كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل بشكل متسارع إقامة بنية تحتية جديدة في قطاع غزة، بما يوحي بنيته البقاء لفترة طويلة. وأشارت الصحيفة إلى أن ما كان قبل أشهر مجرد تلال من الركام أصبح الآن مواقع بناء متطورة تشمل شق طرق واسعة، ونشر هوائيات اتصال، وإنشاء بنى تحتية للمياه والصرف الصحي والكهرباء، بالإضافة إلى تجهيز مبانٍ متنقلة أو ثابتة.
ورغم أن هذه الأعمال تبدو شبيهة بمشاريع حكومية لحل أزمة السكن، فإن الهدف الحقيقي منها، وفق الصحيفة، هو تعزيز وجود جيش الاحتلال الإسرائيلي في القطاع على المدى الطويل. ولفت التقرير إلى أن منطقة محور نيتساريم، التي تشهد أعمال تطوير مكثفة، ليست الوحيدة التي تشهد هذه التحولات، بل هناك مواقع أخرى عديدة في شمال القطاع.
أوضحت الصحيفة أن الوثائق المسماة "رسم خارطة القتال لعام 2025"، التي اطلع عليها الجنود والضباط مؤخرًا، تُظهر بوضوح نية جيش الاحتلال تعزيز وجوده في القطاع، إذ تشمل الخطة شق محاور استراتيجية وإنشاء مواقع جديدة
استراتيجية التوسع والسيطرة
وبحسب التقرير، استولى جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية الحرب على أراضٍ ومحاور استراتيجية في القطاع. وتشير المعطيات إلى أن عمليات الجيش تحاكي في بعض جوانبها الوضع الذي كان قائمًا قبل خطة "فك الارتباط" عام 2005، حيث تظهر "مواقع عسكرية" على طول المحاور، مثل محور نيتساريم.
وفي منطقة كيسوفيم، تم شق طريق جديد مع إنشاء منطقة تجمّع واسعة، بينما تستمر عمليات تسوية الأراضي حولها. وذكرت الصحيفة، أن هذه الخطوات تتزامن مع جهود الاحتلال لتفريغ شمال غزة من سكانها، وتحويل المنطقة إلى "جيب عسكري مغلق".
"رسم خارطة القتال لعام 2025"
أوضحت الصحيفة الإسرائيلية، أن الوثائق المسماة "رسم خارطة القتال لعام 2025"، التي اطلع عليها الجنود والضباط مؤخرًا، تُظهر بوضوح نية جيش الاحتلال تعزيز وجوده في القطاع، إذ تشمل الخطة شق محاور استراتيجية وإنشاء مواقع جديدة.
وأكد ضابط شارك في العمليات أن الجيش لجأ إلى "تجريف مساحات واسعة" داخل القطاع، بما يعني تدمير المباني والبنية التحتية القائمة لمنع استخدامها من قبل المقاومة أو المدنيين. وأضاف الضابط: "لا نقوم بتدمير أحياء كاملة دون سبب، ولكن عندما يكون هناك خطر على قواتنا، لا نتردد في اتخاذ هذه الإجراءات".
العيش وسط المناطق العسكرية
وذكر التقرير أن جنود الاحتلال يعيشون في "ظروف مريحة نسبيًا" داخل المواقع العسكرية الجديدة، حيث تم تجهيزها بحاويات مدرعة ومكيفة، مع مطابخ منفصلة للحوم ومنتجات الألبان، ومساحات ترفيهية. وأشار أحد الضباط الذين خدموا في المنطقة إلى أن الأجواء داخل المواقع توحي بأنهم في "خط آخر ضمن مستوطنات غلاف غزة أو الضفة الغربية"، وليس في منطقة حرب.
ورغم مرور شهرين منذ بدء هذه العمليات، إلا أن الظروف داخل المواقع أصبحت أفضل. ويتزامن ذلك مع استمرار محاولات جيش الاحتلال لإخلاء المناطق الشمالية من سكانها، حيث انخفض عدد السكان في المنطقة الشمالية من حوالي نصف مليون قبل الحرب إلى 20 ألفًا فقط، وفق الصحيفة.
وأثارت عمليات التهجير القسري والتجريف واسعة النطاق تحذيرات من الإدارة الأميركية، التي أشارت إلى تقارير منظمات دولية تُحذّر من كارثة إنسانية تلوح في الأفق بسبب الأوضاع المتردية في شمال غزة.
إعادة رسم الحدود في 4 مناطق
وكشف التقرير أن قوات الاحتلال تعمل على تحويل 4 مناطق إلى مناطق نفوذ عسكري وبنية تحتية دائمة. أحد أبرز هذه المشاريع هو توسيع محور نيتساريم الذي أصبح عرضه 7 كيلومترات بعد إزالة جميع المباني على جانبيه، حيث يُستخدم الآن كممر لوجستي رئيسي لعمليات الجيش، ويحتوي على مواقع عسكرية كبيرة للتمركز طويل الأمد.
وفي الوقت ذاته، يشهد محور فيلادلفيا، الذي يمتد على الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر، عمليات تجريف موسعة تهدف إلى تأمين الحدود ومنع تهريب الأسلحة. ويتم إزالة الأحياء السكنية في المنطقة بشكل منهجي، حيث يتم توسيع الشريط ليصل إلى ثلاثة كيلومترات في بعض المواقع، على الرغم من المعارضة الدولية لهذه الخطط التي قد تؤدي إلى تدمير أجزاء كبيرة من مدينة رفح.
كما يسعى الاحتلال إلى إنشاء شريط عازل على طول الحدود بين غزة وإسرائيل، بعرض لا يقل عن كيلومتر. والهدف من هذا المشروع هو حماية مستوطنات "غلاف غزة" من تهديدات الصواريخ المضادة للدبابات، مع تدمير الأحياء السكنية القريبة من الحدود ضمن هذا المخطط. ويُعتبر جزءًا من استراتيجية إسرائيلية أوسع لضمان وجود طويل الأمد على الأرض.
فيما تم الإعلان عن تطوير منطقة كيسوفيم التي أصبحت ممرًا لوجستيًا جديدًا داخل القطاع، حيث تم افتتاح طريق ضيق في البداية ثم بدأ العمل على توسيعه ليصبح مماثلًا للممرات العسكرية الأخرى في غزة. والهدف من هذه المنطقة هو تسهيل الحركة اللوجستية لقوات الاحتلال وتوسيع منطقة التجمعات العسكرية، في خطوة قد تشهد المزيد من التوسع في المستقبل مع مرور الوقت.
وأكدت الصحيفة، أن جيش الاحتلال يعمل على توسيع "محور نيتساريم"، حيث أصبح عرضه الحالي يتجاوز خمسة كيلومترات وطوله سبعة كيلومترات، مع خطط لتوسيعه إلى سبعة كيلومترات عرضًا.