19-أغسطس-2024
بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير

يترقب أهالي قرية المالّحة شرق بيت لحم "نكبة جديدة" قد تعصف بقريتهم، وذلك بعد وعود إسرائيلية بفرض سيطرتها على المنطقة بدعوى أنّها "محميات طبيعية". 

ولم تتوقف مؤسسات رسمية وجمعيات استيطانية إسرائيلية، سواء كأفراد أو جماعات، عن الوُجود اليوميّ في مناطق بريّة بيت لحم، وذلك منذ إعلان وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش عن فرض السيطرة المدنية والإدارية على المناطق البرية الشاسعة في شرق الضفة الغربية بدعوى أنها "محميات طبيعية". 

تقع قرية المالّحة تقع شرق بلدة زعترة شرق محافظة بيت لحم، وتبلغ مساحتها ما يقارب 14 ألف دونم

ويشهد أهالي قرية المالّحة التابعة لبلدة زعترة شرق بيت لحم، قيام طواقم الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال بشكل متواصل بأعمال المسح والتخطيط بين منازلهم وفي أراضيهم، منذ قرار سموتريتش.

ويزداد قلق الأهالي ومخاوفهم بعدما اقتحم الوزير المتطرف قريتهم، وقدم وعودًا بطرد الفلسطينيين وهدم منازلهم فيها.

وتقع قرية المالّحة تقع شرق بلدة زعترة شرق محافظة بيت لحم، وتبلغ مساحتها ما يقارب 14 ألف دونم، وغالبيتها ضمن المناطق المصنفة "ب" تحت السيطرة الإدارية والمدنية الفلسطينية.

وحول حقيقة ما يجري، أفاد رئيس مجلس قروي المالحة مراد جدال في تصريح لـ"الترا فلسطين"، بأنه منذ عام ونصف بدأ إنشاء قرية نموذجيّة وبنى تحتية في هذه المنطقة، وتم بناء مجلس قروي خاص بها تحت اسم مجلس قروي المالحة.

وأكد جدال، أن هذه الخطوات لم ترق إلى جمعيات الاحتلال الاستيطانية، ومنذ ذلك الوقت بدأوا بالمضايقات، وفي كل أسبوع يأتي مستوطنون ووفود وأعضاء كنيست ووزراء إلى القرية، وآخرهم قبل عشرة أيام عندما اقتحمها أفيغدور ليبرمان، وبالأمس سموتريتش، وقدم وعودًا بإزالة البُنى التحية والمباني منها.

بعد القرار، بدأ موظفو الإدارة المدنيّة بزيارة المنطقة والقيام بأعمال مسح وتخطيط، وسموتريتش نفسه اقتحم الموقع، وهدد بتنفيذ إجراءات الهدم بحق المباني في الموقع

وأوضح جدال، أن حوالي 2800 فلسطيني يعيشون في هذه القرية، وفيها حوالي 400 منزل ومنشأة ضمنها مسجد ومشاريع صديقة للبيئة ومجلس قروي.

وأردف جدال، أنهم لم يستلموا على نحو مباشر أيّ ورقة أو إخطار، ولكن قرار سموتريتش بسحب الصلاحيات من السلطة في هذه المناطق زاد مخاوف الأهالي. 

وفيما يتعلق بمخططات الاحتلال لهذه المنطقة، يوضح سهيل خليلية، مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد الأبحاث التطبيقية "أريج"، أن المناطق التي يستهدفها الاحتلال تقع ضمن ما يسمى "المحميات الطبيعية"، وهذه المناطق كانت محل خلاف خلال المفاوضات السابقة بشأن نسبة المناطق "ب" التي كان من المقرر تسليمها للسلطة الفلسطينية. مضيفًا: "اتفق حينها على تصنيفها كمحمية طبيعية مؤقتًا، حتى يُتَوَصَّل إلى حل نهائي، لكن مع تعثر المفاوضات، بقي الوضع كما هو دون تغيير".

وتابع خليلية في حوار مع "الترا فلسطين" أن مع مرور السنوات، أصبحت المساحات المتاحة للبناء في بيت لحم محدودة، مما دفع بالامتداد العمراني للوصول إلى تلك المناطق. وهذه الأراضي تعود ملكيتها للفلسطينيين، إلا أن الإسرائيليين يعتبرون أنفسهم أوصياء عليها.

وأشار خليلية إلى أن منظمة "ريغافيم"، التي تدّعي أنها وصية على مراقبة البناء الفلسطيني "غير القانوني" بحسب وصفها، كانت تقدم تقارير حول الأنشطة العمرانية في مناطق "ج" وفي هذه المنطقة تحديدًا. ورغم ذلك، لم تكن هناك أي ملاحقات جديّة للفلسطينيين في هذه الفترة.

لكن مع تولي الحكومة اليمينية الحالية، وبحسب خليلية، ومنح سموتريتش صلاحيات في الإدارة المدنية وتعيين نائب له من المستوطنين مسؤولًا عن متابعة البناء "غير القانوني"، وهو في الأساس عضو في منظمة "ريغافيم"، بدأت هذه التقارير تلقى استجابة. ونتيجة لذلك، بدأت السلطات الإسرائيلية بملاحقة الفلسطينيين في هذه المناطق، رغم أن القانون الدولي ينص على أن الإسرائيليين ليس لهم أي حق في التدخل في التخطيط العمراني أو التطوير أو أي شؤون تتعلق بالسكان الأصليين.

وعلى هذا الأساس، يحاول سموتريتش فرض سيطرته على مناطق "ج" وهذه المنطقة تحديدًا، كما أوضح خليلية. فقد أعدوا خارطة شكلية وفقًا لرغباتهم، تظهر وجود 3000 منزل ومنشأة في هذه المنطقة وُصفت بأنها مبنية على نحو غير قانوني، ومن المتوقع أن تبدأ حملة لإزالتها.

وأوضح خليلية، أن مساحة هذه المنطقة بين 170 إلى 180 كيلو متر مربع، وتمتد من بريّة القدس حتى أجزاء من الخليل.

وحول الموقف الرسمي الفلسطيني، يقول رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان إن هذا المخطط امتداد طبيعي لمشروع هذه الحكومة اليمينية بالوصول إلى مناطق "ب".

هدد سموتريتش أن حكومة الاحتلال ستبدأ الآن في تنفيذ عمليات هدم لاستعادة الوضع في قرية المالحة

وأضاف شعبان لـ"الترا فلسطين"، أن هذه الحكومة قامت بأمرين لفرض السيطرة على مناطق "ب"، أولها نقل صلاحية السيطرة على المواقع الأثريّة إلى سلطة الآثار الإسرائيلية، والثانية هي فرض السيطرة على الصلاحيات الإداريّة والمدنيّة في مناطق "ب" في بريّة بيت لحم، وجزء من بريّة الخليل وصولًا إلى بريّة القدس عند البحر الميت بواقع 176 كيلو متر مربع، و2% من مجمل مساحة الضفة الغربية.

وتابع شعبان، أنهم بعد القرار رصدوا أن موظفي الإدارة المدنيّة بدأوا بزيارة المنطقة والقيام بأعمال مسح وتخطيط، وسموتريتش نفسه اقتحم الموقع، وهدد بتنفيذ إجراءات الهدم بحق المباني في الموقع.

أما حول الخطوات التي سيقومون بها لمواجهة مخططات الاحتلال، قال شعبان، إنهم بعد القرار كان لهم عدة لقاءات مع مختصين قانونيين كي يُوَاجَه بشكل قانوني.

وأضاف، أنهم سيزورون، غدّا الثلاثاء، مع وفد حكومي بزيارة المالحة ولقاء ممثلي مجلس المالحة لتعزيز صمودهم وعمل كل ما يلزم مع الحكم المحلي لإيجاد التراخيص اللازمة للأبنية في تلك المنطقة، ومد المياه والكهرباء للسكان.

وقد أعلن سموتريتش خلال اقتحامه قرية المالحة عن انتهاء جولة طويلة في المحميّة المتفق عليها في المنطقة، وذلك بعد صدور قرار مجلس وزراء الاحتلال الذي يتيح لهم تنفيذ إجراءات ضد ما أسماه "مخالفات البناء في تلك المنطقة". وادعى أن "السلطة الفلسطينية تحاول بجهود مكثفة السيطرة على المنطقة الشرقية لخلق استمرارية إقليمية من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، مما يهدد بشكل كبير الاستمرارية الإسرائيلية، ويدمر المناظر الطبيعية في إحدى أهم المناطق في إسرائيل"، على حد تعبيره. وهدد أن حكومة الاحتلال ستبدأ الآن في تنفيذ عمليات هدم لاستعادة الوضع هناك.