بمدينة غزة، في دير البلح بعد خمس رحلات من النزوح، وقالت لـ "الترا فلسطين": "رضينا بدمار بيوتنا وحياة الخيام، لكن لم نكن نتوقع أن تفيض علينا مياه المجاري".

تضيف مهنا بأسف، أن أولادها وأولاد ابنتها أصيبوا بالتهاب الكبد الوبائي (أ) وطفح جلدي بسبب المياه الملوثة، وأن الأطفال لا يستطيعون النوم بسبب لسعات الحشرات والبعوض.

عدة أسباب مجتمعة تقف وراء طفح مياه الصرف الصحي في عدة أحياء بدير البلح، منها القصف الإسرائيلي لشبكة التصريف، وانقطاع التيار الكهربائي، والنقص الحاد في السولار

وتقول مهنا بلهجة مليئة بالحسرة، إنه لا يوجد غذاء صحي ولا عسل لمساعدة الأطفال على التغلب على الأمراض، خاصة التهاب الكبد الوبائي (أ).

وأوضح أحمد أبو تايه، القائم بأعمال رئيس قسم المياه والصرف الصحي في بلدية دير البلح، أن عدد سكان دير البلح قبل السابع من أكتوبر كان حوالي 100 ألف نسمة، لكن العدد ارتفع إلى 700 ألف نسمة مع بداية الحرب على قطاع غزة، مما أدى إلى ضغط كبير على شبكة الصرف الصحي.

وقال لـ "الترا فلسطين" إن عدة أسباب مجتمعة تقف وراء طفح مياه الصرف الصحي في عدة أحياء بدير البلح، منها القصف الإسرائيلي لشبكة التصريف، وانقطاع التيار الكهربائي، والنقص الحاد في السولار.

وأوضح أبو تايه أن طواقم البلدية قامت بإصلاح خط تصريف المياه في شارع الـ 24 بمنطقة البسطة بعد تدميره بفعل القصف الإسرائيلي، وتقوم الطواقم بتنظيفه مرتين أسبوعيًا، ورغم ذلك لا يزال الطفح مستمرًا بسبب توقف ضخ المياه إلى محطة البريج المركزية.

وبيّن أبو تايه أن انتشار نقاط تصريف المياه السطحية التي أحدثها النازحون في ملعب الدرة والمنطقة المحيطة به يزيد عن 50 نقطة، يعد أحد أسباب استمرار طفح المياه في الشارع.

وأوضح أبو تايه أن خط تصريف مياه الصرف الصحي قرب محطة تحلية البسطة انسد تمامًا بسبب العدد الكبير من سيارات تعبئة المياه المحلاة التي تعمل في المنطقة، إذ تسربت المياه المختلطة بالرمال من هذه السيارات إلى قناة الصرف الصحي، الذي أدى إلى انسدادها بالكامل.

طواقم البلدية عاجزة عن حل مشكلة طفح مياه الصرف الصحي في منطقة المعسكر التي يقطنها حاليًا 50 ألف نازح بسبب ضعف الإمكانيات

وأفاد بأن البلدية تشغل مضختين من أصل أربع مضخات باستخدام خط كهرباء من محطة تحلية مياه البسطة شبه يوميًا، في محاولة لتخفيف طفح مياه الصرف من الخط الذي تم إنشاؤه في العام 1998 ويحتاج إلى صيانة.

وفيما يتعلق بمشكلة كلية فلسطين التقنية، أوضح أبو تايه أن السبب الرئيس هو كثافة أعداد النازحين في المنطقة، مضيفًا أن طواقم البلدية قامت بإعادة تركيب الخط الرئيسي إلا أن مياه الصرف الصحي عادت للطفح بسبب استمرار إلقاء المخلفات في الشبكة العامة.

وعن مشكلة مفترق النخيل، أوضح أبو تايه أن السبب الرئيس لطفح مياه الصرف الصحي في هذا المفترق الحيوي هو الزيادة الكبيرة في أعداد النازحين، بالإضافة إلى إلقاء المخلفات في الشبكة العامة.

وأشار أبو تايه إلى أن شبكة الصرف الصحي في تلك المنطقة حديثة، لكنها غير مصممة لاستيعاب العدد المضاعف من السكان، الذي يؤدي إلى انسدادها باستمرار.

وأوضح أن طواقم البلدية عاجزة عن حل مشكلة طفح مياه الصرف الصحي في منطقة المعسكر التي يقطنها حاليًا 50 ألف نازح بسبب ضعف الإمكانيات، مشيرًا إلى أن البلدية طلبت مساعدة من مؤسسات دولية، لكن لم يتدخل أحد حتى الآن.