09-يوليو-2024
الأسير معزز العبيات قبل الاعتقال وبعد الإفراج عنه

الأسير معزز العبيات قبل الاعتقال وبعد الإفراج عنه

بعد 9 أشهر في الاعتقال، خرج الشاب معزز العبيات ابن مدينة بيت لحم، من سجن النقب الإسرائيلي عصر الثلاثاء، بشعر ولحية طويلة، رثّ الملابس، فاقدًا أكثر من ثلثي وزنه، ولا يقوى على الحركة، وهو لاعب الأجسام الذي لطالما عرف ببنيته الجسدية القوية.

لاعب كمال أجسام ببنية قوية، هكذا كان الشاب معزز العبيات، غير أن الحالة التي خرج عليها من سجن النقب الإسرائيلي كانت صادمة!

بدا معزز حذرًا، خائفًا، مستندًا على شاب رافقه لحظة خروجه. أبلغه المحيطون به، أنّه بات "في أمان" و"خارج السجن الإسرائيلي"، وأنّه "وصل الظاهرية (جنوب الخليل)"، وحينها انفلتت الكلمات من لسانه، وانهمرت الدموع من عينيه، قائلًا إنّ "وضعه صعبٌ جدًا"، ومنذ اعتقاله وإلى حين خروجه من السجن ظلّ يتعرّض لضرب مبرح.


وتحدّث عن ضرب مبرح تلقّاه في سجن عوفر (غربي رام الله)، وأشار لتعرّضه لـ "عملية قتل" كما أسماها، وتمتم بكلمات عن إيتمار بن غفير ورقصه على جثته، وقال إنه استفاق في مستشفى سجن الرملة، ولم يُقدّموا له أي علاج.

تقدّم معزز بعد ذلك خطوات للأمام، وبكى، وقال "احنا بنموت كل يوم... احنا في السجن ألفين واحد كل يوم بنموت" قاصدًا بذلك سجن النقب.

سجن النقب.. سجن غوانتنامو

وفور وصوله إلى مدينة بيت لحم، نُقل الشاب معزز (37 عامًا) إلى المشفى لإجراء فحوصات، وهناك أيضًا بدا غير مدرك لوضعه الجديد، فقد عبّر عن استغرابه من وصوله إلى هذا المكان، فهو قد استشهد، وجرى وضعه داخل كيس أسود، وإغلاقه عليه، كما قال.


وبعد وضعه على سرير المستشفى، تحدّث معزز عن كل "ما لا يتصوّره عقل"، وقال إن سجن النقب هو سجن غوانتنامو (سيء الصيت)، وأشار إلى ما يتعرّض له الأسرى من قتل وضرب وجوع ومرض.

كان لاعب كمال أجسام

أحمد عبيات شقيق المحرر معزز، قال إن العائلة صدمت من حالته بعد الإفراج عنه اليوم، وناشد بضرورة الاهتمام بصحة شقيقه وتوفير العلاج اللازم له.

وقال عبيات لـ "الترا فلسطين"، إن معزز متزوّج، وأب لأربعة أطفال، وكان لاعب كمال أجسام وبصحة جيّدة، يزيد وزنه عن 100 كيلوغرام، غير أن وزنه اليوم ربما في الثلاثينات.

وأكد أن حالة شقيقه غير معروفة حتى الآن، وهو يتواجد في مستشفى الجمعية العربية تحت الرعاية الصحية.

تعرّض لصدمة شديدة

من جهته، قال رئيس الدائرة الإعلامية في نادي الأسير أمجد النجار لـ "الترا فلسطين"، إن ما قاله معزز فور الإفراج عنه، يُعبّر عن صدمة شديدة تعرض لها خلال اعتقاله، وقد يكون بالفعل جرى وضعه في كيس الجثامين الأسود، ظنًّا من السجانين بأنه استشهد تحت التعذيب، قبل أن تظهر عليه علامات حيوية ويجري إخراجه.

وحتى يسترد معزز كامل قواه العقلية، قال: إنّ هذه القصة تبقى موضع استفهام وتؤشرّ إلى ما جرى معه.

وظهر معزز ومن فوق رأسه أمجد النجار، واصفًا سجن النقب الذي خرج منه، بأنه أشبه بسجن غوانتنامو الأميركي، المعروف بشدة تعرض الأسرى فيه للتعذيب. وقال عبيات في مقطع الفيديو هذا بحسرة: "أنا فارقت أسرى النقب ولكن أتمنى لو متنا مع بعض".


وحول ما جرى معه تحديدًا، قال معزز، إنه تعرض للضرب منذ لحظة اعتقاله، وفي مركز توقيف "عتصيون" وفي سجن عوفر، ومن ثم في سجن النقب، وقد كان يتعرض للعقاب باستمرار.

ويروي معزز أنه في مركز "عتصيون" جرى تعريته من ملابسه كلها، وقام أحد السجانين بـ"التبوّل عليه"، وجرى ضربه بقضبان حديدية، كما رقص أحد السجّانين على جسمه.

يقول النجار لـ "الترا فلسطين"، والذي تواجد مع معزز داخل المستشفى لتوثيق حالته، إن هذا الأسير كانت أول كلماته تُعبّر عن استغرابه من الوصول إلى هنا، وبأنه كان في كيس أسود قائلًا: "أنا متت".

لذا يؤكد النجار بأن معزز من الواضح أنه تم الاعتداء عليه بالضرب الشديد، وظن السجانون أنه قتل، وقد جرى وضعه في كيس أسود، فهو ركّز على الكيس الأسود أكثر من مرة.

نقل النجار شهادات أسرى آخرين كانوا مع معزز بأنه تعرض لضرب شديد وللعزل الانفرادي 

وتابع النجار، أن معزز لديه صدمة شديدة جدًا من حدث ما تعرّض له غير معروف للآن، وقد يكون من مسألة الكيس الأسود العالقة في ذهنه، فهو أيضًا يرفض النظر في وجه أي شخص ولا يغلق عينيه، وتبقى جاحظة، ويواصل النظر والتركيز بشكل متواصل باتجاه واحد.

وأكد النجار، أنه تم التواصل مع وزارة الصحة لمتابعة حالة معزز ونقله إلى مستشفى خاص لاستكمال العلاج.

نادي الأسير: معزز عبيات لم يكن يعاني من أي مشاكل صحيّة قبل اعتقاله.

وقال نادي الأسير في بيان، إن عبيات أسير سابق تعرض للاعتقال مرّتين قبل اعتقاله الحالي، وهو متزوج وأب لخمسة من الأبناء، ولم يكن يعاني من أي مشاكل صحيّة قبل اعتقاله.

وأضاف أن عبيات تعرض للضرب المبرح أثناء اعتقاله أواخر شهر تشرين أول/ أكتوبر 2023، وتحديدًا على قدميه، ولاحقًا واجه سلسلة من الاعتداءات بالضرب المبرح، إلى جانب جريمة التعذيب. وتعكس هيئته التي خرج عليها اليوم شهادة كافية لما تعرض له على مدار فترة اعتقاله، إلى جانب جريمة التجويع، والجرائم الطبية التي شكلت أسبابا مركزية لاستشهاد أسرى ومعتقلين بعد السابع من أكتوبر.

وأشار نادي الأسير إلى أنّه وفي ضوء العدوان على الأسرى يواصل الاحتلال التّصعيد من جريمة الاعتقال الإداريّ، حيث وصل عدد المعتقلين الإداريين حتى بداية الشهر الجاري، ما لا يقل عن (3380) معتقلًا، من بينهم نساء وأطفال، ويخضع جميعهم إلى محاكمات صورية وشكلية تحت ذريعة وجود (ملف سرّي)، علما أنّ المئات من المعتقلين الإداريين هم من المرضى، كما أنّ الغالبية العظمى منهم هم من الأسرى السابقين الذين أمضوا سنوات في سجون الاحتلال.

وحمّل نادي الأسير سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن الوضع الذي خرج به المعتقل معزز، مجددًا مطالبته للمؤسسات الحقوقية الدولية أن تتحمل مسؤولياتها اللازمة أمام حرب الإبادة المستمرة، والجرائم بحق الأسرى والمعتقلين كأحد أوجه هذه الإبادة.