07-أغسطس-2024
محاولة احتواء الرد على اغتيال إسماعيل هنية

(Getty)

تناول تقرير أميركي، جهود واشنطن الهادفة إلى "التقليل من وتيرة التصعيد في المنطقة"، بالإضافة إلى محاولة "احتواء التصعيد"، في ظل انتظار الرد الإيراني على اغتيال إسماعيل هنية في طهران، والقائد العسكري لحزب الله فؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية، ورغم الخلاف الأميركي "المحدود" مع تل أبيب، إلّا أن إدارة بايدن أكدت "التزامها في أمن إسرائيل".

وقالت "الواشنطن بوست": "تسابق إدارة بايدن الزمن لتجنب انفجار العنف في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وهي لحظة عالية المخاطر تهدد بعرقلة اتفاق وقف إطلاق النار الذي طال انتظاره في قطاع غزة وتؤكد حدود النفوذ الأمريكي على إسرائيل، أقرب حليف لها في المنطقة".

يقود وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، حملة دبلوماسية لتطبيق "ضغوط غير مباشرة على إيران"، حيث يطلب من كبار المسؤولين في "القاهرة وبغداد وعواصم عربية أخرى حث طهران وحلفائها على ضبط النفس في أي رد فعل"

وأشارت إلى اجتماع بين وبايدن ونائبته كامالا هاريس، مع كبار مستشاريهم في غرفة العمليات بالبيت الأبيض، يوم الإثنين، لمناقشة الهجوم الإيراني المتوقع ضد إسرائيل والهجوم الذي شنته مجموعة عراقية مدعومة من إيران والذي أدى إلى إصابة جنود أمريكيين، وهي الضربة التي تعهدت واشنطن بالرد عليها "بالطريقة والمكان الذي نختاره".

وسارعت الولايات المتحدة إلى نشر أصول عسكرية إضافية، بما في ذلك سرب من طائرات إف-22 ومدمرات بحرية، أقرب إلى إسرائيل "للمساعدة في الدفاع" ضد ما يعتقد المسؤولون أنه سيكون هجومًا وشيكًا من جانب طهران، ردًا على اغتيال قائد حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية الأسبوع الماضي.

ويقود وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، حملة دبلوماسية لتطبيق "ضغوط غير مباشرة على إيران"، حيث يطلب من كبار المسؤولين في "القاهرة وبغداد وعواصم عربية أخرى حث طهران وحلفائها على ضبط النفس في أي رد فعل".

وقال بلينكن للصحفيين يوم الثلاثاء: "لا ينبغي لأحد أن يصعد هذا الصراع. لقد انخرطنا في دبلوماسية مكثفة مع الحلفاء والشركاء، ونقلنا هذه الرسالة مباشرة إلى إيران. لقد نقلنا هذه الرسالة مباشرة إلى إسرائيل".

وتضيف "الواشنطن بوست": "من غير الواضح إلى أي مدى يمكن لحلفاء أميركا العرب أن يفعلوا لاحتواء الضربة المضادة المتوقعة، وما إذا كانت واشنطن قادرة في المستقبل على ثني حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تأجيج الصراع أكثر".

وأوضح التقرير أن "هجومًا منسقًا من جانب إيران وحزب الله، كل منهما يمتلك ترسانة صاروخية ضخمة، قد يهدد بسحق شبكة الدفاع الجوي الإسرائيلية. ومن غير المؤكد ما إذا كانت الدول العربية سوف تبدي نفس المستوى من الدعم للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة كما فعلت في نيسان/أبريل".

وفي إشارة إلى "استمرار واشنطن في الاستثمار في أمن إسرائيل"، وفق "الواشنطن بوست"، تحدث وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت مرة أخرى مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، يوم الثلاثاء، في خامس مكالمة بينهما منذ 28 تموز/يوليو.

وكان الجنرال مايكل كوريللا، رئيس القيادة المركزية الأميركية، في إسرائيل، يوم الإثنين، لإجراء محادثات مع القادة العسكريين، وهي الزيارة التي أشاد بها غالانت باعتبارها "ترجمة مباشرة لدعم الولايات المتحدة لإسرائيل إلى أفعال".

ووفق التقرير: "خلف الكواليس، هناك احتكاك متزايد بين الولايات المتحدة وإسرائيل. فقد استجاب مسؤولو البيت الأبيض بمفاجأة وغضب لاغتيال هنية في الحادي والثلاثين من تموز/يوليو، والذي اعتبروه انتكاسة لجهودهم التي استمرت شهورًا لتأمين وقف إطلاق النار في غزة ــ وهي العملية المتقطعة التي اعتقدوا أنها تحرز تقدمًا، وفقاً لثلاثة أشخاص مطلعين على تفكير البيت الأبيض".

وتابع التقرير: "رغم أن إسرائيل رفضت التعليق على مقتل هنية، إلا أنها أبلغت المسؤولين الأميركيين على الفور بأنها مسؤولة عن ذلك".

وقال دينيس روس، المبعوث الأميركي السابق إلى إسرائيل: "إذا كان هدفكم هو إتمام الصفقة، فلماذا تفعلون ذلك الآن مع هنية وتفعلون ذلك بطريقة تجبر الإيرانيين على الرد؟".

وأشار التقرير إلى أنه "أصبح العديد من المسؤولين الأميركيين يرون أن نتنياهو، وليس إيران، هو الورقة الرابحة الرئيسية في حريق إقليمي أوسع نطاقا، وفقًا للعديد من كبار المسؤولين في الإدارة. فقد شنت إسرائيل مرارًا وتكرارًا ضربات على حزب الله والقادة الإيرانيين دون إبلاغ الولايات المتحدة أولًا، مما أثار غضب مسؤولي بايدن والرئيس نفسه".

وقال التقرير: "يبدو أن نتنياهو - الذي يتزايد خلافه مع كبار مسؤوليه الأمنيين بسبب إصراره على ضرورة استمرار إسرائيل في الضغط عسكريًا ضد حماس بدلًا من قبول وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى - قد غير شروطه لاتفاق محتمل بعد أن طرح بايدن علنًا ​​خطة قال إنها حصلت على موافقة إسرائيلية".

وقال فرانك لوينشتاين، الذي عمل مبعوثا خاصا للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما، إن نتنياهو "وضع الولايات المتحدة في موقف مستحيل".

وأضاف لوينشتاين "إنه يستفز رد فعل من شأنه أن يجرنا إلى حرب، لكن لا أحد يشكك في ذلك علانية لأننا بالطبع سنقف مع إسرائيل ضد إيران".

وأكد مسؤول إسرائيلي أن المكالمة التي جرت بين بايدن ونتنياهو الأسبوع الماضي، بعد اغتيال هنية، كانت "متوترة". ومع ذلك، لا توجد أي دلائل على أن بايدن على استعداد لممارسة ضغوط كبيرة على إسرائيل لمحاولة احتواء أفعالها، مثل وضع شروط أو الحد من المساعدات العسكرية، وفقًا لعدة أشخاص مطلعين على المناقشات الداخلية.

وأوضح التقرير الأميركي: "شملت الحملة الدبلوماسية التي قادها بلينكن في الأيام الأخيرة شركاء أميركيين لديهم تعاملات روتينية رفيعة المستوى مع طهران، مثل العراق، وكذلك - في إشارة إلى القلق المشترك الاستثنائي - أولئك الذين ليس لديهم مثل هذه التعاملات".

وزار وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي طهران هذا الأسبوع لحث طهران والمنطقة على الهدوء، وهي الزيارة الأولى من نوعها منذ أكثر من 20 عامًا.

وأجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اتصالًا هاتفيًا نادرًا مع نظيره الإيراني، يوم السبت، وحثه على ضبط النفس. وجاء ذلك بعد أن طلبت إدارة بايدن من حكومة عبد الفتاح السيسي التواصل مع إيران، وفقًا لمسؤول مصري مطلع على الوضع.

وفي الوقت نفسه، قال مسؤول عراقي إن بلينكن طلب في اتصال هاتفي يوم الأحد مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من العراق "أن يفعل ما هو ممكن" وأن يستخدم علاقاته مع إيران للتواصل بشأن أهمية خفض التصعيد.

من جانبه، قال معلق الشؤون السياسية في صحيفة "الواشنطن بوست" ديفيد أغناطيوس: "ربما يغادر الرئيس بايدن البيت الأبيض قريبًا. لكنه أجرى خلال الأسبوع الماضي جولة مكثفة من الدبلوماسية والتحضيرات العسكرية لمنع اندلاع حرب كارثية في الشرق الأوسط".

وأضاف: "شملت جهود البيت الأبيض محادثات عبر قنوات خلفية مع إيران لحثها على ضبط النفس، وتوجيه تحذيرات صريحة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعدم عرقلة وقف إطلاق النار في غزة، وإرسال أسطول بحري وجوي أميركي لحماية إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة الآخرين إذا فشل الردع".

ومع ذلك، يوضح: "لا يزال خطر اندلاع حرب إقليمية مدمرة مرتفعًا بشكل غير مريح. لكن مسؤولين في البيت الأبيض قالوا، يوم الثلاثاء، إنهم يعتقدون أن جهود بايدن قد تؤتي ثمارها. ربما تعيد إيران النظر في خطة للانتقام الكبير بعد اغتيال إسماعيل هنية في طهران يوم الأربعاء الماضي".

وتابع المقال: "أوضحت الرسائل الأميركية لإيران أيضًا أن خطر التصعيد الكبير مرتفع للغاية، مع عواقب وخيمة على استقرار الحكومة الجديدة للرئيس مسعود بزشكيان".

وأشار إلى أن "دبلوماسية بايدن مع نتنياهو، كانت معقدة بنفس القدر. ففي يوم الخميس الماضي، أجرى الاثنان محادثة هاتفية حادة اشتكى فيها بايدن من أن نتنياهو يعيق الجهود الأميركية لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى في غزة. ويقال إن بايدن ضغط على نتنياهو ليكون ’شريكًا جيدًا’".

ولفت أغناطيوس، إلى تعديلات نتنياهو على صيغة صفقة التبادل. وقال: "لقد تزايد إحباط بايدن تجاه إسرائيل بعد اغتيال هنية، والذي جاء بعد يوم واحد من مقتل القائد العسكري لحزب الله فؤاد شكر في بيروت. ومن وجهة النظر الأميركية، كانت هذه العمليات رائعة من الناحية التكتيكية ولكنها غير حكيمة من الناحية الاستراتيجية"، وفق ما ورد.

وقال الصحفي الأميركي المقرب من "سي إي أيه": "أرسل لي المسؤول الكبير في الإدارة رسالة مفادها أن الولايات المتحدة تقف بحزم وراء اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى الذي أصبح الآن على الطاولة. كل ما تبقى هو القضايا المحيطة بتنفيذ الاتفاق. نحن مستعدون لدفع هذه القضية إلى نهايتها".

وأشار إلى حرب غزة "كشفت عن توتر في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل أزعج بايدن، كما أزعج العديد من الرؤساء السابقين. وباعتبارها أقوى داعم لإسرائيل، تواجه الولايات المتحدة نوعًا من المأزق. تطالب إسرائيل بحرية العمل العسكري، والحق في الدفاع عن نفسها بنفسها. لكنها في الوقت نفسه تتوقع مساعدة الولايات المتحدة إذا تعرضت للهجوم - وربما الانضمام إلى عمليات عسكرية هجومية أيضًا. وهذا سلبي محرج لقوة عظمى".

وختم المقال بالقول: "لكن مع اقتراب مدافع آب/أغسطس بشكل خطير من وابل واسع النطاق، قرر بايدن أن أفضل طريقة لمنع الكارثة هي من خلال الجمع بين الردع والدبلوماسية. وعلى الرغم من كل إحباط بايدن في الماضي تجاه نتنياهو، كانت رسالة البيت الأبيض يوم الثلاثاء هي أنه ’لا يوجد ضوء نهار’ [توصيف أميركي يستخدم للإشارة للخلافات البينية] بين أميركا وإسرائيل".