02-يوليو-2024
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

بعد ساعات من نشر صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا عن خلافات بين كبار جنرالات الجيش الإسرائيلي ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بشأن وقف إطلاق النار في غزة، حتى لو عنى ذلك بقاء حركة حماس في السلطة، خرج نتنياهو للقول إن ذلك لن يحدث.

بنيامين نتنياهو يُكذّب مصادر نيويورك تايمز: لن ننهي الحرب إلا بعد أن نحقق أهدافها

وقال نتنياهو في تصريح صحفي عصر الثلاثاء، إنّ "مصادر مجهولة" قدّمت إحاطة لصحيفة نيويورك تايمز اليوم. ويقولون إن إسرائيل ستكون مستعدة لإنهاء الحرب قبل تحقيق جميع أهدافها. أنا لا أعرف من هي تلك الأطراف التي لم يُذكر اسمها، لكنني أقول بشكل لا لبس فيه: لن يحدث ذلك. ولن ننهي الحرب إلا بعد أن نحقق جميع أهدافها، بما في ذلك القضاء على حماس وإطلاق سراح جميع الرهائن لدينا".

وأضاف نتنياهو في تصريحه أن "المستوى السياسي الإسرائيلي حدد هذه الأهداف للجيش الإسرائيلي، ولدى الجيش الإسرائيلي كل الوسائل لتحقيقها. نحن لا نستسلم للأرواح الانهزامية، لا في صحيفة نيويورك تايمز ولا في أي مكان آخر"، على حد قوله.

وكشف تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، اليوم الثلاثاء، عن خلافات متزايدة بين كبار جنرالات جيش الاحتلال الإسرائيلي ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن وقف إطلاق النار في غزة، حتى لو كان ذلك يعني بقاء حركة حماس في السلطة مؤقتًا.

وذكرت أن الجنرالات يرغبون في وقف إطلاق النار كأفضل وسيلة لاستعادة نحو 120 إسرائيليًا محتجزين لدى حماس، سواء كانوا أحياء أو أمواتًا، وفقًا لمقابلات مع ستة مسؤولين أمنيين حاليين وسابقين أجرتها الصحيفة.

يرى نتنياهو أن وقف إطلاق النار الذي يُبقي حماس في السلطة قد يؤدي إلى انهيار تحالفه السياسي، حيث هدد بعض أعضاء التحالف بالانسحاب إذا انتهت الحرب دون هزيمة حماس

وأضافت أن الجنرالات يشعرون بأن قواتهم بحاجة إلى فترة راحة لإعادة التجهيز في حال اندلاع حرب بريّة مع حزب الله. كما يعتقدون أن وقف إطلاق النار مع حماس قد يسهل الوصول إلى صفقة مع حزب الله. 

ويتشكل المنتدى العسكري الإسرائيلي من حوالي 30 جنرالاً كبيرًا، بما في ذلك رئيس الأركان الجنرال هرتسي هاليفي، وقادة الجيش، وسلاح الجو، والبحرية، ورئيس المخابرات العسكرية. ويشير موقف الجيش من وقف إطلاق النار إلى تحول كبير في التفكير خلال الأشهر الماضية، حيث لم يوضح نتنياهو خططًا واضحة لفترة ما بعد الحرب.

وأفاد إييال هولاتا، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي حتى أوائل العام الماضي، بأن الجيش يدعم بقوة صفقة لتحرير الأسرى ووقف إطلاق النار. وقال هولاتا إن الجيش يعتقد أنه يمكنه دائمًا العودة لمواجهة حماس عسكريًا في المستقبل، مشيرًا إلى أن فترة التوقف في غزة ستزيد من احتمالات التهدئة في لبنان.

في الوقت نفسه، يرى نتنياهو أن وقف إطلاق النار الذي يُبقي حماس في السلطة قد يؤدي إلى انهيار تحالفه السياسي، حيث هدد بعض أعضاء التحالف بالانسحاب إذا انتهت الحرب دون هزيمة حماس.

وقالت الصحيفة إنه بسبب عدم التزام نتنياهو علنًا باحتلال غزة أو نقل السيطرة إلى قيادة فلسطينية بديلة، يخشى الجيش من حرب دائمة تستنزف طاقاته وذخائره بينما يظل الأسرى في الأسر وزعماء حماس طلقاء. 

نيويورك تايمز: حاول هاليفي، رئيس الأركان، مؤخرًا تعزيز الإنجازات العسكرية للجيش في محاولة لإنهاء الحرب دون فقدان ماء الوجه

وفي مواجهة هذا السيناريو، يبدو أن الحفاظ على حماس في السلطة حاليًا مقابل تحرير الأسرى هو الخيار الأقل سوءًا لإسرائيل، وفقًا لهولاتا وأربعة مسؤولين كبار تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم للصحيفة.

وفي تعليق رسمي، أكد جيش الاحتلال الإسرائيلي أن هدفه هو تدمير القدرات العسكرية والإدارية لحماس، وإعادة الأسرى الإسرائيليين، وتأمين عودة المستوطنين إلى منازلهم بغلاف غزة، لكن تصريحات القادة العسكريين الأخيرة أشارت إلى استنتاجات مختلفة.

قال الأدميرال دانيال هاغاري، المتحدث الرئيسي باسم الجيش، في مقابلة تلفزيونية في حزيران\يونيو إن من يعتقدون أنهم يستطيعون القضاء على حماس مخطئون، موضحًا أن حماس هي فكرة وحزب سياسي متجذر في قلوب الناس. وأضاف هاغاري في انتقاد مبطن لنتنياهو أن الحديث عن اختفاء حماس هو تضليل للجمهور.

وحاول هاليفي، رئيس الأركان، مؤخرًا تعزيز الإنجازات العسكرية للجيش في محاولة لإنهاء الحرب دون فقدان ماء الوجه، بحسب ما أكدت الصحيفة، وصرح بأن الجيش يقترب من النقطة التي يمكنه فيها القول بأنه فكك لواء رفح، مشيرًا إلى أن الوحدة لم تعد قادرة على العمل كوحدة قتالية.

شرحت الصحيفة أنه في حرب لم تخطط لها إسرائيل وتجاوزت مدتها الأطول في غزة، يواجه الجيش نقصًا في قطع الغيار والذخائر وحتى الحافز والقوى البشرية

ورفض مكتب نتنياهو التعليق على مقال نيويورك تايمز، لكنه أصدر بيانًا يوم الإثنين يؤكد فيه أن إسرائيل تقترب من "القضاء على جيش حماس الإرهابي"، دون أن يشير إلى نهاية وشيكة للحرب في غزة. وفي مقابلة تلفزيونية نادرة في حزيران\يونيو، استبعد نتنياهو إنهاء الحرب، لكنه أقر بضرورة تقليص الوجود العسكري في غزة لنقل جزء من القوات إلى الشمال.

وقال مسؤولون عسكريون إن هذه الخطوة ضرورية لمساعدة الجيش على التعافي في حال اندلاع حرب واسعة مع حزب الله، وليس لأن إسرائيل تستعد للهجوم على لبنان قريبًا.

وشرحت الصحيفة أنه في حرب لم تخطط لها إسرائيل وتجاوزت مدتها الأطول في غزة، يواجه الجيش نقصًا في قطع الغيار والذخائر وحتى الحافز والقوى البشرية. وتعتبر هذه الحرب الأكثر شدة التي خاضتها إسرائيل منذ أربعة عقود، حيث يعتمد الجيش بشكل كبير على قوات الاحتياط، وبعضهم يخوض ثالث جولة من الخدمة منذ أكتوبر، ويواجهون صعوبات في التوفيق بين القتال والتزاماتهم المهنية والعائلية.

وأفاد أربعة مسؤولين عسكريين بأن عددًا أقل من جنود الاحتياط يبلّغون عن واجبهم، وأن عدم ثقة الضباط في قادتهم تتزايد نتيجة فشلها في منع طوفان الأقصى الذي قادته حماس في أكتوبر.

وقُتل أكثر من 300 جندي في غزة، وهو عدد أقل مما توقعه بعض المسؤولين العسكريين قبل الاجتياح. لكن أكثر من 4,000 جندي جُرحوا منذ أكتوبر، وفقًا لإحصاءات الجيش، وهو عشرة أضعاف العدد في حرب 2014 في غزة التي استمرت 50 يومًا فقط. 

أكد ضباط بأن بعض الدبابات في غزة لا تحمل السعة الكاملة من القذائف التي تحملها عادةً، حيث يحاول الجيش الحفاظ على مخزوناته في حال اندلاع حرب أكبر مع حزب الله. وأفاد خمسة مسؤولين وضباط بأن الجيش يعاني من نقص في القذائف. كما يفتقر الجيش إلى قطع الغيار لدباباته وجرافاته العسكرية والمركبات المدرعة.

الجيش ينوي إنهاء القتال في غزة دون صفقة تبادل 

وكانت صحيفة "هآرتس" العبرية، قد قالت، اليوم الثلاثاء، إنه مع اقتراب نهاية المرحلة المكثفة من القتال، يقوم الجيش الإسرائيلي بتقليص قواته في قطاع غزة، مما يزيد من صعوبة إقناع الإسرائيليين بتحقيق أهداف الحرب، خاصة المتعلقة باستعادة الأسرى. وكتب المعلق العسكري للصحيفة، عاموس هرائيل: "المشاورة الأمنية التي أجراها رئيس الحكومة مع وزير الدفاع وكبار مسؤولي الجيش الإسرائيلي تشير إلى الانتقال إلى مرحلة "جز العشب" في غزة، لكن يبقى السؤال: كيف يمكن إقناع الجمهور بأن جزءًا كبيرًا من أهداف الحرب قد تحقق، وصعوبة التوصل إلى اتفاق مع مصر تجعل من الصعب مغادرة الحدود معها".

وأشار التقرير إلى أن المشاورة الأمنية التي أجراها يوم الثلاثاء، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الجيش يوآف غالانت وكبار ضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي في القيادة الجنوبية تشير إلى نهاية وشيكة للمرحلة الأكثر كثافة من الحرب في قطاع غزة. وستنتهي هذه المرحلة قريبًا وسيتم الإعلان عن مرحلة تقوم على شنّ غارات جزئية وخاطفة على أهداف تابعة لحماس، وتحويل الوحدات العسكرية إلى الحدود الشمالية. 

ورأت الصحيفة أن السؤال الرئيسي هو كيفية تقديم هذه الخطوة بشكل يقنع الجمهور بأن الحكومة والجيش قد حققا جزءًا كبيرًا من أهداف الحرب، رغم أن حماس لم تُهزم بشكل كامل ولم يتم حتى الآن إعادة 120 أسيرًا.

ادعى المستوى السياسي ومسؤولو الجيش لفترة طويلة أن الضغط العسكري على حماس يساعد في إجبارها على تعديل مواقفها في المفاوضات، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد منذ انهيار الاتفاق الأول في كانون الأول\ديسمبر الماضي

وذكرت الصحيفة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيواصل الحفاظ على قواته في ممر نيتساريم الذي يقسّم القطاع إلى قسمين، بين الشمال والجنوب، وكذلك في ممر فيلادلفيا على الحدود المصرية. 

وأكد المعلق العسكري للصحيفة وجود صعوبة أخرى تتعلق بالأسرى، حيث ادعى المستوى السياسي ومسؤولو الجيش لفترة طويلة أن الضغط العسكري على حماس يساعد في إجبارها على تعديل مواقفها في المفاوضات، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد منذ انهيار الاتفاق الأول في كانون الأول\ديسمبر الماضي. 

وقال إن المزيد من تقليص القوات في قطاع غزة يعني انخفاض الضغط العسكري، وعلى الرغم من المحاولة الأمريكية القطرية المتجددة لبدء المفاوضات، إلا أن فرص ذلك تبدو ضئيلة في الوقت الراهن. 

وأشارت إلى أن الحكومة والجيش سيواجهان صعوبة في تفسير كيفية تقليص النشاط العسكري دون تقديم مزيد من التنازلات لإطلاق سراح الأسرى. وأكد أنه لو كان نتنياهو أكثر التزامًا بمصير الأسرى لكان قد فكر في إعلان وقف مؤقت للقتال بعد رفح في محاولة لاستنفاد فرصة إعادتهم، مما سيؤدي أيضًا إلى وقف إطلاق النار على حزب الله على الحدود اللبنانية.