07-سبتمبر-2024
تدرس المدرسة الهاشمية المنهاج الفلسطيني من الصف الثالث حتى التاسع-أحلام حماد-الترا فلسطين.jpg

تدرّس المدرسة الهاشمية المنهاج الفلسطيني من الصف الثالث حتى التاسع | أحلام حماد | الترا فلسطين

"منذ التحاقه بالمدرسة الهاشمية بدأ يستعيد مستواه التعليمي وتراجعت مشكلاته السلوكية التي اكتسبها من تداعيات الحرب"، تقول أسرة الطالب عادل زعرب، النازحة من منطقة قيزان النجار جنوب شرقي مدينة خانيونس، وتقيم في خيمة في منطقة المواصي غرب المدينة.

وينسجم رأي أسرة عادل زعرب، الطالب في الصف الثالث الابتدائي، مع آراء أسر طلبة آخرين التحقوا بالمدرسة الهاشمية، التي بادرت إلى افتتاحها المعلمة الثلاثينية النازحة من شمال قطاع غزة، فداء الزيناتي، بهدف المساهمة في انقاذ العملية التعليمية، بعدما تسببت الحرب الإسرائيلية على القطاع في فشل الموسم الدراسي، ويوشك الموسم الجديد أن يبدأ من دون أي أفق لعودة الطلبة لمقاعد الدراسة.

المدرسة منسجمة مع محيطها وولدت من واقع المعاناة، وهي مبادرة ذاتية، والمعلمات يعملن متطوعات بلا أجر، بدافع أن يكون لهنّ دور في إعداد الجيل ومواصلة العملية التعليمية رغم الكثير من المعوقات والعقبات

وبحسب فداء الزيناتي، فإن إدارة المدرسة الهاشمية كانت حريصة على المزج بين التعليم والتفريغ النفسي، خاصة بعد فترة الانقطاع الطويلة عن الدراسة، والضغوط الهائلة التي يتعرض إليها الأطفال جرّاء الأحداث اليومية المفزعة الناجمة عن الحرب.

تعليم وتفريغ نفسي

الطالبة جنى صالحة، نازحة مع أسرتها من جباليا في شمال القطاع، التحقت هي الأخرى بالصف السادس الابتدائي في المدرسة الهاشمية،وعندما سألناها عن شعورها، أجابت: "المدرسة كثير حلوة وأنا مبسوطة كثير ومعلماتي كويسين".

 يشعر الاطفال بسعادة غامرة من العودة للتعليم بعد موسم دراسي أفشلته الحرب-أحلام حماد-الترا فلسطين.jpg
يشعر الأطفال بسعادة غامرة من العودة للتعليم بعد موسم دراسي أفشلته الحرب

وأعادت المدرسة الهاشمية عادل وجنى ومئات آخرين من أقرانهم إلى الحياة الطبيعية التي يفتقدوها بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

ويقول أهالي طلبة في أحاديث منفصلة مع "الترا فلسطين"، إنهم "يريدون لأبنائهم أن يبتعدوا عن أجواء الحرب، وأن يستغلوا أوقاتهم في شيء يفيدهم، والمدرسة الهاشمية حققت لهم ذلك، وأعادتهم إلى حياة المدرسة والتعليم، وتشركهم في أنشطة لا منهجية تساعدهم على التفريغ النفسيّ والتحرر من الضغوط".  

فكرة خلّاقة

وبادرت فداء الزيناتي لافتتاح المدرسة الهاشمية وسط خيام النازحين في منطقة المواصي غرب مدينة خانيونس، وتتكون من 6 خيام صفيّة، والتحق بها 360 طالبًا وطالبة.

تقول فداء الزيناتي لـ "الترا فلسطين"، إن المدرسة تعمل بنظام التدريس على فترتين، بحيث تخصص الفترة الصباحية للطلبة من الصف الأول حتى الثالث الابتدائي، فيما الفترة المسائية للصفوف من الرابع الابتدائي حتى التاسع الإعدادي، ويتم تدريس المنهاج الفلسطيني كاملًا، إضافة إلى أنشطة التفريغ النفسي.

 بادرت الدكتورة فداء الزيناتي لافتتاح المدرسة الهاشمية للمساهمة في انقاذ المسيرة التعليمية-أحلام حماد-الترا فلسطين.jpg
بادرت الدكتورة فداء الزيناتي لافتتاح المدرسة الهاشمية للمساهمة في انقاذ المسيرة التعليمية 

وتوضح فداء الزيناتي (36 عامًا)، وهي متزوجة وأم لثلاثة أبناء آخرهم "مسك" ورزقت بها بعد نزوحها من منزلها في شمال القطاع، أن تسمية المدرسة الهاشمية جاءت "من اعتزازها بغزة هاشم"، وتضيف: "هي مدرسة ميدانية هدفها المساهمة في حماية أجيالنا الصغيرة من الضياع، وانقاذهم من شبح الجهل في ظل الحرب الإسرائيلية الشرسة".

والمدرسة الهاشمية "منسجمة مع محيطها وولدت من واقع المعاناة، وهي مبادرة ذاتية، والمعلمات يعملن متطوعات بلا أجر، بدافع أن يكون لهنّ دور في إعداد الجيل ومواصلة العملية التعليمية رغم الكثير من المعوقات والعقبات"، وفقًا لفداء الزيناتي.

إرادة رغم المعوقات 

تعمل الزيناتي معلمة بالمدارس الحكومية منذ 14 عامًا، ولم تشأ أن تبقى صامتة إزاء حالة الضياع التي تعصف بطلبة غزة جرّاء استمرار الحرب، وغياب الأفق أمام عودة التعليم في المدى المنظور، وتقول إنها حاصلة على ماجستير المناهج وطرق التدريس وتكمل دراستها العليا لنيل درجة الدكتواره، وأرادت ان تستثمر علمها وخبرتها في ترك بصمة وسط حجم الدمار الهائل الذي أصاب غزة، وخاصة القطاع التعليمي.

وتشعر هذه المعلمة بفخر شديد لنجاح فكرتها، وتقول إن العملية التعليمية بالمدرسة الهاشمية تسير بانتظام وانضباط منذ أكثر من شهرين، وبدأ الطلاب يشعرون بالعودة لحياتهم الاعتيادية ولو جزئيًا، ويحافظون على التزامهم بالدوام رغم أجواء الرعب من حولهم وأصوات الانفجارات التي لا تتوقف.

 المدرسة الهاشمية مبادرة تعليمية في مواصي خان يونس تساهم في اعادة احياء التعليم رغم الحرب-أحلام حماد-الترا فلسطين.jpg
المدرسة الهاشمية مبادرة تعليمية في مواصي خانيونس تساهم في اعادة احياء التعليم رغم الحرب

وتشرف فداء الزيناتي على المدرسة الهاشمية بنفسها وتتابع مدى التظور والانتظام يوميًا، وتؤكد أن هناك تحسّنًا في مستوى الكتابة والقراءة لدى الطلبة، وتشير إلى الاهتمام بالعمل على تعديل سلوكيات الطلاب من خلال أساليب متنوعة تمزج بين التعليم والألعاب وأنشطة التفريغ، الأمر الذي ساعد على ارتباطهم بالمدرسة وانتظامهم التام بالدوام اليومي.

وتعتقد فداء الزيناتي، أن المدرسة الهاشمية "يمكن أن تحقق نجاحات أكبر لو توفرت لها بعض الإمكانيات المفقودة، فهي تحتاج لمراحيض و مياه عذبة للشرب ومياه للنظافة، علاوة على أن المعلمات متطوعات ويعملنّ بلا أجر رغم حاجتهنّ وأسرهنّ إلى دخل يساعدهنّ على ظروف الحياة القاسية في غزة، ورغم ذلك فإن هناك إقبالًا متزايدًا على المدرسة، ولا يمكن استيعاب المزيد من الطلبة بدون توفير خيام إضافية لاستخدامها كغرف صفية، إضافة للحاجة إلى أدوات تعليمية مساعدة كجهاز حاسوب وطابعة ومقاعد".

خيام صفية

وداخل واحدة من الخيام الصفية يجلس الطلبة على الأرض ويتوزعون على شكل صفوف، تتعلق أنظارهم بمعلمة تستخدم لوحًا خشبيًا ولوحات مساعدة لشرح المادة التعليمية.

وتشعر معلمة التربية الإسلامية فهيمة النجار بالسعادة الغامرة لوجودها بين الطلاب، وتصف نفسها بأنها "مربية وليست معلمة فقط"، مؤكدة لـ "الترا فلسطين" أنّها تشعر بفخر كبير وهي تلمس أثر تعليمها على شخصيات الأطفال وسلوكياتهم.

 تتكون المدرسة الهاشمية من 6 خيام صفية ويدرس بها حوالي 360 طالبة وطالبة-أحلام حماد-الترا فلسطين.jpg
تتكون المدرسة الهاشمية من 6 خيام صفية ويدرس بها حوالي 360 طالبة وطالبة

والتحقت فهيمة النجار بالمدرسة الهاشمية رغبة منها في "إنقاذ الجيل من الضياع بعد انقطاع عن المدرسة لشهور طويلة"، وتقول: "أخطر ما تخلّفه الحروب هو الجهل ولابد من تظافر الجهود لإنقاذ أطفالنا وأجيالنا".

وفي خيمة صفية مجاورة كانت معلمة اللغة الإنجليزية أماني أبو هلال، تشرح أساسيات اللغة الإنجليزية لطلبتها، وتقول: "اللغة مهمة بالنسبة لنا كشعب فلسطيني يتوجب عليه أن يخاطب العالم بلغته ويوصل معاناته وحقه بالحرية والاستقلال".

وتؤكد أماني أبو هلال لـ "الترا فلسطين"، أنها "راعت أثر الحرب على الأطفال، وحرصت أن تبدأ معهم بالتفريغ النفسي قبل المنهاج التعليمي من أجل تهيئتهم للاستيعاب والفهم، وتشعر برضا عن تفاعل وتجاوب الطلبة مع حصص اللغة الإنجليزية، وقد بدت مستوياتهم في التحسن بشكل كبير وملحوظ رغم الفترة القصيرة منذ التحاقهم بالمدرسة الهاشمية".