07-نوفمبر-2024
أكلنا شواربنا في سجن عوفر- عقل ربيع

توالت الأيّام في سجن عوفر، وحلاقة الشعر ممنوعة، فطال حيثما نبت، وكان شعر الرأس واللحية يتساقط على أرض الغرفة، فنجمعه مرتين كلّ يوم، وما خفي أعظم. ولكنّ مشكلتنا الكبرى كانت مع شعر الشارب، فهو لا يتساقط، ولا نملك أي أداة لقصّه، فلما زاد عن الشفة السفلى أصبح الأكل بوجوده معاناة، ولم يكن أمامنا من سبيل إلّا القبض عليه بين الفكين وقطع ما يمكن قطعه منه، وأمّا الذين لا ينطبق عندهم الفكان، فليس أمامهم إلا الصّبر.

تفاصيل يروي كاتبها ما عاناه، ويعانيه الأسرى في سجن عوفر الإسرائيليّ بعد حرمانهم من حلاقة الشعر، وتصعيد الانتهاكات بحقّهم منذ بدء الحرب

ثم نزعت إدارة السجن كل مرآة في السجن، واحتاطت، فنزعت كل جسم قد يكون شبه مرآة، فلم يكن إلى رؤية رؤوسنا ولحانا من سبيل، وكُنّا نسأل بعضنا عن أشكالنا، والخلاصة أننا كنّا أشباحًا لا أكثر.

فلما انقضت الأشهر الأولى من الاعتقال، وصار بعضنا على مشارف المغادرة، قررت إدارة السّجن لحاجة في نفسها إجبارنا على الحلاقة وفق نمرة صفر، والعجيب أنّ بعضنا أصرّ على الخروج بكل شعره، حتّى يتمكن من التقاط صورة للأجيال القادمة تُلخّص المعاناة. وهكذا كان.

أمّا أنا، فكنتُ من السّبّاقين للحلاقة. فحلقت الرأس واللحية، ولم أترك فيهما شعرة واحدة تحسُّبًا لطول الشعر فيما بقي من أشهر في الاعتقال الإداري الذي لا نعرف متى ينتهي. ولا أعرف كيف كان شكلي حينذاك، ولكن ضحكات الشباب كانت كافية لتخيّل الصورة!