07-أغسطس-2024
بحر غزة

تحوز الخيام على المساحة الأكبر من رمال الشاطئ، أكثرها للنازحين، وبعضها للباعة وأصحاب المهن

أطفال يلهون وسط ضحكات، وجو من الفرح، شيء يصعب أن تراه إلا على شاطئ مناطق محددة من بحر قطاع غزة، في ظل استعار المجازر الإسرائيلية، التي تتخذ الأطفال عنصرًا أساسيًا لمواصلة شلال الدم منذ بداية الحرب.

دفعت موجات الحر المتلاحقة، المصحوبة برطوبة عالية، مع انعدام التيار الكهربائي، عائلات غزية للتوجه إلى البحر للترفيه عن أطفالها، ولكنهم وجدوا أن البحر تغير كثيرًا عما اعتادوه

ودفعت موجات الحر المتلاحقة، المصحوبة برطوبة عالية، مع انعدام التيار الكهربائي، عائلات غزية للتوجه إلى البحر للترفيه عن أطفالها، ولكنهم وجدوا أن البحر تغير كثيرًا عما اعتادوه، حيث تفوح رائحة الصرف الصحي، وغزت الخيام الشاطئ، وتراكمت أكوام القمامة على مناطق واسعة منه.

بحر غزة
عائلات غزية على الشاطئ | الترا فلسطين

ولا يُعد الشاطئ مكانًا آمنًا من بطش الاحتلال، فقد شهد العديد من المجازر، وهو هدفٌ يوميٌ لقذائف الزوارق الحربية ورصاصها، التي تستهدف الصيادين والنازحين والمصطافين على حد سواء.

استكشفت كاميرا "الترا فلسطين" الواقع الجديد على الشاطئ الموازي للمنطقة الوسطى، قبالة مدينة دير البلح، وقرية الزوايدة، ومخيم النصيرات، وهي المناطق الأكثر اكتظاظًا بالنازحين.

وتحوز الخيام على المساحة الأكبر من رمال الشاطئ، أكثرها للنازحين، وبعضها للباعة وأصحاب المهن، ممن يبتغون كسب قوت يومهم.

بحر غزة
تحوز الخيام على المساحة الأكبر من رمال الشاطئ | الترا فلسطين
بحر غزة
تحوز الخيام على المساحة الأكبر من رمال الشاطئ | الترا فلسطين

 
بحر غزة
وجد الأطفال على الشاطئ مكانًا للهو بعد 10 شهور من الحرب | الترا فلسطين

وفي حالة من الفرح على الشاطئ، وُجد شبان لممارسة هواياتهم في السباحة، والغطس، والجمباز، ولعب كرة القدم، وكرة الطائرة، وألعاب أخرى. وكذلك الأطفال وجدوا مكانًا يتمكنون فيه من اللهو بطائراتهم الورقية، واللعب على الأراجيح، وبناء مجسمات على الرمال.

بحر غزة
كرة قدم على الشاطئ
بحر غزة
جمباز على الشاطئ | الترا فلسطين

يقول الشاب محمد النجار (28 عامًا) إنه وجد في البحر ملاذه الوحيد للترفيه عن نفسه من أجواء الحرب الدامية والكئيبة، والعودة إلى ممارسة رياضاته المفضلة، كالجمباز وكرة القدم، والسباحة، والجري لمسافات طويلة.

ويضيف محمد النجار: "تغيرت حياتي كثيرًا، كنت قبل الحرب مدربًا في نادٍ رياضي، ثم أصبحت نازحًا في خيمة ضيقة، ولم يكن في وسعي العودة إلى الممارسة أي رياضة، ولكن بعد النزوح من رفح إلى دير البلح، بدأت الذهاب بانتظام للشاطئ، وممارسة الرياضة. هذا الأمر ساعدني على تحسين نفسيتي، والخروج من دوامة التفكير السلبي".

وبدأ محمد النجار تقديم تدريبات على رياضة الجمباز للأطفال النازحين في منطقة معسكر دير البلح بشكل أسبوعي، ومجانًا، كما أن متطوعين آخرين، بدأوا دورات تدريبية وتعليمية وتنشيطية للأطفال النازحين.

ويحاول العشرات من الباعة المتجولين، وأصحاب البسطات، أن يعيلوا عائلاتهم بالعمل على الشاطئ المكتظ بأعداد كبيرة من النازحين والمصطافين.

بحر غزة
وجد الأطفال على الشاطئ مكانًا للهو بعد 10 شهور من الحرب | الترا فلسطين

وتنشط صناعة الطائرات الورقية وبيعها على الشاطئ، وهي اللعبة الصيفية الأكثر رواجًا للأطفال، كما يبيع العديد من الأطفال المثلجات والحلوى المصنوعة منزليًا، بهدف إعالة أسرهم.

بحر غزة
طائرات ورقية على الشاطئ | الترا فلسطين

ويقصد الشاطئ أيضًا أصحاب المهن والحرف، للعمل بعد أن دمرت محالهم أو نزحوا عن مناطقهم، كمهن الخياطة وإصلاح الدراجات الهوائية، وصناعة المقاعد والأدوات الخشبية، وكذلك صيدليات، وغيرها من الأعمال.

ويحيط بهذه الأجواء السعيدة بحر من مياه الصرف الصحي والتلوث، إذ كشفت صور حديثة من الأقمار الصناعية عن تلوث الشاطئ المقابل لمدينة دير البلح، والمواصي بشكل كامل، حيث أظهرت الصور تجمع مياه الصرف الصحي على شكل بقع داكنة على مساحات شاسعة من الشاطئ.

التلوث في بحر غزة
صورة تظهر تجمع بقع داكنة على الشاطئ

وتُضَخّ مياه الصرف الصحي دون معالجة مباشرة تجاه البحر، وقد حفر النازحون قنواتٍ في الرمال، تضخ من خلالها مياه ومخلفات الصرف الصحي، تجاه البحر، ما يجعل التلوث يصل لكافة أرجاء الشاطئ.

على خلاف الوضع قبل الحرب، حيث كانت المياه تعالج، ثم تضخ تجاه مناطق محددة ومتعارف عليها.

وتسبب انتشار التلوث، بتفشي عدد هائل من الفيروسات التي تسبب العديد من الأمراض، ومنها حالات مرضية مستعصية، كان آخرها انتشارًا كبيرًا لفيروس يسبب شلل الأطفال.

يقول المنقذ البحري على شاطئ دير البلح سليم ماضي، إن أعدادًا كبيرة تأتي يوميًا للبحر، رغم عدم جاهزية الشاطئ لاستقبال المصطافين، فهو متسخٌ، ومياه البحر ملوثة بالصرف الصحي، والمساحة المتاحة للجلوس على الرمال تضاءلت إلى حد بعيد بعد أن امتلأ البحر بخيام النازحين.

وأضاف سليم ماضي، "من الواضح وجود مواد لزجة في مياه البحر، وهذه المواد تجلب الحشرات فور خروج الشخص من البحر، ما يؤدي إلى التعرض لقرصاتها، ولحساسية في الجلد، مؤكدًا أن هذه المواد غير معروفة، "ولكن بالعين المجردة لك أن تلاحظ اللون البني في مناطق واسعة من البحر، وهي المناطق الملوثة".

الشاطئ تحول لمخيمات للنازحين، وبات مكتظًا ولا يقصده الناس للترفيه فقط، ما جعله يحتاج إلى جهة تدير شؤونه، وتحل الخلافات بين الناس وتوفر الأمن، وكذلك يحتاج إلى نقاط طبية

وأشار ماضي إلى أن الشاطئ تحول لمخيمات للنازحين، وبات مكتظًا ولا يقصده الناس للترفيه فقط، ما جعله يحتاج إلى جهة تدير شؤونه، وتحل الخلافات بين الناس وتوفر الأمن، وكذلك يحتاج إلى نقاط طبية، وتجهيزات تجعله قادرًا على الجمع بين النزوح والترفيه عن الناس.

وتابع، "تحدث حالات غرق كثيرة على الشاطئ، بسبب الأعداد الكبيرة التي حصرت في المنطقة الوسطى والمواصي، في مقابل قلة أعداد المنقذين البحريين، فالبلدية لا تملك التمويل لتوظيف عدد كافٍ من المنقذين، وكذلك نفتقر للإمكانيات اللازمة للإنقاذ، بحيث فقدنا معداتنا مع العدوان، والأبراج التي كنا نراقب منها المصطافين حين السباحة إما قصفت أو سكنها نازحون".