07-يونيو-2024
قصف إسرائيليّ طال النازحين في مدرسة النصيرات، بينما كانوا نيامًا (محمد النعامي/ الترا فلسطين)

قصف إسرائيليّ طال النازحين في مدرسة النصيرات، بينما كانوا نيامًا (محمد النعامي/ الترا فلسطين)

لحظات عصيبة عاشها الفتى يحيى عيسى الذي حاول لملمة أشلاء أقاربه بعد المجزرة الإسرائيليّة بقصف مدرسة للنازحين بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، انتهت بارتقاء أكثير من 40 شهيدًا، بينهم منهم شقيقيه، ووالده، وعمّه، فيما أصيب جميع أفراد عائلته.

مجزرة مروّعة نفذها الاحتلال بقصف مدرسة للنازحين النائمين في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ما أدى لارتقاء أكثر من 40 شهيدًا

وأغار طيران الاحتلال الحربيّ فجر الخميس، على مدرسة ذكور النصيرات الإعدادية، وأحد مراكز وكالة "أونروا" الرسمية لإيواء النازحين، بثلاثة صواريخ على المبنى الرئيس في المدرسة، تمام الساعة الثانية والنصف فجرًا، وقد عُرف من بين الشهداء 14 طفلًا، و8 نساء، كما أصيب 74 نازحًا، بينهم 23 طفلا، و18 سيدة.

الترا فلسطين تجوّل داخل المدرسة التي فاحت رائحة الدماء من كافة أرجائها، فيما بقيت بعض أشلاء الشهداء والمصابين عالقة بين الركام ومتناثرة على الجدران.

تناثرت الأشلاء على جدران المدرسة
تناثرت الأشلاء على جدران المدرسة (محمد النعامي/ الترا فلسطين)

وقال المكتب الإعلامي الحكومي إنّ قصف الاحتلال مدرسة تابعة للأونروا بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، يُعدّ الاستهداف الـ149 لمراكز نزوح منذ بدء الحرب على غزة، بالطيران الحربيّ والقذائف المدفعية.

الفتى يحيى عيسى
الفتى يحيى عيسى

كانت عائلة الفتى يحيى عيسى بالكاد استطاعت تأمين بعض الطعام، بعد أن نزحت إلى المدرسة اعتقادًا منها بأنها المكان الأكثر أمنًا. لكنّ يحيى يقول إنه وجد عائلته والطعام الذي كان بحوزتهم في بركة من الدماء.

طعام وأشلاء في مدرسة للنازحين بمخيم النصيرات
طعام وأشلاء في مدرسة للنازحين بمخيم النصيرات (محمد النعامي/ الترا فلسطين)

النازح محمد إسماعيل، روى هو الآخر اللحظات الصعبة التي عاشها، فقال لـ الترا فلسطين إن الصواريخ الإسرائيلية باغتتهم بينما كانوا نيامًا، وعلى الفور خرج من مكانه ليرى الشهداء والمصابين والأشلاء في كل مكان "مشاهد يصعب وصفها.. الأشلاء كانت معلقة على الشجر وحواف المدرسة".

دماء على الأشجار
دماء على الأشجار

ويضيف أنه وفي اللحظات الأولى لخروجه من غرفته، بعد القصف الإسرائيلي، رأى فتاة مصابة تحاول الهرب بصعوبة، ولكنّها تسقط في كل مرة، وحين نظرت لقدمها وجدتها مبتورة، فصرخت، وفقدت الوعي. ويشير إلى أنه حملها، وسارع لإنزالها للأسفل لحين مجيء الإسعاف الذي نقل عددًا كبيرًا من المصابين الذين فقد أكثرهم أطرافهم، جرّاء الشظايا.

كانت هذه غرفة صفية
غرفة صفيّة لإيواء النازحين في مدرسة النصيرات. أو هكذا كانت (محمد النعامي/ الترا فلسطين)

وجرى إخراج النازح أحمد عوض (29 عامًا)، من تحت الأنقاض، ليعثر على شقيق زوجته (طفل 9 أعوام) وقد فصلت الشظايا رأسه عن جسده، فيما كان شقيق زوجته الطفل الآخر مصابًا إصابة حرجة.

النازح أحمد عوض
النازح أحمد عوض جرى إخراجه من تحت الأنقاض

يستذكر أحمد، أنّ شقيق زوجته كان سعيدًا في أيامه الأخيرة، بعد حصوله على دراجة هوائية كان يعلّقها على شباك المدرسة، ويضع فراشه أسفلها.

قصف إسرائيليّ طال النازحين في مدرسة النصيرات، بينما كانوا نيامًا (محمد النعامي/ الترا فلسطين)
في أيامه الأخيرة كان الطفل الشهيد سعيدًا بدرّاجته، يعلّقها على الشبّاك وينام أسفلها (محمد النعامي/ الترا فلسطين)

وحوّل القصف الإسرائيلي على مدرسة النازحين في النصيرات، سهرة عائلية لذكرى دموية، حيث كان الطفل إبراهيم أبو ظاهر (10 أعوام) وشقيقاته وشقيقه، يتسامرون في مبنى المدرسة المقابل للمبنى الذي تم قصفه، وأثناء حديثهم وضحكاتهم حصلت الغارة، وانغرست شظية كبيرة في صدر إبراهيم لتلقيه على شقيقاته شهيدًا على الفور.

أصابت الشظايا شقيقاته وشقيقه، في جو من الرعب والفزع، ولم يتمالكوا أنفسهم بعد أن شاهدوا جسد أخيهم الممزق، والدماء تنزف منه.

"في ثوان، تحوّل فرحنا إلى حزن" يقول رامز الشقيق الأكبر للشهيد إبراهيم، خلال حديثه مع الترا فلسطين. ويضيف أنه لم يقو على الحركة، وتسمّر في مكانه، بعد أن شاهد إبراهيم شهيدًا، فيما شقيقاته ينزفن، ويحاولن أيضًا إسعاف شقيقهنّ الذي انغرست في صدره شظية، إلى أن تمكن النزيف منهنّ، وأفقدهن الوعي. أمّا والدته فقال إنهم حاولوا إخفاء الخبر عنها حتى لا تتأثّر حالتها، وهي التي تتعالج خارج قطاع غزة، بعد أن أصيبت في غارة سابقة.

الطفل أمير العقرب
الطفل أمير العقرب

أمّا الطفل أمير العقرب (10 أعوام) فأصيب برأسه، في الغارة الإسرائيلية على المدرسة، إذ كان نائمًا وسط عائلته التي أصيب كامل أفرادها، ثم فقد الوعي، بعد أن نزف كثيرًا من الدماء، ليجد نفسه في مستشفى العودة في مخيم النصيرات.

بعد ذلك عاد الطفل إلى المدرسة المقصوفة مرّة أخرى، رغم المجزرة. قال لـ "الترا فلسطين" إنّه لا مكان آخر بإمكانهم أن يذهبوا إليه.

وبعد المجزرة الإسرائيليّة تطوّع عدد كبير من الشبان لتنظيف المدرسة، وتهيئتها مجددًا لإيواء النازحين المجروحين.

هذه القطة لم تنج أيضًا من المجزرة في النصيرات
هذه القطة لم تنج أيضًا من المجزرة في النصيرات (محمد النعامي/ الترا فلسطين)
لباس الصحافة لم ينج أيضًا
لباس الصحافة لم ينج أيضًا (محمد النعامي/ الترا فلسطين)