تكاد تخلو مئات الصور والخرائط والمسوحات التي وثقتها دول الاستعمار لفلسطين من السماء، من صورة الفلسطيني إلّا في حالات نادرة تخدم مصالح تلك الدول الاستعمارية.
لدى التأمل في الصور والخرائط والرسومات التي وثقها الاستعمار لفلسطين من الأعلى، يخلو الفلسطيني من غالبية هذه الأعمال
هذا ما كشف عنه معرض "فلسطين من الأعلى"، الذي افتتحته مؤسسة عبد المحسن القطان، يوم السبت (11 أيلول/ سبتمبر)، في رام الله، وضم مواد تاريخية أرشيفية، وأعمالاً فنية معاصرة.
اقرأ/ي أيضًا: معرض "فلسطين من الأعلى".. التصوير الفوتوغرافي الجوي بوصفه أداة استعمارية
يعرّف قيم المعرض ومدير البرنامج العام في مؤسسة عبد المحسن القطان يزيد عناني، معرض فلسطين من الأعلى بأنه معرض فني وتاريخي يحاول البحث في طرق مسح فلسطين من الأعلى، لأنه تم تاريخيًا مسح فلسطين بشكل متكرر في الفترة العثمانية، ومن قبل البريطانيين، وكان هناك مسوحات للجغرافيا وكل ما تحتويه.
وأوضح عناني في حديث مع "الترا فلسطين"، أنهم قرروا فهم كيف تم مسح فلسطين من السماء، وعلى أساسه تم تجميع عدة مواد أرشيفية من عدة أرشيفات منها الأرشيف البافاري والبريطاني وأرشيف مكتبة الكونغرس والأرشيف الاسترالي وغيرها، وتم تجميع مواد منها.
وأضاف عناني أنهم تشاركوا مع باحثين متخصصين من مختلف أنحاء العالم متخصيين بهذا المجال، وقاموا بكتابة عدة مقالات وضعت في عددين في فصلية القدس التابعة لمؤسسة الدراسات الفلسطينية.
وأشار إلى أنه تم تقسيم هذا المعرض لستة أقسام، وهذه الأقسام مربوطة بتركيز التصوير الفوتوغرافي، والمسح من السماء لفلسطين سواء للآثار أو القدس كمدينة أو المعابر والموانئ والمرافئ، واستخدام الصور للتخطيط وتغيير ملامح فلسطين وجغرافيتها، وفي القسم الأخير تم التركيز على الجيش الاسترالي الذين كان لديه شيء مثير بوجود فنانيين في الجيش يرافقون الطائرات، ورسموا فلسطين من الأعلى، لذا ركزوا عليها كعمل فني تاريخي.
ويتضمّن المعرض مداخلات معرفيّة عن واقع السيطرة والحماية وإن وردت بتسميات مختلفة، ففي زاوية بصرية مقطع من محاضرة المفكر العربي عزمي بشارة "صفقة ترامب نتنياهو.. خطة اليمين الأميركي لتصفية القضية الفلسطينية" يتناول بالتفكيك التاريخ السياسي لـ"رعاية" الولايات المتحدة الأميركية لمباحثات حل القضية الفلسطينية بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية.
وبحسب القائمين على المعرض، فقد "شكّل مشهد فلسطين من السماء، تاريخيًا، جزءًا من حرب استعمارية واضحة شُنت باستخدام أحدث أشكال تكنولوجيا التصوير، ورسم الخرائط، والاستشعار عن بعد، والرصد، التي رافقت تحركات الجيوش على الأرض، وهدفت إلى الهيمنة على المنطقة والسيطرة عليها، وفي الأزمان المعاصرة، تحوّل هذا المنظور إلى تكنولوجيا أمنية معقدة، ووسيلة من وسائل الردع". ويقولون إنّ قراءة النظرة الجوية للجغرافيا الفلسطينية، لا ترتبط فقط بتفسير ما تبيّنه الصور والخرائط والأفلام الجوية، ولكنها تتطلب فحصًا دقيقًا للسياسة التي زرعت هذه التكنولوجيا في السماء، والأسباب التي تقف وراء توليد هذه الصور، فلا يمكن فهم ما تم إنتاجه في السماء، دون فهم السياق الأرضي ودراسته من منظور الحقائق الموجودة هناك، التي لا يمكن رؤيتها من فوق.
يقارن المعرض بين طبقات من المواد التاريخية، وأفلام وأعمال فنية، ويحلل المواد المؤرشفة التي تعكس السلطة والهيمنة الكولونيالية
وأكد قيم المعرض يزيد عناني أن من المهم الاطلاع على هذه المواد بعيون لفهم ما هو محذوف منها وغير موجود فيها، مشيرًا إلى أنه الفلسطيني غير موجود في هذه المواد، إلا في حالات توثيقات "الأنثوغرافية" التي كانت تسبق عملية الاستعمار، حيث الإخفاء الكامل للفلسطيني، إلا في حالات دراسته كعنصر لإزالته كما فعل الفرنسيين من قبل في الجزائر.
وأوضح عناني أنه في المواد المتعلقة بالقدس ففيها إخفاء لكل ما هو غير مربوط بالثقافة الأوروبية المسيحية، لذا تجد أن الأوروبيين وكأنهم ينظرون إلى الفلسطيني كأنه مصدر فساد في الأرض المقدسة الأرض، نتيجة ما تم تصويره لهم.
ويستمر معرض "فلسطين من أعلى" حتى 15 ديسمبر/ كانون الأول 2021، وهو مفتوح أمام الجمهور يوميًا من الساعة 11 صباحًا وحتى 7 مساءً، عدا يومي الجمعة والأحد، ويرافق المعرض مجموعة فعاليات مختصة توضح محتواه.
اقرأ/ي أيضًا:
طلب نثر رماد جثمانه في 4 دول.. وفاة المخرج الفلسطيني نصري حجاج