26-يونيو-2024
وسائل النقل في غزة

استفاق محمد مصبح من غيبوبته ليجد نفسه في المستشفى، مع عدد من الكسور في أنحاء جسده، من بينها كسر في فكه السفلي، بعد تعرضه لحادث عندما كان في طريقه لمنزله في مخيم المغازي وسط قطاع غزة.

اضطر العدد الأكبر من سائقي الأجرة في قطاع غزة للتوقف عن العمل نتيجة الحرب، أما من استمروا بعملهم، فأجبروا على إيجاد طرق يوفرون بها ثمن الوقود، عن طريق زيادة عدد الركاب ورفع أجرة النقل

أصيب محمد مصبح عندما كان يستقل عربة مخصصة للجر بواسطة الأحصنة، لكنها كانت مجرورة بواسطة سيارة، وعندما وصلت السيارة لحفرة ناتجة عن قصف إسرائيلي، انفصلت العربة عن السيارة وانقلبت، ليصاب معظم من كان على متنها.

وسائل النقل في غزة

هذه الحوادث تتكرر يوميًا في شوارع قطاع غزة، بعد أن باتت وسائل التنقل محدودة وأكثر تكلفة وخطرًا، نتيجة الشح في المحروقات والغاز وارتفاع الأسعار، الذي تسبب به منع الاحتلال دخول المحروقات والغاز لقطاع غزة.

واضطر العدد الأكبر من سائقي الأجرة في قطاع غزة للتوقف عن العمل نتيجة الحرب، أما من استمروا بعملهم، فأجبروا على إيجاد طرق يوفرون بها ثمن الوقود، عن طريق زيادة عدد الركاب ورفع أجرة النقل.

أحدث هذه الوسائل، هي جر السيارات لعربات متنوعة، منها العربات المخصصة أصلاً للجر بواسط الدواب (الكارة)، والعربات المخصصة للجر بواسطة مركبات زراعية، أو المسماة غزيًا بـ (العقلاة)، وتستوعب هذه العربات قرابة 15 راكبًا، بالإضافة لمن تقلهم السيارة.

ومن أجل توفير ثمن الوقود، يجلس في المقاعد الخلفية للسيارة 4 ركاب، وفي المقعد المجاور للسائق راكبين، ويجلس بجانب السائق راكبٌ آخر، وهذا يمنع السائق من السيطرة المثلى على المركبة.

وسائل النقل في غزة

صندوق السيارة، المخصص للأمتعة، أو المعروف محليًا باسم (الشنتة)، بات هو الآخر يحمل الركاب بدل الأمتعة، ويستوعب ثلاثة أشخاص كحد أقصى، وفي هذه الحالة يدفع الراكب أجرة أقل من التي يدفعها الركاب داخل السيارة، ورغم ذلك فإن الكثيرين يمتنعون عن الصعود بهذه الطريقة، ويعتبرونها طريقة مهينة.

وسائل النقل في غزة

السائق محمد إرحيّم، يقول إنه كان مخيرًا بين الاستسلام للواقع والتوقف عن العمل، أو أن يفكر في حل يمكنه من مواصلة عمله دون خسارة.

ويبين محمد إرحيم، أنه في البداية بدأ يحمل في سيارته (من نوع سكودا) أكثر من ضعف العدد المعتاد، "ولكن لأن السيارة لا يمكن أن تعمل بالسولار الممزوج بالزيت، وتكلفة لتر السولار الصافي وصلت 100 شيكل، كنت أخسر" حسب قوله.

ويضيف، أنه كان متخوفًا في البداية من اللجوء إلى تركيب عربة "عقلاة" في مركبته، تجنبًا للمخاطرة، لكنه لاحقًا قام بتركيب العربة، وحدد مبلغ 2 شيكل لكل راكب يستقل هذه العربة.

واستدرك، أن هذه الطريقة تتطلب السير بحذر وببطئ، "فالعقلاة" بعجلين اثنين وتتحرك بشكل غير متوازن، حسب توزيع الوزن، إضافة إلى أن جر هذا الوزن الزائد يرهق محرك السيارة، ويجعلها تستهلك وقودًا أكثر.

ويقتصر عمل محمد إرحيم على النقل لمداخل المخيمات، وليس لداخلها، فالطرق داخل المخيمات معظمها غير صالحة لسير المركبات، وسير مركبة مكتظة عليها خطر كبير.

أزمة المحروقات، زادت أيضًا الاعتماد على العربات المجرورة بواسطة الدواب، ولم يطرأ ارتفاع على أسعار النقل على متنها.

ومع الزيادة الكبيرة في استخدام هذه العربات، رصدت كاميرا الترا فلسطين، ورشة في مدينة دير البلح مخصصة لإصلاح السيارات، أصبح زبائنها من سائقي العربات المجرورة بواسطة الدواب؛ لإصلاح عجلات مركباتهم وصيانتها.

وسائل النقل في غزة

النازحة "أم ياسين"، قالت إنها تذهب يوميًا من مكان نزوحها في مخيم المغازي إلى مستشفى شهداء الأقصى، لتطمئن على ابنها المصاب في قصف إسرائيلي، ولكنها تواجه صعوبات في التنقل، مع أزمة المواصلات "التي تزداد سوءًا" حسب وصفها.

وأضافت، أن أجرة النقل في سيارة تصل إلى 7 شواكل، ولا تستطيع تحمل هذه الأجرة ذهابًا وإيابًا في هذه الظروف، ولذلك صارت تتنقل في العربة المجرورة بواسطة الدواب (الكارة)، وغالبًا ما تكون أجرتها 2 أو 3 شواكل.

وبينما يتزايد الإقبال على العربات المجرورة بالدواب والمركبات، يتراجع في المقابل استخدام الدراجة النارية ذات العربة، المعروفة باسم (التوك توك)، نتيجة وصول سعر تعبئة جرة الغاز الطبيعي (12 كغم) إلى 1200 شيكل، بعدما كانت وسيلة نقل، أجرتها أقل من السيارات، وأكثر قدرة على استيعاب عدد من الركاب.

بينما يتزايد الإقبال على العربات المجرورة بالدواب والمركبات، يتراجع في المقابل استخدام الدراجة النارية ذات العربة، المعروفة باسم (التوك توك)، نتيجة وصول سعر تعبئة جرة الغاز الطبيعي (12 كغم) إلى 1200 شيكل

أما الدراجات الهوائية، فمازالت وسيلة نقل رئيسية للأفراد، ولكن مستخدموها وإن نجوا من أزمة المحروقات فإنهم لم ينجوا من العناء الناتج عن تضرر كافة الطرقات في قطاع غزة بعد الحرب.

خالد حجاج، يقول إنه منذ أشهر لم يستقل أي سيارة، ويتنقل في المنطقة الوسطى بواسطة دراجته الهوائية، ويؤدي التزامات البيت الخارجية، مثل إحضار المياه الصالحة للشرب، والتسوق، وغيرها من المهام من خلال الدراجة.

وسائل النقل في غزة

يعُدّ خالد حجاج، الدراجة وسيلة نقل جيدة، "فهي لا تستهلك المحروقات، ولكن مع تضرر الطرقات بفعل القصف وانتشار الشظايا في كل مكان، والزجاج المتناثر على الأرض، وأثر سير الدبابات، تتعرض إطارات الدراجة للثقب يوميًا، وأحتاج لإصلاحها، ومع تكرر الثقوب قد أحتاج لتغيير الإطار الخارجي والداخلي، وهذه أسعارها مرتفعة الآن، إن كانت متوفرة".

ويوضح، أن تكلفة إصلاح الدراجة قد تعادل أجرة التنقل من خلال السيارة، وأنه يحتار أحيانًا هل يركز في الطريق ليتفادى حادث سير، أو يسلط نظره بالأسفل على مسار سير الدراجة ليتفادي أسباب ثقب الإطار.

ومع محدودية وسائل النقل وتكلفتها المرتفعة، بات التنقل من خلال السير على الأقدام حتى في المسافات البعيدة، الخيار الوحيد للكثيرين، خاصة مع انعدام الدخل لفئات كبيرة، في وسط ظروف الحرب والنزوح.