كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، اليوم الجمعة، أن الحاخام بنيتسي غوفشتاين، القيادي في حركة "كاخ" المصنفة منظمة إرهابية في العديد من الدول، قدم مشورة أمنية لوزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير.
وتناول تحقيق الصحيفة تفاصيل العلاقة بين بن غفير وغوفشتاين، وكيف لعب الأخير دورًا في تقديم مقترحات أمنية متطرفة تم تنفيذ بعضها بالفعل.
في رد فعل على هذه التسريبات، أعلن مكتب بن غفير نيته رفع دعوى تشهير ضد صحيفة "هآرتس"
واستعرض التحقيق بعضًا من المقترحات التي قدمها غوفشتاين، التي شملت تنفيذ عمليات اغتيال مستهدفة، وفرض حصار مشدد على أحياء في شرق القدس، وعمليات عسكرية استعراضية تهدف إلى تعزيز سيطرة الشرطة الإسرائيلية هناك، بالإضافة إلى تنفيذ خطة شبيهة بعملية "الجدار الواقي 2" في شرق القدس. وبيّن التحقيق أن بعض هذه الاقتراحات قوبلت بالموافقة من قبل بن غفير.
وأسس غوفشتاين، الذي يُعد أحد رموز حركة "كاخ"، منظمة "لاهافا" قبل حوالي عشرين عامًا. وتهدف هذه المنظمة إلى استهداف الفلسطينيين داخل الخط الأخضر وفي القدس، تحت ذريعة منعهم من إقامة علاقات مع الشابات اليهوديات. وتحمل المنظمة اسم "لاهافا"، والذي يعني "اللهب"، وتشتهر بسياساتها العنصرية، بما في ذلك منح شهادات تقدير للمؤسسات التي لا توظف عمالًا عربًا.
وأوضح الصحفي أنس أبو عرقوب، المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، أن المنظمة تعتمد على قاعدة دعم واسعة، خاصة في القدس والمستوطنات. كما تقوم بتدريب عناصرها، ومعظمهم من تيار الصهيونية الدينية الاستيطانية، على قتال الشوارع بهدف تنفيذ اعتداءات منظمة على الفلسطينيين، بما في ذلك العمال العائدين إلى منازلهم في أوقات متأخرة من الليل.
وأشار أبو عرقوب، في تعقيب لـ"الترا فلسطين"، إلى أن تمويل المنظمة يأتي من مصادر متعددة، منها بيع قمصان تحمل شعاراتها العنصرية، ومن تبرعات يتم جمعها خلال فعاليات المنظمة أو عبر الدعم المباشر لغوفشتاين. وتروج المنظمة لفكرة "مشاركة في إنقاذ بنات إسرائيل"، حيث يتم بيع أسهم تتراوح قيمتها بين 300 و1200 شيكل.
وأوضحت هآرتس أن المراسلات النصية بين الطرفين تكشف عن اقتراحات متعددة قدمها غوفشتاين إلى بن غفير، خاصة بعد وقوع عمليات فلسطينية. ومن بين هذه الاقتراحات، شنّ عمليات اغتيالات، وفرض الإغلاق الكامل على الأحياء المقدسية، وجمع الأسلحة من السكان.
في إحدى الرسائل الموجهة عبر مجموعة واتساب خاصة بخلية الأزمة التابعة لبن غفير، قال غوفشتاين: "نحن بحاجة للتفكير في خطوات حاسمة: تنفيذ عمليات اغتيال، وجمع الأسلحة، وإغلاق الأحياء المقدسية".
وكشفت الصحيفة عن حادثة وقعت في كانون الثاني/يناير 2023، عندما نفّذ شاب فلسطيني من القدس عملية إطلاق نار في مستوطنة "نيفيه يعقوب"، أسفرت عن مقتل سبعة مستوطنين. وفي أعقاب الهجوم، أعلن بن غفير عن ضرورة تسليح المزيد من المستوطنين، بينما أظهرت المراسلات أن غوفشتاين اقترح تنفيذ خطوات أكثر تطرفًا، بما في ذلك إدخال جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى الأحياء المقدسية وتنفيذ عمليات اغتيال.
في إحدى الرسائل الصوتية الموجهة إلى إيتمار بن غفير، قال غوفشتاين: "لا يمكن الانتظار، يجب أن تُدخِل الجيش إلى القدس الشرقية وتبدأ تنفيذ خطة الجدار الواقي 2". ورد بن غفير قائلاً: "صحيح، لكن التنفيذ يحتاج إلى دراسة دقيقة... قلت لهم أريد تنفيذ عمليات اغتيال، لكن سألوني: من تريد اغتياله الآن؟".
ورغم هذه التحفظات الظاهرية، كشفت المراسلات أن بن غفير نفذ بعضًا من اقتراحات غوفشتاين، بما في ذلك إطلاق عملية لجمع "الأسلحة غير القانونية في القدس".
وتُظهر المراسلات خلافات داخلية بين مستشاري بن غفير، حيث أبدى رئيس ديوانه، حانمال دورفمان، معارضته لبعض الاقتراحات، مشيرًا إلى أن الشرطة لا تمتلك أهدافًا واضحة في شرق القدس. لكن غوفشتاين أصر على موقفه قائلًا: "إذا وضعت قوات كافية هناك، ستجدون أهدافًا. ابدأوا بالبحث عن الأسلحة وكل شيء سيتحرك".
في وقت لاحق من تلك الليلة، عقد المجلس الوزاري المصغر "الكابينت" اجتماعًا أُقرّ خلاله إطلاق عملية واسعة لجمع الأسلحة غير القانونية في شرق القدس، بما يتوافق مع اقتراحات غوفشتاين. ورغم ذلك، استمر غوفشتاين في الضغط لتنفيذ مزيد من الإجراءات، مثل تطبيق قوانين الطوارئ للتفتيش والإغلاق لمدة ثلاثة أشهر.
وفي حين نفى بن غفير في وقت سابق أي صلة لغوفشتاين بتقديم مشورة أمنية له، أكدت الصحيفة أن المراسلات النصية تناقض هذه الادعاءات. وفي رد فعل على هذه التسريبات، أعلن مكتب بن غفير نيته رفع دعوى تشهير ضد الصحيفة.