18-أغسطس-2022
Getty

أثار الإعلان الإسرائيليّ ببدء مشروع تجريبي يشمل تشغيل مئات النساء من غزة في "إسرائيل"، حالة جدل كبيرة في الشارع الغزي. وتوزعت آراء سكّان القطاع المحاصر بين مؤيّد للقرار في ظل ندرة فرص العمل، وارتفاع نسبة البطالة وتدني الرواتب، وما بين معارض لهذه الخطوة، انطلاقًا من محاذير أمنية.

أثار الإعلان الإسرائيليّ ببدء مشروع تجريبي يشمل تشغيل مئات النساء من غزة في "إسرائيل"، حالة جدل كبيرة في الشارع الغزي 

حالة النقاش والجدال الواسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، دفعت اتحاد نقابات عمال فلسطين إلى عقد ورشة عمل، الخميس، تحت عنوان "دوافع الاحتلال في منح تصاريح عمل في الداخل المحتل للنساء وأثرها على المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة"، شاركت فيها وزارة العمل ونقابة العمال ووزارة شؤون المرأة وجمعيات نسوية.

نقاشات في غزة، بعد إعلان الاحتلال نيته منح تصاريح عمل لسيدات من غزة
نقاشات مستمرة بعد إعلان الاحتلال نيته منح تصاريح عمل لسيدات من غزة

رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين سامي العمصي، أكد أن قانون العمل الفلسطيني رقم 7، لعام 2000 كفل للمرأة الفلسطينية الحقّ في العمل، سواء داخل أو خارج الأراضي الفلسطينية، لكن ضمن شروط وضوابط أبرزها حفظ كرامتها وتوفّر المناخ المناسب. وأشار إلى تجارب سابقة لسيدات من قطاع غزة، عملن في الداخل المحتل والضفة الغربية في الثمانينات ومطلع التسعينات.

وعبّر العمصي عن اعتقاده بعدم وجود جدوى اقتصادية من وراء عمل قرابة 500 سيدة من قطاع غزة في الداخل المحتل، بسبب عزم الاحتلال استقطاع هذا العدد من كوتة العمال الرجال.

العمصي: لا جدوى اقتصادية من عمل النساء الغزيات في الداخل، لإنها حصتهن مستقطعة من كوتة العمال الرجال 

وقال إن هناك مخاطر أمنية من وراء الخطوة الإسرائيلية، فالاحتلال الذي يساوم المرضى على تلقي العلاج، بالتأكيد سيسعى لاستهداف المرأة الفلسطينية كذلك. ودعا الجهات الأمنية والفصائل في قطاع غزة في حال تم التعامل مع هذا الخيار إلى توعية وتثقيف النساء أمنيًا، وتوعيتهم أسريًا.

وأشار إلى أن المرأة الفلسطينية لا يمكنها العمل في قطاع الإنشاءات والزراعة الذي يطرحه الاحتلال بنسبة 95% أمام العمال الفلسطينيين، مضيفًا: إذا لم تتحسّن شروط الاحتلال سيكون الأمر مجرد فقاعة إعلامية يسعى الاحتلال من خلالها إلى تجميل نفسه خاصة بعد المجازر التي ارتكبها في عدوانه الأخير (آب/ اغسطس 2022).

رسميًا: لا قرار

من جانبه أكد مدير عام خدمات التشغيل في وزارة العمل محمد طبيل في حديث لـ "الترا فلسطين" أن الوزارة لم تبلّغ -حتى الآن- بأي قرار رسمي حول سماح الاحتلال لسيدات من غزة بالعمل داخل الخط الأخضر، مشيرًا إلى أن الأخبار الواردة من الاحتلال متضاربة وتهدف إلى خلق بلبلة في المجتمع الفلسطيني.

وأوضح أن مكاتب وزارة العمل في قطاع غزة لم تستقبل أي سيدة للسؤال أو الاستفسار عن العمل في الداخل. وأشار إلى أن وزارة العمل واللجنة المشتركة تمارس عملها بشكل طبيعي، وفق الشروط والتفاهمات الموقعة، وهي أن يكون المتقدم للعمل متزوج، وعمره فوق 26 عامًا. 

وبيّن طبيل أنه في حال تم تبليغهم بشكل رسمي من قبل الشؤون المدنية بالقرار، فسيتم دراسته مع كافة الجهات المختصة لاتخاذ القرار المناسب. وذكر أن الاحتلال ليس وحده من يحدد شروط ومعايير العمل في الداخل، وأنّ هذا الميدان يشهد تدافعًا مع الاحتلال كما في أي ميدان آخر. 

آخر إحصائية لعدد الغزيين المسجلين للعمل في الداخل، بلغت 132 ألف مواطن، وليس بينهم أي سيدة 

وذكر أن عدد التصاريح التي أصدرها الاحتلال لمواطنين من قطاع غزة بلغ 11 ألفًا و300 تصريح، تحت بند احتياجات اقتصادية، مبينًا أنه منذ مطلع آب/ أغسطس الجاري بدأ الاحتلال بإصدار تصاريح تحت بند عامل، يتمتع بموجبه العامل بكافة حقوقه العمالية. 

ولفت طبيل إلى أن الاحتلال رفض منح 9 آلاف مواطن تصاريح عمل، بحجة وجود "رفض أمني"، ودعا في الوقت ذاته إلى الضغط على الاحتلال لإنهاء هذا الملف قبل التوسّع في ملف الترشيحات، أو إضافة أي كوتة جديدة. 

استغلال المرأة العاملة 

هبة الدنف منسّقة العيادة القانونية في جمعية عايشة لحماية المرأة والطفل، اتفقت مع ما تحدث به العمصي وطبيل من الناحية الأمنية والقانونية، لكنها في ذات الوقت أبدت موافقتها على عمل المرأة في الداخل في ظل حالة الاستغلال التي تتعرض لها المرأة العاملة في غزة. 

خلال نقاشات في غزة عن عمل النساء داخل الخط الأخضر

وتساءلت الدنف: هل هناك بدائل متاحة فلسطينيًا تخفف عن النساء اقتصاديًا، ويمكن القيام بها من قبل الحكومة في غزة؟ إذا كان ذلك متاحًا ويمكن تطبيقه فلا حاجة للعمل في الداخل. 

وذكرت أن النساء في غزة يتعرضن لعنف اقتصادي بسبب العدوان الإسرائيلي المتكرر على قطاع غزة، والانقسام الفلسطيني، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة في صفوفهن بصورة غير مسبوقة. 

هبة الدنف: هناك قصور في المتابعة الحكومية لأجور وحقوق النساء العاملات، وربع المستخدمات بأجر يتقاضين رواتب دون الحد الأدنى للأجور

وأشارت إلى أن قصور في المتابعة الحكومية لأجور وحقوق النساء العاملات، وربع المستخدمات بأجر يتقاضين رواتب دون الحد الأدنى للأجور، وعدد كبير منهن يعملن دون عقد عمل. 

وأضافت منسّقة العيادة القانونية في جمعية عايشة لحماية المرأة والطفل، أنّ من الأولى الحديث عن تدابير تمكّن النساء من الوصول إلى فرص عمل سواء داخل غزة أو خارجها، خاصة في ظل إشارة جهاز الإحصاء الفلسطيني إلى أن 11 في المئة من الأسر الفلسطينية تعيلها سيّدات.