27-أغسطس-2024
إسرائيل تترقّب تصاعد المخاوف من رد إيران وحزب الله وتحذير من حرب استنزاف

تناولت عدة كتابات وتصريحات إسرائيلية، ما وصف بـ"الضربة الاستباقية" على جنوب لبنان، قبيل رد حزب الله على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، ومدى تأثيرها على الجبهة الشمالية.

واستعرضت الكاتبة نوعا لاندو، في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، نتائج "الضربة الاستباقية" التي شنّتها جيش الاحتلال الإسرائيلي على لبنان وتأثيرها الاستراتيجي. وأشارت لاندو إلى أن الهجوم الإسرائيلي لم يكن كافيّا لـ"إزالة تهديد" حزب الله، حيث استمر التوتر في الشمال، ولم يعد السكّان إلى بيوتهم. وعلى الرغم من التحسن السريع في منطقة تل أبيب وعودة البورصة للعمل، فإن الغضب كان سيد الموقف بين رؤساء البلديات في الشمال، الذين اعتبروا أن الهجوم أظهر "عجز" الحكومة عن القضاء على التهديد. 

وأكدت لاندو أن الحلول العسكرية وحدها غير كافية، داعية إلى التوصل إلى صفقة دبلوماسية شاملة لإنهاء النزاع في غزة وتحقيق الهدوء في الشمال، مشددة على أن أي تصعيد إقليمي لن ينتهي إلا من خلال التفاهمات الدبلوماسية.

رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية سابقًا: العملية التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي كانت استغلالاً لفرصة، لكنها لم تكن كافية لتغيير المعادلة

وأشار مراسل الشؤون العسكرية في القناة الـ12 الإسرائيلية، نير دفوري، إلى أن هذا الهجوم الاستباقي المحدود لن يحل المشكلة بشكل جذري. وقد يكون الهدف من الهجوم هو الحفاظ على الوضع الحالي من تبادل القصف لبضعة أيام ثم العودة إلى "الوضع الطبيعي"، ولكن هذا يعني أن مستوطني الشمال، لن يتمكنوا من العودة إلى منازلهم بسبب استمرار القصف. وأضاف دفوري أن إسرائيل لم تستغل هذه الفرصة لإحداث تغيير حقيقي.

وأوضح تسفيكا حاييموفيتش، قائد الدفاعات الجوية الإسرائيلية سابقًا، في لقاء مع القناة الـ12 الإسرائيلية، أن من يعتقد أن التغيير يمكن أن يحدث بسرعة وبسهولة، كما لو كان تشغيل زر كهرباء، فهو مخطئ.

وأشار حاييموفيتش إلى ثلاث نقاط يجب أخذها في الاعتبار: أولًا، لا توجد رغبة في الدخول في حرب إقليمية تشمل إيران. ثانيًا، الربط بين الجنوب والشمال يتطلب التوصل إلى صفقة أسرى، حتى لو كانت مؤلمة. وأخيرًا، النظام الدولي يشكل عنصرًا قويًا جدًا، والتزام الولايات المتحدة يبقى مهمًا على المدى الطويل.

وفي تقرير لمراسل الشؤون العسكرية في التلفزيون الإسرائيلي الرسمي قناة "كان" إيتاي بلومنتال، أشار إلى أنه "رغم إحباط الهجوم المتوقع" لحزب الله، فإن التحديات لا تزال قائمة، إذ ينتظر آلاف من مستوطني الشمال عملية فعّالة تسمح لهم بالعودة إلى منازلهم، لكن الوضع لم يتغير بشكل كبير. 

وقال عاموس يدلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية سابقًا، في حديث مع القناة الـ12 الإسرائيلية، إن ما يحدث الآن يمكن أن يتطور إلى حرب، ولكن حزب الله لا يسعى إلى ذلك. وأكد أن العملية التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي كانت استغلالًا لفرصة، لكنها لم تكن كافية لتغيير المعادلة.

رئيس شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي سابقًا: "لقد أنهينا العملية ولكن عدنا إلى نفس النقطة التي كنا فيها قبلها. وهذا نابع من غياب استراتيجية واضحة وغياب قرار حاسم"

وأشار يوسي يهوشوع، محلل الشؤون العسكرية في قناة i24 الإسرائيلية وصحيفة يديعوت أحرونوت، إلى أن الوضع لم يتغير بشكل جذريّ رغم نجاح الهجوم. شدد يهوشوع على الحاجة إلى قرار سياسي واضح يشمل تعليمات بتغيير أهداف الحرب وضمان عودة مستوطني الشمال إلى منازلهم بأمان.

من جانبه، رأى نوعام تيبون، قائد اللواء الشمالي في جيش الاحتلال سابقًا، في حديث مع القناة الـ13 الإسرائيلية، أن الوقت قد حان لقول الحقيقة لسكان الشمال: "الجيش لا يستطيع القتال على جبهتين. يجب إنهاء الجبهة الجنوبية أولًا ثم الاستعداد للهجوم في الشمال".

وأشار ألون بن دافيد، المحلل العسكري في القناة الـ13 الإسرائيلية، إلى أن حزب الله أبدى استعدادًا للتوصل إلى تسوية. إذا تمكنت الأطراف من تجاوز الخلافات في مفاوضات القاهرة، فإنه يمكن إنهاء الحرب.

وأوضح بن دافيد أن التسوية بعد الحرب ستكون أفضل قليلاً، لكنها ستكلّف ثمنًا باهظًا، حيث إن الجيش غير مستعد حاليًا لحرب في الشمال والجمهور بحاجة إلى سماع هذه الحقيقة.

وقال يسرائيل زيف، رئيس شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي سابقًا، للقناة 12 الإسرائيلية: "لقد أنهينا العملية، ولكن عدنا إلى النقطة نفسها التي كنا فيها قبلها. وهذا نابع من غياب استراتيجية واضحة وغياب قرار حاسم".

ووفقًا لتسفيكا يحزقيلي، محلل الشؤون العربية في قناة i24، فإن إسرائيل لم تتمكن من توجيه ضربة حاسمة لحزب الله، وما زال حزب الله قادرًا على اختراق المجال الجويّ الإسرائيلي. وهذا يعطينا مؤشرًا على أن الوضع قد يتكرر.

رئيس حزب "الديمقراطيين" (اتحاد حزب العمل وميرتس)، فقد أكد الحاجة إلى إبرام صفقة أسرى الآن، التي يمكن أن تؤدي إلى وقف إطلاق النار في الجنوب، الذي بدوره سيساهم في وقف إطلاق النار في الشمال

وأكد الخبير العسكري جيدي هراري، المحاضر الزميل في "مركز علما"، لقناة "كان" أنه كان من الممكن أن يؤدي تغيير المعادلة وضرب حزب الله بشكل يومي إلى نقل زمام المبادرة إلى إسرائيل، "لكننا فشلنا في استغلال هذه الفرصة. بدلًا من ذلك، أرسلنا رسالة لحزب الله بأن الوضع انتهى من ناحيتنا، وهو ما اعتبره هراري خطًأ كبيرًا".

من جانبها، ذكرت ليلاخ شوفال، مراسلة الشؤون العسكرية في "يسرائيل هيوم"، أن الوضع على الأرض لم يتغير بشكل كبير. إذ لا يزال 60 ألفًا من مستوطني الشمال غير قادرين على العودة إلى منازلهم، حتى بعد العملية الناجحة للجيش في استهداف آلاف الصواريخ.

أما يائير غولان، رئيس حزب "الديمقراطيين" (اتحاد حزب العمل وميرتس)، فقد أكد على الحاجة إلى إبرام صفقة أسرى الآن، التي يمكن أن تؤدي إلى وقف إطلاق النار في الجنوب، والذي بدوره "سيساهم في وقف إطلاق النار في الشمال، مما سيسمح بإعادة المستوطنين إلى منازلهم وبدء عملية إعادة تأهيل المجتمع الإسرائيلي".

وقال عميحاي بن شلوش، رئيس بلدية عكا، للقناة الـ12 الإسرائيلية، إن "الحكومة تتحرك فقط عندما يتعرّض وسط البلاد للخطر، بينما الشمال في حالة حرب منذ 11 شهرًا دون تحرك كافٍ". وفي ذات السياق، أضاف دافيد أزولاي، رئيس المجلس المحلي في المطلة، لذات القناة أن العملية الأخيرة كانت لمصلحة تل أبيب وليس الشمال. "وشعر سكان الشمال أن دماءهم ليست على نفس القدر من الأهمية، وأعربوا عن رغبتهم في رؤية أفعال عوضًا عن تصريحات فارغة".