09-سبتمبر-2024
نتنياهو وشمال غزة

(Getty)

كتب رئيس تحرير صحيفة "هآرتس" ألوف بن، تحليلًا تناول فيه سلوك دولة الاحتلال الإسرائيلي في الحرب المستمرة على غزة، والحديث عن "المرحلة الرابعة" من العدوان، بناءً على قراءة ألوف بن، لسلوك نتنياهو.

وقال ألوف بن في افتتاح مقالته: "تدخل إسرائيل الآن المرحلة التالية من حربها على غزة، حيث ستسعى إلى استكمال سيطرتها على شمال قطاع غزة من الحدود السابقة إلى ممر نتساريم. ومن الممكن أن نتوقع أن تصبح هذه المنطقة بعد ذلك متاحة تدريجيًا للاستيطان اليهودي وضمها إلى إسرائيل، وفقًا لدرجة الاستنكار الدولي الذي قد تثيره مثل هذه الخطوات. إذا حدث ذلك، فإن السكان الفلسطينيين الذين سيبقون في شمال غزة سيتم طردهم، كما اقترح اللواء (احتياط) غيورا إيلاند ، تحت تهديد المجاعة وتحت غطاء ’حياتهم’ بينما يطارد الجيش الإسرائيلي نشطاء حماس في ذلك القطاع".

يحلل رئيس تحرير صحيفة "هآرتس" سلوك نتنياهو في الحرب على غزة

وأضاف بن: "لا شك أن بنيامين نتنياهو يحلم بما قد يراه أنصاره إنجازًا مدى الحياة: توسيع أراضي إسرائيل لأول مرة بعد خمسين عامًا من الانسحاب، بدءًا باتفاقيات فك الارتباط بعد حرب 1973. لقد تنازل معظم أسلافه، وكذلك هو نفسه، عن الأراضي، والآن حان الوقت لعكس هذا الاتجاه والتوسع. وسوف يكون هذا ’نصره الكامل’، و’رده الصهيوني’ على السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وعلى عمليات الاختطاف، والإذلال الرهيب الذي تعرضت له إسرائيل وجيشها على يد الفلسطينيين واللبنانيين".

واستمر في القول: "في رؤية هذه الحكومة اليمينية الإسرائيلية، التي لم تعد تهتم حقًا بإخفائها، سيواجه الفلسطينيون في شمال غزة مصير الأرمن في ناغورنو كاراباخ : لقد طردوا من المنطقة قبل عام، بين عشية وضحاها، في خطوة سريعة من جانب الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، الحليف الوثيق لإسرائيل".

وتابع ألوف بن، قائلًا: "لقد رأى ’العالم’ هذا الأمر فتحرك إلى الأمام: فما زال مائة ألف لاجئ عالقين في أرمينيا، التي لا تتعجل في دمجهم. وعلى نحو مماثل، سوف يتجمع السكان المطرودون من شمال غزة مع اللاجئين من المرحلة الأولى من الحرب في ’الجيب الإنساني’ في الجنوب".

وأضاف: "لم يبدأ هذا الدخول إلى المرحلة الجديدة من الحرب بمناورة متعددة الفرق أو بغارة جريئة. بل جاء ذلك من خلال بيان بيروقراطي صدر في الثامن والعشرين من آب/أغسطس، أعلن فيه تعيين العقيد إيلاد غورين رئيسًا للجهود الإنسانية المدنية في غزة مع وحدة منسق أنشطة الحكومة في الأراضي الفلسطينية". متابعًا القول: إن "هذا اللقب الطويل، الذي سيظل يحمله غورين إلى أن يتم العثور على اختصار عسكري مناسب، يعادل رئيس الإدارة المدنية في الضفة الغربية ـ وينبغي أن يشار إليه بشكل صحيح باسم ’حاكم غزة’. وهو تجسيد معاصر للواء موشيه غورين، الذي خدم في هذا المنصب بعد احتلال غزة في حرب 1967".

وواصل ألوف بن تحليله، سلوك نتنياهو، قائلًا: "كانت الخطوة التالية هي إصدار نتنياهو تعليماته للجيش الإسرائيلي في الأسبوع الماضي بالاستعداد لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة، بدلًا من المنظمات الدولية. وقد اعترض رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي، محذرًا من الخطر الذي قد يتهدد الجنود ومن التكاليف الباهظة. ولكن بقدر ما هو معلوم، ظل نتنياهو غير مقتنع ويصر على موقفه".

وحول هذا الموقف من نتنياهو، قال: إن "الدافع واضح: فمن يوزع الغذاء والدواء يملك زمام السلطة. وعلى طول الطريق، سوف تتاح لإسرائيل الفرصة لسحب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين من غزة إلى الأبد ـ والتي ينظر إليها اليمين باعتبارها مشروعًا معاديًا للصهيونية".

على الميدان، قال ألوف بن: "في هذه الأثناء، ستواصل حماس حكم المنطقة الواقعة بين ممر نتساريم ومحور [صلاح الدين] فيلادلفي في الجنوب، والتي تحيط بها إسرائيل وتحاصرها، والتي ستتولى الآن السيطرة على توزيع المساعدات. هذا هو معنى تصريح نتنياهو بأن الحدود بين غزة ومصر (محور صلاح الدين/ فيلادلفي) ستظل تحت السيطرة الإسرائيلية. وفي مثل هذا الوضع، يأمل نتنياهو وشركاؤه أنه بعد شتاء آخر في الخيام وبدون المرافق الأساسية، سيدرك مليونا فلسطيني محشورون في رفح وخانيونس والمواصي أنهم لا يستطيعون العودة إلى منازلهم المدمرة. وبالتالي، من المفترض أن يحرضهم اليأس ضد حكم يحيى السنوار- ويشجع الكثيرين منهم على مغادرة غزة تمامًا".

وختم بالقول: إن "تنازل نتنياهو عن إعادة الرهائن الإسرائيليين، وقراره تجاهل موقف الأغلبية في الرأي العام وتركهم يواجهون مصيرهم، يهدف إلى قلب الطاولة على السنوار: فبدلًا من أن يكونوا بمثابة أصل ورافعة للحصول على تنازلات كبيرة من إسرائيل، فإن الرهائن سيصبحون عبئًا على الفلسطينيين، فضلًا عن تبرير إسرائيل للاستمرار في الحرب والحصار والاحتلال. وهكذا تدخل إسرائيل المرحلة الثانية من حربها ضد حماس".