"فطورك عليك، وضيافتك علينا" تلخّص هذه العبارة فكرة "اللمة الرمضانية" التي ينظّمها نشطاء في مخيمات ومدن قطاع غزة، لتناول وجبة الإفطار الرمضاني في الساحات العامة، على وقع المدائح والأناشيد الدينية.
تقوم فكرة "اللمة"، على أن تُحضر كل عائلة أطباق الطعام التي حضّرتها في المنزل، لتناول الإفطار على بساط واحد مع آخرين في أجواء من الألفة والمودّة
"اللمة اللهوانية" نسبة إلى بلدة لاهيا شمال قطاع غزة، كانت فاتحة تلك اللمّات التي سرعان ما لاقت إعجابًا وتفاعلًا كبيرًا من قبل أهالي القطاع، الذين وجدوا فيها فرصة لتعزيز أواصر المحبة والترابط، فاتّسعت رقتها وامتدت لمناطق أخرى، وفقًا لمحمد المصري أحد القائمين على "اللمة اللهوانية".
وتبدأ فعاليات اللمة الرمضانية من بعد صلاة العصر حيث يتجمّع شبان المخيم أو البلدة في المكان لتبادل أطراف الحديث، قبل أن تنطلق المدائح والابتهالات من قبل فرقة شعبية، وما أن يقترب موعد أذان المغرب حتى تبدأ طقوس احتفالية خاصة، لقلب طنجرة "المقلوبة" و"وورق العنب"، وتبادل أطباق الطعام، إضافة إلى سكب مشروبات الخروب والعصائر، في أجواء من الفرحة والسعادة.
وبعد تناول الإفطار يؤدي المشاركون صلاة المغرب جماعة، ومن ثم تنطلق المسابقات الثقافية التي يُعدّها المشرفون على "اللمة"، وتشمل توجيه أسئلة للجمهور وتقديم هدايا للفائزين، إضافة إلى إلقاء أبيات من الشعر وترديد الأناشيد الدينية والروحانية بشكل جماعيّ.
"لمّة" بيت لاهيا أقيمت تحت عنوان "بيت لاهيا الأسرة الواحدة والمدينة الواعدة"، ويقول محمد المصري أحد القائمة على الفعالية لـ "الترا فلسطين" إنّ الهدف الأساس من التجمّع تعزيز أواصر المحبة والمودة بين سكان البلدة وجمعهم على مائدة واحدة، وقد نجحنا في ذلك، وشاهدنا البسمة على وجوه المشاركين؛ صغارًا وكبارًا.
الهدف الأساس من التجمّعات تعزيز أواصر المحبة والمودة بين السكان وجمعهم على مائدة واحدة في رمضان
ورأى أنّ التأثير الإيجابي والجميل لـ "اللمة" لم يقتصر على المشاركين فيها، بل تعدّى ذلك إلى منصات التواصل الاجتماعي، فما إن نشرنا الصور، بدأ نشطاء آخرون بنقل التجربة لمناطق أخرى.
وأشار إلى أنّ بلدية بيت لاهيا رحّبت بالمبادرة، واستضافتها على أرض الملعب البلدي، كما أنّ العديد من أصحاب الحلويات والمتاجر قدّموا الضيافة ومستلزمات اللمة من جوائز وأدوات زينة وغيرها.
اقرأ/ي أيضًا: بسطات رمضان في العالم العربي.. حكايا على عجل قبل أن تداهمها السلطات
المصور الصحفي خالد طعيمة عبّر عن سعادته بالمشاركة في "اللمة اللهوانية"، وقال إنه "لأول مرة يحضر مشهدًا كهذا، ولأول مرة تغمر السعادة قلبي لهذا الحد، كمية الحب في المكان تجعلك تعشق بيت لاهيا".
اللمة النصراوية والحنونيّة
مخيم النصيرات الذي يضم أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين والواقع وسط قطاع غزة، كان المسرح التالي لتنظيم "اللمة النصراوية" والتي حملت شعار "على حب النصيرات نجتمع"، فقد بادر نشطاء من المخيم لتنظيم وترتيب اللمة الرمضانية لأهالي المخيم (شاهد/ي صور سمر أبو العوف).
وفي أجواء من المحبة والسعادة وعلى ذات نسق اللمات الماضية، أقام نشطاء في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة "اللمة الحانونية"، بمشاركة كبيرة من أبناء البلدة.
العديد من النشطاء في بلدات ومخيمات قطاع غزة، أعلنوا نيتهم تنظيم "لمات رمضانية" في ما تبقى من أيام شهر رمضان الكريم، وذلك بعد أن وجد فيها الغزيّون مهربًا من ضغوط نفسية واقتصادية تحيط بهم، بفعل استمرار الحصار الإسرائيلي منذ أكثر من 16 سنة.