13-أكتوبر-2024
آثار الدمار الإسرائيلي في مخيم جباليا

يفضل الفلسطيني محمد سعيد، 50 عامًا، البقاء في بقايا منزله المدمر في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، على الاستجابة لأوامر الإخلاء الإسرائيلية والنزوح إلى جنوب قطاع غزة، رغم استمرار العملية العسكريّة الإسرائيلية منذ الأحد الماضي.

ويقول سعيد لـ "الترا فلسطين" إنه يفضل الموت في منزله على النزوح إلى جنوب القطاع، مشيرًا إلى أن ما يدعيه الاحتلال مناطق آمنة هي كذبة كبيرة، كما أن الطريق الذي حدده الاحتلال للإخلاء غير آمن، كما يزعم.

ويشير سعيد إلى أن عددًا من أقاربه النازحين استشهدوا خلال قصف إسرائيلي استهدف مجموعة من الخيام في مواصي خانيونس في تموز/يوليو الماضي.

وبيّن الخمسيني الذي فقد أحد أبنائه خلال قصف إسرائيلي سابق استهداف المنزل المجاور له، أن سعي الاحتلال لإخلاء شمال قطاع غزة بالكامل وتهجير سكانه، هو مخطط خطير وكارثيّ، لافتًا إلى أن المواطنين هنا لم يعد لديهم ما يخسروه غير أرضهم، بعد عام كامل من الحرب والمعاناة.

ويختم الوالد لعائلة مكونة من 6 أفراد: "بعد عام كامل من الحرب والمجاعة في شمال غزة لن أقبل بالنزوح كما فعل جدي في العام 48، وأفضل الموت في منزلي على ذلك".

ولليوم السابع على التوالي تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليتها العسكرية البريّة في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، مع تواصل المطالبات الإسرائيلية للسكان تحت طائلة التهديد بالنزوح إلى جنوب قطاع غزة عبر شارع صلاح الدين.

ومنذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية ضد أهالي قطاع غزة، رفض مئات الآلاف من سكان شمال قطاع غزة ترك منازلهم والاستجابة لأوامر الإخلاء الإسرائيلية، على الرغم من المجازر الجماعية، وقطع الاحتلال لإمدادات الغذاء والماء. 

حواجز ومخاطر

رفض محمود نصر، 38 عامًا، أيضًا أوامر الإخلاء الإسرائيلية والنزوح إلى جنوب القطاع، قائلًا: "رفضنا النزوح منذ بداية الحرب وتحملنا ما لا تتحمله الجبال من الخوف والجوع والعطش، وقدمنا تضحيات كبيرة، ثم بعد عام كامل من ذلك ننزح إلى الجنوب؟".

ويضيف نصر، بينما كان صدى صوت إطلاق النار يُسمع عبر سماعة الهاتف، في حديثه لـ "الترا فلسطين"، لا يوجد أيّ مكان آمن في قطاع غزة، فالمجازر مستمرة ومتواصلة سواء هنا، أو في المناطق التي قال الاحتلال عنها آمنة في جنوب القطاع.

ويتابع نصر، الوالد لطفلين والذي اضطر للنزوح المؤقت إلى منطقة الصفطاوي المتاخمة لمعسكر جباليا، ممكن أنزح داخل غزة لكن ليس في واردي مطلقًا النزوح إلى الجنوب، مبيّنًا بأنه كان شاهدًا على استهداف الاحتلال للنازحين خلال توجههم في بداية الحرب إلى غرب مدينة غزة. 

ويضيف نصر، حتى من يفكر بالنزوح عبر شارع صلاح الدين الذي حدده الاحتلال للإخلاء، فإن عليه أن يقطع سيرًا على الأقدام مسافة تقدر بـ 20 كيلو متر، وأن يمرّ عبر حاجزين عسكريين الأول بالقرب من مقر الإدارة المدنية بجباليا، والثاني قرب محور نتساريم، إضافة إلى المرور من حي الزيتون الذي تتوغل فيه آليات الاحتلال، وهذا معناه الموت المحقق.

" مصرّون على البقاء"

رفض الشاب محمود شوحة، 30 عامًا، النزوح من معسكر جباليا منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لكنه اضطر للسماح لزوجته وطفله الوحيد بالنزوح إلى جنوب قطاع غزة.

يقول شوحة لـ "الترا فلسطين" في بداية الحرب بقينا صامدين في المعسكر لكن مع تصاعد القصف والأحزمة النارية زاد خوفي على طفلي الوحيد فسمحت لزوجتي بالنزوح مع عائلتها، لكني قررت البقاء هنا مع عائلتي.

ويضيف شوحة، أشعر بالندم على قراري السابق، فالحياة داخل الخيام والتشرّد والنزوح المتكرر جنوب القطاع كما تخبرني زوجتي أصابها بالإرهاق الشديد، عدا عن عدم شعورهم بالأمان مطلقًا في ظلّ تواصل المجازر الإسرائيلية في جنوب القطاع.

ويتابع شوحة، الناس هنا مصرّين على البقاء في منازلهم رغم حالة الخطر الشديد، ومنهم من يضطر للنزوح إلى المناطق القريبة من منطقة سكنه للعودة إليها فور انسحاب الجيش، لكنهم لا يفكرون بالنزوح للجنوب بسبب مشاهد النزوح الصعبة والمجازر التي لا تتوقف بحق النازحين.

أوامر إخلاء جديدة

ومع دخول العملية العسكرية يومها السابع، أصدر جيش الاحتلال أوامر إخلاء جديدة في منطقتي جباليا النزلة، وجباليا البلد، في شمال قطاع غزة، وصولا إلى الأطراف الشمالية لمدينة غزة، وهي مناطق الصفطاوي، وأجزاء من حيّ الشيخ رضوان.

وتمنع قوات الاحتلال منذ صباح الأحد الماضي، دخول الإمدادات الأساسية لمحافظة شمال غزة ما يهدد حياة المواطنين المتواجدين هناك، وفقًا لمحمود بصل المتحدث باسم لجهاز الدفاع المدني.

وأوضح أن عشرات الجثامين عالقة في الطرقات لم يتم انتشالهم بسبب القصف الإسرائيلي المستمر والعنيف. وبيّن أن عملية انتقال المواطنين في محافظة الشمال أمر شبه مستحيل بسبب تدمير الاحتلال للبنية التحتية.

وشدد على أن إخلاء مستشفيات شمالي القطاع من شأنه أن يؤدي لانهيار كامل في النظام الصحي ما يضاعف من معاناة المواطنين هناك.