الترا فلسطين | فريق التحرير
تقدم ملف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال ليحل بين أبرز المواضيع التي تتناولها الصحافة العالمية في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، في ظل الهدنة المؤقتة بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي، التي تضمنت صفقة تبادل بين أسيرات وأسرى أطفال مقابل محتجزات وأطفالهن من المستوطنين في قطاع غزة.
يزيد إجمالي عدد الأسرى الذين زجّ بهم الاحتلال في سجونه منذ عام 1967 عن مليون فلسطيني، ويشمل هذا العدد أطفالاً لم تتجاوز أعمارهم 12 سنة
ملف الأسرى الفلسطينيين زادت سخونته منذ عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين أول/أكتوبر، حيث شرعت إدارة سجون الاحتلال بتنفيذ إجراءات انتقامية بتعليمات مباشرة من وزير الأمن القومي، الإرهابي ايتمار بن غفير. لكن هذا الملف هو أحد أبرز الملفات المعقدة في تاريخ النضال الفلسطيني، وهو أحد أبرز الأسباب التي أطلقت لأجلها كتائب القسام عملية طوفان الأقصى، حاملة معها وعودًا بتبييض السجون واستعادة جميع الأسرى من خلف القضبان.
تعرف على عدد الأسرى في سجون الاحتلال
يزيد إجمالي عدد الأسرى الذين زجّ بهم الاحتلال في سجونه منذ عام 1967 عن مليون فلسطيني، ويشمل هذا العدد أطفالاً لم تتجاوز أعمارهم 12 سنة، وفقًا لتقرير نشرته الأمم المتحدة في شهر تشرين ثاني/نوفمبر 2023.
ويؤكد تقرير الأمم المتحدة أن 600 ألف فلسطيني تعرضوا للاعتقال لأسبوع أو أكثر بين 1967، وهي سنة احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وشرق القدس، وبين 1988، وهي السنة الأولى من عمر انتفاضة الحجارة، الانتفاضة الفلسطينية الأولى.
وحتى تاريخ 7 تشرين أول/أكتوبر، عندما نفذت كتائب القسام عملية طوفان الأقصى، كان عدد الأسرى في سجون الاحتلال يزيد عن 7 آلاف أسير، بينهم أكثر من 200 طفلًا، و78 معتقلة، ومئات المرضى والجرحى، بينهم من بحاجة لتدخل طبي عاجل، وفقًا لمعطيات نادي الأسير الفلسطيني.
بعد عملية طوفان الأقصى، بدأ جيش الاحتلال حملات اعتقال كبيرة ويومية في الضفة الغربية، وحتى تاريخ 3 كانون أول/ديسمبر، بعد 57 يومًا من عملية طوفان الأقصى، تم تسجيل 3480 حالة اعتقال، وفقًا لمعطيات نادي الأسير، بينهم عمالٌ من قطاع غزة انتقلوا من الخط الأخضر إلى الضفة الغربية، بعدما أغلق جيش الاحتلال معبر كرم أبو سالم فور تنفيذ عملية طوفان الأقصى، وتعذر عليهم العودة إلى قطاع غزة.
لكن هذا العدد (3480) مايزال أقل من العدد الحقيقي لحالات الاعتقال، إذ أن عدد الأسرى من قطاع غزة ممن اعتقلوا في الهجوم البري، وبينهم نساء، مايزال مجهولاً، وكذلك الأسرى من كتائب القسام الذين ادعى جيش الاحتلال اعتقالهم أثناء عبورهم لمستوطنات غلاف قطاع غزة، ولم يفصح عن عددهم أو هوية أي منهم. وأكدت أسيرات تحررن في إطار صفقات التبادل، أن هناك 10 أسيرات على الأقل من قطاع غزة في سجون الاحتلال، ويتعرضن لإجراءات تنكيلية صعبة، وهن أمهات تم أخذهن قبل بدء الهدنة بشكل عشوائي لإبعادهن عن أطفالهن من منطقة جباليا والشيخ رضوان.
ومنذ تاريخ 19 تشرين أول/أكتوبر، أي بعد 12 يومًا من عملية طوفان الأقصى، زاد عدد الأسرى في سجون الاحتلال عن 10 آلاف أسير. ورغم أن صفقات تبادل حدثت بعد ذلك، تم بموجبها الإفراج عن أكثر من 200 أسيرة وطفل، غير أن جيش الاحتلال اعتقل في هذه الفترة ما يزيد عن هذا العدد، وبالتالي فإن عدد الأسرى في سجون الاحتلال حتى بداية شهر كانون أول/ديسمبر مايزال أكثر من 10 آلاف أسير.
وإلى جانب حملات الاعتقال الكبيرة، كثّف الاحتلال من إصدار أوامر اعتقال إداري، وهي أوامر اعتقال لستة شهور بدون تهمة أو محاكمة، وقد صدرت بحق الغالبية العظمى من الأسرى الذين تم اعتقالهم بعد عملية طوفان الأقصى. وبلغ عدد أوامر الاعتقال الإداري الصادرة في شهر تشرين أول/أكتوبر فقط، 1034 أمر اعتقال إداريّ، من بينها 904 أمر اعتقال إداري جديد، و130 أمرًا بتجديد الاعتقال الإداري لأسير في السجون.
أسماء الاسرى في سجون الاحتلال
يقبع في سجون الاحتلال أسرى معتقلون منذ ما قبل اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير والاحتلال الإسرائيلي، الذي كان ينص على الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين، غير أن الاحتلال لم يلتزم به حرفيًا، وما يزال أكثر من 20 أسيرًا منهم في السجون حتى الآن. إلى جانب ذلك، يعتقل الاحتلال في سجونه 550 أسيرًا محكومين بالسجن المؤبد، غير مقيد بحد الـ25 عامًا، بينهم أسرى منذ الانتفاضة الثانية، وعددٌ منهم قادة في الفصائل الفلسطينية.
ونظرًا للعدد الكبير من الأسرى في سجون الاحتلال، يستعرض الترا فلسطين في هذا المقال أبرز أسماء الأسرى في سجون الاحتلال، وهم من الأسرى القدامى الذين يقضون أحكامًا عالية:
مروان البرغوثي
مروان البرغوثي، ولد عام 1959 في بلدة كوبر شمال غرب رام الله، ويُعتبر من أبرز الأسرى في سجون الاحتلال، فهو قياديٌ في حركة فتح، ونائب في المجلس التشريعي، يتهمه الاحتلال بتشكيل كتائب شهداء الأقصى خلال انتفاضة الأقصى، والوقوف وراء عمليات مقاومة، وهو محكوم بالسجن 5 مؤبدات، لكن رغم مرور 21 سنة على اعتقاله، إلا أن مروان البرغوثي يحظى بشعبية كبيرة بين أنصار حركة فتح.
عباس السيد
ولد عباس السيد في طولكرم عام 1966، وهو من مؤسسي كتائب القسام في الضفة الغربية وقائدها حتى اعتقاله.
يُعتبر عباس السيد من أبرز قادة انتفاضة الأقصى، ويتهمه الاحتلال بالوقوف خلف عمليات تفجيرية كبيرة، أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 135 إسرائيليًا. اعتقل الاحتلال عباس السيد في شهر أيار/مايو 2022، بعد محاولات اغتيال ومطاردة طويلة، ثم حكم عليه بالسجن المؤبد 35 مرة. يحمل عباس السيد درجة البكالوريوس في هندسة الميكانيك، بعد اعتقاله حصل على درجة الماجستير في تخصصين مختلفين.
أحمد سعدات
ولد أحمد سعدات في عام 1953، وهو الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومن قادة انتفاضة الأقصى. اتهم الاحتلال، أحمد سعدات، بالوقوف وراء عملية اغتيال الوزير الإسرائيلي رحبعام زئيفي، وعلى خلفية هذه القضية، اعتُقل أحمد سعدات مع أسرى آخرين من قادة الجبهة الشعبية، وهم عاهد أبو غلمي ومجدي الريماوي وحمد قرعان وياسر أبو تركي وعمرو هميل في سجن أريحا لدى السلطة الفلسطينية، تحت رقابة أمريكية وبريطانية، غير أن جيش الاحتلال اقتحم سجن أريحا، واعتقلهم من هناك، وأصدر بحقهم أحكامًا مختلفة، وكان الحكم على أحمد سعدات هو السجن 30 سنة.
محمود العارضة
ولد محمود العارضة 1975 في بلدة عرابة شمال جنين، والتحق بحركة الجهاد الإسلامي، وهو من قادة أسرى الجهاد في سجون الاحتلال. اعتقل الاحتلال محمود العارضة عام 1996، وحكم عليه بالسجن المؤبد.
خلال اعتقاله، حاول محمود العارضة أكثر من مرة تنفيذ عملية هروب من السجن، إحداهما في عام 2014، عندما كان أسيرًا في سجن شطة. وكرر محمود العارضة المحاولة في شهر أيلول/سبتمبر من عام 2021، ولكن هذه المرة كُتب لعملية الهروب النجاح، ورافقه فيها الأسرى محمد العارضة، وأيهم كممجي، ونضال نفيعات، ويعقوب القادري، وهم من أسرى الجهاد الإسلامي، وزكريا الزبيدي من أسرى حركة فتح.
بعد أربعة أيام من تحرير أنفسهم، اعتقل الاحتلال محمود العارضة ومعه يعقوب قادري، وخضع لتحقيق شديد وتعذيب، انتهت بالحكم بإضافة خمس سنوات جديدة لحكم المؤبد. وبعدما أعاد الاحتلال اعتقال الأسرى الستة، أعلن أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، أن المقاومة ستفرض على الاحتلال الإفراج عنهم في صفقة تبادل قائمة، وهو ما يأمل الأسرى وعائلاتهم أن يتحقق في صفقة التبادل المرتقبة، بعدما نجحت كتائب القسام وسرايا القدس في أسر عشرات الجنود أثناء عملية طوفان الأقصى.
إبراهيم حامد
ولد إبراهيم حامد في بلدة سلواد شرق رام الله عام 1965، وهو قائد كتائب القسام، ويتهمه الاحتلال بالوقوف خلف سلسلة عمليات تفجيرية، أدت العمليات الخمسة الأكبر منها إلى مقتل أكثر من 50 إسرائيليًا، قبل أن يتم اعتقاله عام 2006.
تعرض إبراهيم حامد بعد اعتقاله لعزل انفرادي طويل، وتعذيب نفسي وجسدي أثناء التحقيق معه، قبل أن ينتهي الأمر إلى الحكم عليه بالسجن المؤبد 54 مرة.
وليد دقة
ولد الأسير وليد دقة في عام 1962 في بلدة باقة الغربية داخل الخط الأخضر، وهو أحد الأسرى القدامى المعتقلين منذ ما قبل اتفاق أوسلو، إذ اعتقله الاحتلال عام 1986، وحكم عليه بالإعدام، لكنه خفف الحكم لاحقًا إلى السجن 37 سنة.
يُعتبر الأسير وليد دقة من مفكري الحركة الأسيرة، وكتب خلال اعتقاله كتابًا بعنوان "صهر الوعي"، ورواية في أدب اليافعين عنوانها "حكاية سر الزيت".
وخلال اعتقاله تزوج الأسير وليد دقة من سناء سلامة، ثم في عام 2021 رزق منها بطفلتهما "ميلاد"، عن طريق تهريب نطفة من خلف القضبان. ومؤخرًا، تم اكتشاف إصابة الأسير وليد دقة بنوع نادر من السرطان، وعلى إثر ذلك تدهور وضعه الصحي، وانطلقت حملة قانونية وإعلامية للمطالبة بالإفراج عنه، غير أن لجان الاحتلال التي نظرت في الطلبات رفضتها.
نائل البرغوثي
ولد نائل البرغوثي في بلدة كوبر شمال غرب رام الله عام 1957، واعتقله الاحتلال عام 1977 بتهمة تنفيذ عملية قتل مستوطن، برفقة ابن عمه فخري البرغوثي. تحرر نائل البرغوثي، وفخري البرغوثي، في صفقة التبادل "وفاء الأحرار" التي أبرمتها حركة حماس مع الاحتلال الإسرائيلي، بعد أسرها الجندي جلعاد شاليط.
عند تحرره، كان نائل البرغوثي قد أمضى 34 سنة متواصلة في سجون الاحتلال، وهي أطول فترة اعتقال لأسير فلسطيني، ليحمل منذ ذلك الحين لقب عميد الأسرى الفلسطينيين. وبعد تحرره، تزوج نائل البرغوثي من الناشطة في مجال الأسرى إيمان نافع، ولكن الاحتلال أعاد اعتقاله بعدما نفذت خلية لكتائب القسام عملية قتل ثلاثة أسرى ثم إخفاء جثثهم، وبعد ذلك أعاد له الحكم السابق.
والأسير نائل البرغوثي، هو أحد 50 أسيرًا من محرري "وفاء الأحرار" الذين أعاد لهم الأحكام السابقة، ومايزال أغلبهم في الاعتقال، ينتظرون صفقة تبادل جديدة، خاصة أن كتائب القسام التي أسرت الجندي نجحت في أسر الجنود شاؤول أورون وهدار غولدن وهشام السيد وأبراهام منغستو، واشترطت الإفراج عن جميع أسرى "وفاء الأحرار" قبل المضي في أي صفقة تبادل جديدة، قبل أن تنجح مرة أخرى في أسر عشرات الجنود في إطار عملية طوفان الأقصى، وتؤكد أنها لن تقبل بأقل من تبييض السجون ثمنًا للإفراج عن الأسرى لديها.
حسن سلامة
ولد حسن سلامة في مخيم خانيونس عام 1971، لعائلة تعود أصولها إلى بلدة الخيمة في قضاء الرملة. ومنذ انطلاق انتفاضة الحجارة، التحق حسن سلامة بأنشطة المقاومة، وتعرض لعدة اعتقالات، ثم في تسعينات القرن العشرين، انضم إلى كتائب القسام، وتدرج فيها حتى أصبح قريبًا من محمد الضيف، القائد العام لكتائب القسام حاليًا، وكذلك من المهندس الشهيد يحيى عياش، وشارك معه في تشكيل خلاية جهادية في الضفة الغربية.
يتهم الاحتلال، حسن سلامة بالوقوف خلف عمليات أسفرت عن مقتل 46 إسرائيليًا. وفي عام 1996، أصيب برصاص الاحتلال، ونقل إلى مستشفى الخليل لتلقي العلاج من إصابته في قدمه، ليقتحم جيش الاحتلال المستشفى ويعتقله، وكان ذلك تحديدًا بتاريخ 17 أيار/مايو 1996.
حكم الاحتلال على حسن سلامة بالسجن المؤبد 48 مرة، ووضعه في العزل الانفرادي 13 سنة، ثم أنهى عزله عام 2012 بعد إضراب عن الطعام خاضه الأسرى وأدى لإنهاء عزل جميع الأسرى المعزولين. وأدرجت حركة حماس اسم حسن سلامة في قائمة الأسرى المطلوب الإفراج عنهم في صفقة "وفاء الأحرار"، غير أن الاحتلال أصرّ على رفض هذا الطلب.
عبد الله البرغوثي
ولد عبد الله البرغوثي عام 1972 في الكويت، وهو من بلدة بيت ريما شمال غرب رام الله. يحمل عبد الله البرغوثي الجنسية الأردنية، ولا يحمل هوية فلسطينية بسبب وجود عائلته منذ وقت طويل في الكويت، غير أنه دخل فلسطين بتصريح زيارة، واستقر فيها، والتحق بكتائب القسام، وأشرف على عدة عمليات يقول الاحتلال إن عدد القتلى نتيجة لها بلغ 66 قتيلاً، ليصبح أحد أبرز المطاردين للاحتلال، قبل أن يتم اعتقاله في شهر آذار/مارس 2003.
حكم الاحتلال على عبد الله البرغوثي بالسجن المؤبد 67 مرة، وهو أعلى حكم لأسير فلسطيني. وبقي عبد الله البرغوثي في الاعتقال الإداري منذ اعتقاله في 2003 حتى عام 2012، عندما خاض إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، انتهى بإنهاء عزله الانفرادي.
الأسرى الشهداء
استُشهد 243 أسيرًا فلسطينيًا منذ عام 1967، بينهم 6 شهداء ارتقوا بعد عملية طوفان الأقصى، كان آخرهم الشهيد الأسير ثائر أبو عصب. ومن بين 243 أسيرًا استشهدوا لدى الاحتلال، هناك 73 أسيرًا استشهدوا نتيجة التعذيب الوحشي، و54 بسبب الإهمال الطبي المتعمّد، و74 نتيجة القتل العمد بعد الاعتقال مباشرة.
الأسرى في سجون الاحتلال.. التعذيب والانتقام
تعكف إدارة سجون الاحتلال على تطوير أساليب تعذيب جديدة ضد الأسرى الفلسطينيين، إلا أن التعذيب النفسي يعد من أكثر الوسائل التي يتم استخدامها حاليًا، فيما ركز الاحتلال على التعذيب الجسدي قبل اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000.
وقد كشف ضابط إسرائيليّ سابق قبل عدة سنوات أنّ الاستخبارات العسكرية "أمان" استخدمت أسلوب "التنويم المغناطيسي/ الإيحائي" أثناء استجواب فدائيين وقعوا في الأسر في سنوات السبعينيات والثمانينيّات.
فيما قام الاحتلال بتخدير ثلاثة أسرى فلسطينيين، وألمانيّان، خططوا لتفجير طائرة إسرائيلية، ونقلهم لمنشأة تحقيقات سّريّة في "إسرائيل"، حيث الغرف مظلمة وجدرانها خشنة، وبدأو بإثارة جنونهم، وأوهموهم بوجود أشباح وشياطين، بعد أن ارتدوا الأقنعة وتحركوا بشكل جنوني، في محاولة لجعلهم يشعرون بأنهم في مرحلة بعث ما بعد الموت.
ومن أبرز وسائل التعذيب التي يقوم بها الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين، هي تغطية الوجه والرأس، والشبح، وهو وقوف أو جلوس المعتقل في أوضاع مؤلمة لفترة زمنية طويلة، وغالبًا ما يتم إجلاس المعتقل على كرسي صغير لا تتجاوز قاعدته 25سم × 25سم، وارتفاعه حوالي 30سم وتقيد يديه إلى الخلف.
ومنذ عملية طوفان الأقصى، يقوم جنود الاحتلال بالتنكيل الجسدي جنبًا إلى جنب مع التنكيل النفسي لمعاقبة الأسرى، واستخدم أسلوب الحرمان من النوم والطعام، والحبس في غرفة ضيقة، والضرب المبرح، والتهديد بإحداث إصابات وعاهات، والحط من كرامة المعتقل، إذ يرغم المعتقل على القيام بأمور من شأنها الحط من كرامته، مثل إرغامه على تقبيل حذاء المحقق، وتعريته تعرية كاملة، وتمت مشاهدة مثل هذه الممارسات خلال شهري أكتوبر ونوفمبر المنصرمين، حيث أجبر جنود الاحتلال الأسرى على غناء النشيد الوطني الإسرائيلي، وفي حالات أخرى أجبروهم على خلع ملابسهم وقاموا بترقيمهم، إضافة إلى تهديد المعتقل من الرجال والنساء بالاغتصاب والاعتداء الجنسي عليهم أو على الزوجات والأهل، أو اعتقال الأقارب. وكانت الصحفية الأسيرة المحررة لمى خاطر أكدت في مقابلة بعد تحريرها أن ضابطًا إسرائيليًا قال لها بإنه سيدفع 21 جنديًا لاغتصابها، أو بحبس أطفالها، وحرقهم أحياء على يد السجانين الإسرائيليين.
بعد عملية طوفان الأقصى، في 7 أكتوبر، أجبر جنود الاحتلال الأسرى على غناء النشيد الوطني الإسرائيلي، وفي حالات أخرى أجبروهم على خلع ملابسهم وقاموا وترقيمهم، إضافة إلى تهديد المعتقل من الرجال والنساء بالاغتصاب والاعتداء الجنسي عليهم أو على الزوجات والأهل
كما اعتاد الاحتلال خلال العقود المنصرمة استغلال أسلوب حبس المعتقل مع العملاء، وهز جسد الأسير بقوة حتى يفقد وعيه، وتعريضه لموجات باردة شتاء، وموجات حارة صيفًا، أو كلاهما معًا، والضغط على الأماكن الحساسة، وحرمان المعتقل من قضاء الحاجة، وإجباره على القيام بحركات رياضية صعبة ومؤلمة، والرش بالغاز المدمع، والضرب بالهراوات، والتفتيش المتواصل، والحرمان من مقابلة المحامين، والعزل، واستغلال حالة الأسيرة والأسير الصحية. على سبيل المثال لم يتم السماح للأسيرة المحررة إسراء جعابيص بالحصول على علاجها، والأسير أحمد مناصرة الذي تم التنكيل به نفسيًا وعقليًا ولم يحصل على أي علاج، والأسيرة المحررة عام 2022 دينا جرادات التي حرمت من دوائها خلال اعتقالها، وحديثًا حُرم أسرى العلاج، من بينهم الأسير الصحفي معاذ عمارنة الذي حرمه من دواء السكري الخاص به، ومرطبات العين التي يحتاجها بعد أن فقد عينه برصاص الاحتلال.
وروت الأسيرة فاطمة عمارنة أنها تعرضت منذ اللحظة الأولى من اعتقالها، قبل الحرب على غزة، للتعذيب والضرب والاعتداء أثناء اقتيادها إلى مركز التحقيق، كما لف الجنود خمارها حول عنقها وسدوه لينقطع النفس عنها، وتلفظوا بألفاظ نابية، وفي التحقيق حاولوا نزع ملابسها عنها، وهددوها باعتقال أهلها، مؤكدة أن الاحتلال بعد عملية طوفان الأقصى زاد من حدة التعذيب والتنكيل في الأسيرات بشكل يومي، إضافة إلى اقتحام الأقسام ورش الغاز وتقليل كميات الطعام، ومنع الوصول من إلى الساحة.
الأسرى في سجون الاحتلال.. خلفية تاريخية
ورث الاحتلال الإسرائيلي سياسته الاعتقالية من الانتداب البريطاني، ففي عهده فتحت السجون والمعتقلات للمناضلين الفلسطينيين وأقيمت المحاكم وأصدرت أحكامًا ضدهم، من ضمنها أحكام الإعدام، وأقرت قوانين خاصة لا زالت تستخدم في المحاكم الإسرائيلية حتى الساعة، أبرزها الاعتقال الإداري، الذي عوقب من خلاله آلاف الأسرى طيلة العقود الأخيرة.
ويؤكد المؤرخ رأفت حمدونة أن جذور الحركة الأسيرة تعود لتلك الفترة، إذ سجن الانتداب البريطاني عام 1930 الثوار وأعدمهم في سجن عكا، ومنهم عطا الزير ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي، وفي عام 1937، أعدمت قوات الانتداب فرحان السعدي بعد فترة من اعتقاله، وفي عام 1939 أعدم يوسف أبو درّة جرادات، إضافة إلى حملات اعتقال تعسفية في القدس وعكا وصفد والخليل وفي كافة المناطق الفلسطينية، وطال الاعتقال الإداري وتجديده عددًا كبيرًا من الفلسطينيين.
كما عمل الاحتلال على ترميم السجون البريطانية القديمة، لزيادة قدرتها الاستيعابية، وأقام العديد من مراكز ومعسكرات الاعتقال الجديدة كأنصار 3 في النقب، وعوفر في بيتونيا، وسالم وحوارة في نابلس، وقادوميم في طولكرم وغيرها، وحول سجن الفارعة خلال الانتفاضة الأولى عام 1987 من اصطبل للخيل في العهد البريطاني، إلى مركز للتحقيق، وحول سجن الدامون، الذي كان يستخدم كمستودع للدخان في العهد البريطاني، إلى سجن.
ولم يرث الاحتلال الإسرائيلي فقط القوانين والسياسة الاعتقالية، بل ورث حتى الأسرى الفلسطينيين، كما حدث مع الشيخ اللبدي، الذي اعتقل على يد الاحتلال البريطاني، وتم حبسه في سجن عكا، وحينما حدثت النكبة فقدت أثاره، ليتم العثور عليه محبوسًا عام 1969 في مستشفى للأمراض العقلية قرب حيفا.
ورغم القصص المنقولة والمتداولة عن الحركة الأسيرة في فترة الانتداب البريطاني، والاحتلال الإسرائيلي ما بعد النكبة، إلا أنها لم تخضع للتوثيق بالشكل الواضح، وغابت المصادر عنها، حتى النكسة.