14-أغسطس-2024
المفقودون في غزة

عشرة آلاف مفقود في غزة نتيجة الحرب المدمرة والإخفاء القسري

يومًا إثر آخر، ينمو عدّاد المفقودين في قطاع غزة، جنبًا لجنب مع تزايد عدّاد الشهداء والجرحى، نتيجة القصف الإسرائيلي العنيف من جهة، وسياسة الإخفاء القسري التي ينتهجها جيش الاحتلال وإدارة السجون من جهة أخرى، ما جعل من موضوع المفقودين في الحرب "قضية مركبة ومعقدة"، وفق وصف جهات حقوقية رسمية وأهلية.

بعض العائلات في قطاع غزة وثقت من على ركام منازلها المدمرة، قبل النزوح، اختفاء بعض أفرادها تحت الركام، بينما تترقب عائلاتٌ أخرى أي نبأ من محامٍ أو أسرى محررين، قد يكونوا التقوا في السجون الإسرائيلية بأبناء لهم مفقودين.

قدورة فارس: نحن نقدم طلبًا قانونيًا إلى مركز سيطرة الإسرائيلي، بعدما نأخذ وكالة من الأهالي، وبناء عليها نقدم الطلب لمعرفة إن كان هذا الأسم موجود أو غير موجود لديهم

وفي بداية الأسبوع الحالي، أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين عن رقم هاتف جوال وواتساب خاص بأهالي قطاع غزة للتبليغ عن ذويهم المفقودين في محاولة لمساعدتهم في كشف مصير أبنائهم.

يقول رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس، إن هذا الرقم يهدف لتوثيق حالات المفقودين، وفي سبيل محاولة مساعدة العائلات، "فنحن نقدم طلبًا قانونيًا إلى مركز سيطرة الإسرائيلي، بعدما نأخذ وكالة من الأهالي، وبناء عليها نقدم الطلب لمعرفة إن كان هذا الأسم موجود أو غير موجود لديهم".

وأوضح قدورة فارس لـ "الترا فلسطين"، أنه بعد التوجه لمركز "سيطرة"، وهو متخصص بإدارة ملف أهالي قطاع غزة، تحصل هيئة الأسرى على معلومات إن كان الأسير موجودًا أو غير موجود في السجون الإسرائيلية، ثم تبدأ الهيئة بالسعي للحصول على زيارة له، وإن تمكنت من الزيارة تصبح لديها معلومات عن الأسير وعن المحيطين به، "لذلك هناك سعي قدر الإمكان كي يتم مساعدة العائلات ببضع النتائج"، يُضيف فارس.

وبيّن أن "العائلات التي تتوجه إلينا تبلغ بأن ابنها اعتقل في يوم كذا وتاريخ كذا، وهناك من تقول إنه اختفى، ولا يعرفون إن كان قد اعتقل أو استشهد، بالتالي عندما يرد الإسرائيليون بأنه غير موجود قد تكون النتيجة بأنه استشهد، لذلك نبحث ونحاول قدر الإمكان، مع عدم تسليم بصحة الرد الإسرائيلي".

وقال: "حاليًا لاعتبارات علمية نحاول الحصول على معلومة، وبعد الحصول على معلومات حول من هو موجود ومن هو غير موجود، نواصل العمل والتوثيق، وأيضًا لا نعتمد على بيانات الإسرائيلي فقد تنطوي على كذب".

وأكد قدورة فارس، أن قضية المفقودين قضية كبرى فهناك قسم كبير من المفقودين تحت الركام والدمار، "بالتالي كيف سنميز بين من فقد لدى الاحتلال ومن استشهد، ومن يوجد تحت الركام؟".

وبعد شهرين فقط من إطلاق إسرائيل حربها على قطاع غزة، أعلن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أنه تلقى "العديد من التقارير المقلقة" من شمال قطاع غزة، "عن عمليات احتجاز جماعية ومعاملة سيئة وإخفاء قسري طالت ربما آلاف الفلسطينيين، بمن فيهم أطفال".

وبين المفقودين، الصحفيان نضال الوحيدي وهيثم عبد الواحد، اللذان اختفت آثارهما منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أثناء تغطيتهما قرب حاجز بيت حانون - إيريز.

ويشمل الإخفاء القسري بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر أيضًا آلاف العمال الفلسطينيين من قطاع غزة، الذين تواجدوا داخل الخط الأخضر أثناء وقوع عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر، بينهم من تم الإفراج عنه لاحقًا، وآخرون لا يعرف مصيرهم.

من جانبه، يقول منسق شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة أمجد الشوا، إن المنظمات الفلسطينية، وبالتحديد المنظمات الحقوقية، تقوم منذ بداية العدوان بالتعاون مع الهيئات الدولية في توثيق شهادات فيما يتعلق بالمفقودين سواء الموجودين تحت ركام المنازل، أو من تم اعتقالهم، أو من فقدوا ولا يعرف مصيرهم.

وأوضح أمجد الشوا لـ "الترا فلسطين"، أن لديهم باحثون ميدانيون على الأرض في مختلف مناطق قطاع غزة، لتوثيق هذه المعلومات وإرسالها إلى الجهات الدولية، إضافة إلى محامين يتابعون هذه القضايا ويزورون السجون في داخل إسرائيل، لمتابعة هذه الحالات، وفي الكثير من الحالات يقوموا بطمئنة الأهالي.

وأكد الشوا، أن ملف المفقودين ملف مستمر ومتواصل، "ووجهنا الكثير من الدعوات إلى منظمات حقوق الإنسان للإبلاغ عن هذه الحالات، وندعو الأهالي كذلك إلى توثيق هذه القضايا لدى الصليب الأحمر حتى يتم متابعتها على كافة المستويات، وإرسالها إلى الجهات الدولية ذات الاختصاص".

وأشار إلى أن منظمات حقوق الإنسان الموجودة في قطاع غزة تعمل على هذا الملف بقدر الإمكانيات المتوفرة، وتطالب كل أبناء شعبنا بالتوجه إلى هذه المنظمات لتوثيق الحالات ورفعها إلى كافة الجهات لمتابعتها.

وحول أهمية التوثيق وإعداد هذا الملف، قال الشوا إن هذا ملف إنساني قانوني، إذ إن هناك تبعات قانونية لعملية الإخفاء القسري التي قام بها الاحتلال، ومن ضمنها استخدام المدنيين كدروع بشرية أيضًا، وفي نفس الوقت هناك أهالي في وضع نفسي صعب جدًا بدون معلومات عن مكان وجود أبنائهم وأطفالهم وأقاربهم، لذلك جزء منها متابعة قانونية وللمتابعة والمحاسبة، وجزء بأن هؤلاء ضحايا وعمل إنساني ومحاولة طمأنة الأهالي.

أمجد الشوا:  هناك تبعات قانونية لعملية الإخفاء القسري التي قام بها الاحتلال، ومن ضمنها استخدام المدنيين كدروع بشرية أيضًا

يُذكر أن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أفاد في تقريره يوم الإثنين، بعد 311 يومًا على الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، أن عدد المفقودين تجاوز 10 آلاف شخص.

وتنبع المخاوف حول مصير المفقودين من التقارير والشهادات المتتالية التي تؤكد تعذيبًا عنيفًا للأسرى في سجون الاحتلال، وفي منشأة "سديه تيمان" المخصصة لاحتجاز الأسرى من قطاع غزة، إضافة إلى الأنباء عن ارتقاء عدد غير معلوم من الشهداء من الأسرى.