01-سبتمبر-2024
الطفل أحمد عبيد أثناء محاولة إعادة بناء خيمة أسرته

الطفل أحمد عبيد أثناء محاولة إعادة بناء خيمة أسرته | محمد النعامي | الترا فلسطين

"تمام الساعة الخامسة فجرًا، بدأ إطلاق النار والقذائف المدفعية تجاه المدرسة وفي محيطها، شظايا القذائف، والرصاص كان يخترق جدران الصفوف، ويستقر في أجساد النساء والأطفال والنازحين، لا أعلم كم سقط من الشهداء، ولكن الدماء كانت تملأ المكان، لم نتمكّن من الهروب بسبب طائرات الكواد كابتر التي كانت تقتل كل من يتحرك، ولا أن نبقى، فالشظايا كانت تصل كل مكان، لحظات مرعبة، كنت أمد ذراعي وأحضن أطفالي وأدير ظهري تجاه مصدر إطلاق النار شرقًا أملًا في حمايتهم".

كان هذا شيء مما عايشته سميرة مهنا، إحدى النازحات في مدرسة المزرعة في دير البلح غرب شارع صلاح الدين، وروته لـ "الترا فلسطين"، حيث بدأ الهجوم الإسرائيلي البريّ على المنطقة التي كانت تنزح بها مع أطفالها، وحوصرت مع مئات النازحين في المدرسة، قبل أن تتمكّن من الهرب، تجاه منطقة شاطئ دير البلح.

صورة
الطفل أحمد عبيد أثناء محاولة إعادة بناء خيمة أسرته | محمد النعامي | الترا فلسطين

كما وجهت مدفعية الاحتلال قذائفها تجاه عمق مدينة دير البلح والأحياء غير المنذرة بالإخلاء، كمنطقة الحكر والبركة وشارع البيئة والبلد، ما تسبب بمجازر يوميّة طيلة مدة العمليّة البريّة.

ومن خلال طائرات الكواد كابتر، نفذت قوات الاحتلال عمليات إعدام للنازحين في مناطق دير البلح قرب صلاح الدين، من بينها مجزرة مدرسة المنفلوطي في دير البلح، والتي استشهد فيها 8 أشخاص وأصيب آخرون، بعد استهداف مجموعة من المواطنين النازحين بالرصاص. 

الاحتلال يدمر مضخات مياه قدمتها دولة الكويت
الاحتلال يدمر مضخات مياه قدمتها دولة الكويت | محمد النعامي | الترا فلسطين 

من جهتها قالت بلدية دير البلح إن 100 ألف مواطن نزحوا من شرق المدينة خلال العملية البريّة، كما أفادت بخروج 20 مركز إيواء بالمدينة عن الخدمة.

وفي مقابل الدمار والمجازر التي أحدثها جيش الاحتلال بالمدنيين في دير البلح، واجه الاحتلال مقاومة شرسة واشتباكات مباشرة، كان من ضمنها  سلسلة من العمليات أسقطت عددًا من القتلى والجرحى في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي.

و أعلنت كتائب القسّام أنها فجّرت حقل ألغام أعد مسبقًا بعدد من آليات الاحتلال ومعداته شرق دير البلح، وأنها رصدت هبوط مروحيات للإخلاء.

منتجع دمره الاحتلال كان يؤوي آلاف النازحين
منتجع دمره الاحتلال كان يؤوي آلاف النازحين | محمد النعامي | الترا فلسطين 

كما أعلنت عن استهدافها ناقلة جند إسرائيلية بقذيفة الياسين 105 شرق مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.

وعقب إعلان القسّام، أكد جيش الاحتلال مقتل جندي وإصابة 12 آخرين في معارك بقطاع غزة، 4 منهم جروحهم خطيرة.

ومع إعلان الاحتلال انتهاء عمليته البريّة وسط القطاع وفي خانيونس، تكشّف الدمار الهائل الذي خلفته آلة الحرب الإسرائيلية. حيث تعمدت قوات الاحتلال تدمير أكبر قدر من المباني والبنى التحتية، ورصدت عدسة "الترا فلسطين" حجم الدمار في مناطق شرق دير البلح، وشارع أبو عريف، والمحطة، والجعفراوي. 

ودمر جيش الاحتلال مراكز الإيواء التي كانت تسكنها آلاف العائلات النازحة، في دير البلح، منها عدّة مدارس، ومنتجعات ومتنزهات، ومؤسسات.

كما جرفت آليات الاحتلال مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية التي كانت توفر جزءًا من الاحتياجات الغذائية لسكان القطاع، وعملت على تدمير الآبار ومحطات التحلية، والمصانع في المنطقة التي توغل بها.

قال الطفل أحمد عبيد في حديث لـ "الترا فلسطين" إن قوات الاحتلال دمرت منزل عائلته شرق القطاع، ومنذ ذلك الحين بدأت رحلتهم مع التنقل والنزوح، ولم تستقر عائلته في مكان لأكثر من شهر

كما دمرت ونسفت مئات المنازل، خصوصًا في منطقة الجعفراوي والقرارة، كما عملت دبابات الاحتلال على تخريب الطرقات من خلال الاستدارة بشكل دائري مرارًا وتكرارًا على الطريق، وتجريف الجرافات أجزاء كبيرة من الطرق المعبدة شرق دير البلح.

وبدأ النازحون يعودون للمناطق التي هجرتهم منها قوات الاحتلال شرق دير البلح، حيث شرع عدد منهم بمحاولة إعادة تأهيل مكان لعائلاتهم في المدارس المستهدفة.

كان الطفل أحمد عبيد، 10 سنوات، منهمكًا في إعادة بناء خيمة لعائلته، التي تبيت في العراء منذ العملية البريّة، حيث جمع عددًا من الأخشاب وقطع البلاستيك، والخردة، وشرع في بناء خيمة تستر عائلته.

صورة
تعاني مناطق شرق دير البلح وأجزاء من جانبه غرب صلاح الدين، من انعدام الخدمات بفعل العملية الإسرائيليّة | محمد النعامي | الترا فلسطين

وقال الطفل أحمد عبيد في حديث لـ "الترا فلسطين" إن قوات الاحتلال دمرت منزل عائلته شرق القطاع، ومنذ ذلك الحين بدأت رحلتهم مع التنقل والنزوح، ولم تستقر عائلته في مكان لأكثر من شهر.

وأضاف: "رحلنا من مدرسة المزرعة الشرقية على وقع قذائف الاحتلال ورصاص دباباته، كان يقصد أن يقتلنا ولكنا كنا نهرب، من مكان لمكان، كانت المنازل تقصف حولنا، ونرى الشهداء والمصابين في كل مكان، هربنا دون أن نأخذ معنا أي شيء، واليوم نحاول من العدم صناعة خيمة لعائلتي".

وتعاني مناطق شرق دير البلح وأجزاء من جانبه غرب صلاح الدين، من انعدام الخدمات بفعل العملية الإسرائيليّة، التي دمرت الطرقات وتسببت بانقطاع المياه عن مناطق كبيرة، وقصفت وجرّفت النقاط الطبيّة التي كانت تخدم المخيمات.