19-يوليو-2024
الإمارات واليوم التالي للحرب على غزة

(Getty)

دعمت الإمارات خطوة إرسال "قوة دولية" إلى قطاع غزة، في "اليوم التالي" للحرب على غزة، مشيرةً إلى أنها خطوة ترتبط بـ"دعوة من سلطة فلسطينية موحدة ومجددة"، بحسب ما ورد في مقال لدبلوماسية إماراتية في صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية.

جاء المقال بالتزامن مع حديث دولة الاحتلال عن أن "المرحلة الأكثر شدة في حربها على غزة تقترب من نهايتها". وتقديرات إسرائيلية، تشير إلى أنّ مفاوضات صفقة التبادل، تتحول تجاه مفاوضات "اليوم التالي"، بشكلٍ أكبر خلال الآونة الأخيرة.

وبحسب تحليلات إسرائيلية، فإن "تصور اليوم التالي للحرب على غزة، من ناحية إسرائيلية، يدور حول إرساء نظام مدني إداري، بالتعاون مع الأطراف الدولية". التي توضح: أنه "يمكن تحقيق هذه البداية من خلال منح سكان غزة الفرصة لإدارة مشاريع مختلفة لإعادة تأهيل أنظمة الصرف الصحي والمرور بأنفسهم؛ وتوزيع المساعدات الإنسانية من خلال كيانات محلية ليست عضوة في حماس؛ ومنع عناصر حماس من التدخل والتدخل في عملهم"، وفق ما ورد.

مقال الدبلوماسية الإماراتية لانا نسيبة تحدث عن إصلاح السلطة الفلسطينية، كخطوة ضمن تصور "اليوم التالي" للحرب على غزة

وقالت ممثلة الإمارات في الأمم المتحدة لانا نسيبة: "بينما يدرس المجتمع الدولي كيفية التعامل مع فترة ما بعد الصراع في غزة، أوضحت الإمارات أن الهدف لا يمكن أن يكون العودة إلى الوضع الراهن قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وأي جهد "بعد اليوم" لابد أن يغير بشكل جذري مسار الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني نحو إقامة دولة فلسطينية تعيش في سلام وأمن مع دولة إسرائيل. ولابد أن تؤدي استجابتنا الجماعية لأهوال الحرب والاحتلال إلى سلام مستدام وعادل"، بحسب ما ورد.

وأضافت نسيبة: "لهذا السبب يتعين علينا أن نسعى معًا إلى وضع استراتيجية كفيلة بكسر دائرة العنف في غزة وإرساء الأساس لمستقبل مختلف لإسرائيل وفلسطين. وتتلخص الخطوة الأولى في مثل هذا الجهد في نشر بعثة دولية مؤقتة تستجيب للأزمة الإنسانية، وترسي القانون والنظام، وتضع الأساس للحكم، وتمهد الطريق لإعادة توحيد غزة والضفة الغربية المحتلة تحت سلطة فلسطينية شرعية واحدة"، وفق قولها.

وقالت مساعدة وزير الخارجية الإماراتي للشؤون السياسية: "يمكن لبعثة دولية مؤقتة تركز على هذه الأولويات الأربع أن تشكل جزءًا أساسيًا من استراتيجية أوسع لمساعدة الشعب الفلسطيني على تحقيق تطلعاته الوطنية المشروعة إلى إقامة الدولة من خلال مفاوضات ذات مغزى"، على حد تعبيرها.

وأشارت إلى أن "الوجود الدولي المؤقت في غزة"، الذي تدعمه الإمارات لا يمكن أن يتحقق "إلا من خلال دعوة رسمية من السلطة الفلسطينية. ولابد أن يأتي هذا من حكومة يقودها رئيس وزراء جديد يتمتع بالسلطة والمصداقية والاستقلال، وعلى استعداد لمعالجة الإصلاحات الضرورية لتحسين الحكم لجميع الفلسطينيين، وقادر على تحمل مسؤولية إعادة بناء غزة"، وفق قولها.

واستمرت نسيبة في مقالها المنشور على الصحيفة البريطانية، بقولها: إن "إسرائيل، باعتبارها القوة المحتلة، لابد وأن تقوم بدورها أيضًا لإنجاح مثل هذه الجهود. ذلك أن غزة لن تتمكن من التعافي إذا استمرت في العيش تحت الحصار. ولن يتسنى إعادة إعمارها إذا لم يُسمح للسلطة الفلسطينية الشرعية بتحمل مسؤولياتها. ولن تنجح أي جهود إذا استمرت عمليات بناء المستوطنات والعنف والتحريض على العنف في الارتفاع في الضفة الغربية المحتلة".

وتابعت نسيبة: "مثل هذه المهمة سوف تحتاج إلى الدعم الكامل والثابت من جانب كل الأطراف المعنية الملتزمة بالسلام. وبفضل القدرات والموارد المختلفة المتاحة لنا، يستطيع كل منا أن يلعب دورًا حاسمًا في هذه العملية... لأن السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين يصب في مصلحتنا أولًا وقبل كل شيء"، وفق تعبيرها.

وأكدت على "زعامة الولايات المتحدة" في عملية "اليوم التالي للحرب على غزة وإحياء آفاق السلام"، بما يشمل "الالتزام الأميركي الصريح بتحقيق حل الدولتين، وتشجيع الإصلاحات الفلسطينية والشراكة الإسرائيلية، فضلًا عن دعم المهمة الدولية التي نقترحها هنا".

وبعد نشرها المقال، أوضحت لانا نسيبة للصحيفة ذاتها، أن "أبو ظبي ناقشت خطط إرسال قوة دولية مع الولايات المتحدة كخطوة لملء الفراغ في غزة المحاصرة ومعالجة احتياجاتها الإنسانية وإعادة الإعمار الضخمة". مشيرةً إلى أن مستعدة لـ"إرسال قوات إلى مهمة الاستقرار متعددة الجنسيات في غزة بعد الحرب بين إسرائيل وحماس"، لتصبح بذلك أول دولة تقول إنها "قد تنشر قوات برية في القطاع".

وأضافت نسيبة، أن الإمارات لن تشارك في القوة إلا إذا تلقت دعوة من السلطة الفلسطينية، موضحةً: "الإمارات قد تفكر في أن تكون جزءًا من قوات الاستقرار إلى جانب الشركاء العرب والدوليين... بدعوة من السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها، أو سلطة فلسطينية يقودها رئيس وزراء يتمتع بالسلطة". وأضافت "يتعين على الولايات المتحدة أن تتولى زمام المبادرة في هذا الصدد حتى تنجح هذه المهمة".

وقالت نسيبة إن أبوظبي أجرت، وما زالت تجري، محادثات عن "اليوم التالي" مع جميع الأطراف المعنية في المنطقة.

وبحسب "الفايننشال تايمز": "تعمل الولايات المتحدة على تشجيع الدول العربية على المشاركة في قوة متعددة الجنسيات في غزة كجزء من تخطيطها لما بعد الحرب، ولكن من غير المتوقع أن تنشر قوات أميركية".

وقال دبلوماسيون في وقت سابق إن مصر، التي تشترك في حدود مع غزة، والمغرب، الذي طبّع العلاقات مع إسرائيل في عام 2020، تدرسان الخطة أيضًا.

واستمرت نسيبة في القول: "إن الخطة [لغزة] لابد وأن تتضمن ما نعتقد أنه ضروري: مكون إنساني لمساعدة الشعب الفلسطيني في غزة على التعافي من الدمار الرهيب؛ ومكون أمني"، وأضافت "ومكون سياسي قادر على تيسير التوصل إلى حل مستدام للصراع".

وتابعت نسيبة "بالنسبة لنا، ما يتطلبه الأمر [للمشاركة في المهمة] هو قيادة أميركية، وقيادة فلسطينية مُصلحة، وخريطة طريق نحو إعادة توحيد غزة والضفة الغربية تحت حكومة فلسطينية واحدة. كما نحتاج [أيضًا] إلى رؤية صياغة واضحة، أو إشارة أو التزام بإقامة الدولة الفلسطينية من خلال المفاوضات".

إسرائيل تبحث "اليوم التالي" في الإمارات

بحسب صحيفة "يسرائيل هيوم" الإسرائيلية، فإن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، الذي يعتبر الأقرب إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، طار سرًا إلى الإمارات قبل أقل من شهر لمحاولة الحصول على دعم الإماراتيين للمشاركة في ’اليوم التالي’ للحرب على غزة.

وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية: "الرسالة التي نقلها ديرمر للإماراتيين هي أنهم بحاجة إلى ’قوات على الأرض’ في غزة، كجزء من الحل اليومي في غزة"، وحول الحل اليومي، توضح الصحيفة: "هذا مصطلح عسكري للقوات الإسرائيلية الموجودة على الأرض، والقصد أن القوات ستكون حاضرة في الميدان كجزء من الحل في اليوم التالي".

وتستمر في القول: "بعد رحلة ديرمر، من المتوقع أن يسافر اثنان من كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إلى لمواصلة الترويج لخطة اليوم التالي مع الإمارات". وتقول مصادر أمنية إسرائيلية: إن "الجهود تتناول الترويج لخطة ’الفقاعات الإنسانية’ لليوم التالي".

إعلان مطلب إصلاح السلطة

وفي وقت سابق، قبيل قمة جامعة الدول العربية في منتصف أيار/مايو الماضي، كشفت صحيفة "العربي الجديد"، عن "توتر وتراشق إعلامي في اليومين الماضيين خلال الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية الثالثة والثلاثين في المنامة، بعدما أفشلت الإمارات دعم موازنة السلطة الفلسطينية بالتحفظ على بندين مهمين لدعمها ماليًا، لتُعدل القرارات النهائية للاجتماعات بما يتفق مع تحفظ الإمارات بشكل يفرغ قرارات القمة العربية المتعلقة بدعم السلطة من مضمونها بشكل كامل".

وارتبط الاعتراض الإماراتي، على المطالبة بـ"إصلاح" السلطة الفلسطينية، حتى يُقدم الدعم المالي لها.

وحينها، أكدت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن الاجتماعات التحضيرية التي عُقدت في المنامة في اليومين السابقين، للتحضير للقمة العربية، تم تعديل قراراتها المتعلقة بالدعم المالي لموازنة السلطة الفلسطينية، بناء على تحفظ شديد اللهجة أبدته الإمارات، ما يعني أن البنود التي تحفظت عليها الإمارات تم شطبها من قرار اللجنة التحضيرية للاجتماع؛ وبالتالي لن تكون هذه البنود موجودة في القرارات النهائية التي ستصدر عن قمة البحرين اليوم.

وتحفظت الإمارات على البندين الأول والخامس من قرارات اللجنة التحضيرية، بلهجة شديدة، وجاء تحفظها حسب المصادر: "على الفقرة العاملة رقم (1)، والفقرة العاملة رقم (5) انطلاقا من إيمانها بأن دعم موازنة فلسطين مشروط بقيام حكومة فلسطينية من الخبراء المستقلين الأكْفاء تتمتع بالنزاهة والثقة وتعمل بشفافية واستقلالية عن سلطة لم نر منها أي إنجازات ذات مغزى طوال السنوات المنصرمة".

وتشير المصادر إلى أن ما جرى في الاجتماعات التحضيرية في المنامة بين الإمارات وفلسطين، هو استمرار لتراشق كلامي ساخن بدأ في اجتماع السداسية في السابع والعشرين من نيسان/أبريل الماضي في الرياض، حين شن وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد "هجومًا غير مسبوق على السلطة الفلسطينية متهمًا إياها بالفساد" وأن الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ليست أكثر من تبديل وجوه، وأن السلطة عبارة "عن علي بابا والأربعين حرامي".

وفي وقتها، نشر وزير الخارجية الإماراتي، تغريدة على منصة "إكس"، شكك فيها بـ"نزاهة واستقلالية الحكومة الفلسطينية"، وذلك في سياق رده على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو حول دعوة الإمارات للمشاركة في إدارة مدنية لقطاع غزة، إذ قال إن بلاده لن توفر الغطاء للوجود الإسرائيلي في القطاع، وإنها ستكون مستعدة لتقديم كافة أشكال الدعم عند تشكيل حكومة فلسطينية تلبي آمال وطموحات الشعب الفلسطيني وتتمتع بالنزاهة والكفاءة والاستقلالية.

وحينها، قال نتنياهو: "يجب إن تكون هناك حكومة مدنية في غزة، ربما بمساعدة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وآخرون يريدون الاستقرار والسلام".

وقبل تصريحات نتنياهو بأيام، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، إن مكتب نتنياهو يعمل "خلف الكواليس على ترتيب تكون بموجبه مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة شركاء في السيطرة على غزة".

وبعد الجدل السابق، جددت حركة حماس: "التأكيد على رفض أي تواجد عسكري لأي قوة كانت على أراضينا الفلسطينية".

وفي شهر نيسان/أبريل الماضي، قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية: "هناك خيارات وبدائل تُطرح، مثلًا، وجود قوة عربية وتُسمّى بعض الدول؛ نحن قلنا بكل وضوح: نحن نرحب بأي قوة عربية أو إسلامية إذا كانت مهمتها تقديم الدعم لشعبنا الفلسطيني ومساعدته على التحرر من الاحتلال الإسرائيلي، ولكن إذا جاءت قوة عربية أو حتى دولية، وأيًا كانت هذه الدولة، لتوفير حماية للكيان الإسرائيلي، فبالتأكيد أنها مرفوضة".

وفي ذكرى يوم الأرض، صدر بيان عن لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية، قالت فيه: إن "حديث قادة الاحتلال حول تشكيل قوة دولية أو عربية لقطاع غزة هي حديث وهم وسراب وأن أي قوة تدخل لقطاع غزة هي مرفوضة وغير مقبولة وهي قوة احتلالية وسنتعامل معها وفق هذا التوصيف؛ كما نثمن موقف الدول العربية التي رفضت المشاركة والتعاون مع مقترح قادة الاحتلال".

وأضاف البيان في حينها، بالقول: إن "إدارة الواقع الفلسطيني هو شأن وطني فلسطيني داخلي لن نسمح لأحد بالتدخل فيه، وإن كل محاولات خلق إدارات بديلة تلتف على إرادة الشعب الفلسطيني ستموت قبل ولادتها ولن يكتب لها النجاح؛ لأن الشعب الذي أعاد كتابة التاريخ بدمه وصموده لن تستطيع قوة في الأرض أن تحتل أو تنتزع إرادته حتى لو اجتمعت كل قوى الشر بقيادة أميركا والاحتلال لتحقيقه".

فقاعة إنسانية

وفي مقال حديث لديفيد إغناطيوس الكاتب في صحيفة "الواشنطن بوست"، تحدث عن أن الخلافات المتبقية في صفقة التبادل "تافهة"، لكنه أشار إلى أن بعضها "يتعلق بالقضية الأساسية المتمثلة في الحكم المستقبلي في غزة، والتي تظل الجزء الأكثر غموضًا في خطة الوسطاء الأميركيين. وفي عشرات المحادثات مع المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين والعرب حول "اليوم التالي"، لم أسمع حتى الآن تفسيرًا مفصلًا لمن سيتولى فرض الأمن في غزة عندما يتوقف القتال".

واستمر في القول: "في البداية، هناك مسألة ما إذا كانت السلطة الفلسطينية ستلعب دورًا في هذا الأمر. فالسلطة الفلسطينية ترغب في الإشراف على الجانب الغزي من الحدود الجنوبية، مع رفع علمها الخاص. وقد رفضت إسرائيل هذا، ولكن هناك اتفاق مبدئي على حل وسط من شأنه أن يشمل تمثيلًا فلسطينيًا في مجموعة غامضة تعرف باسم ’بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية في رفح’" .

وواصل إغناطيوس تفصيل المطروح، بالقول: "ثم هناك مسألة الوجود العسكري الإسرائيلي على طول الحدود، فيما يُعرف بممر فيلادلفيا. وتدعو خطة إدارة بايدن، كما أقرها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إسرائيل إلى سحب قواتها من ’المناطق المأهولة بالسكان في غزة’، والتي يقول الفلسطينيون إنها تشمل القطاع الواقع جنوب رفح. لكن إسرائيل تقاوم الانسحاب الكامل هناك، لذا يسعى المفاوضون إلى التوصل إلى حل وسط يؤخر الإخلاء الكامل إلى موعد لاحق".

وتابع في مقاله المكتوب بعنوان "ما الذي يعيق وقف إطلاق النار في غزة؟"، وقال: "إن الإسرائيليين والعرب يريدون أن يكون للجيش الأميركي ’قوات على الأرض’ أثناء الفترة الانتقالية. ولكن وضع قوات أميركية في غزة ليس بالأمر السهل. وتقضي خطة التسوية بإنشاء مركز للقيادة والسيطرة واللوجستيات عبر الحدود في مصر. وفي الوقت نفسه، سيتولى الفريق مايكل فينزل تنسيق تدريب قوات الأمن الفلسطينية من مقره في القدس. واللقب الذي يحمله هو ’منسق الأمن الأميركي لإسرائيل والسلطة الفلسطينية’، وهو ما قد يعد بأكثر مما تستطيع الولايات المتحدة أن تقدمه".

وأوضح: "لكن ما هي السلطة التي ستشرف على عملية الانتقال بعد الحرب؟ هنا أيضًا، التفاصيل غامضة. إذ يتصور المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون تفويضًا من مجلس الأمن، أو ربما رعاية مشتركة من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. واقترح مسؤول إسرائيلي كبير أدوارًا إشرافية لنيكولاي ملادينوف، المنسق الخاص السابق للأمم المتحدة في الشرق الأوسط، وتوني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، رغم أن الرجلين مثيران للجدال بسبب تعاملاتهما التجارية في المنطقة".

أمّا عن الأمن في غزة، قال: "ما يتصل بقضية الأمن الأساسية، فمن الذي سيتولى الحفاظ على النظام في غزة خلال الأسابيع الستة الأولى من وقف إطلاق النار، ثم خلال ’المرحلة الثانية’ غير المحددة من الاتفاق التي ستلي ذلك؟ إن حماس تسعى إلى الحصول على دور. ويقترح المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون تشكيل تحالف فضفاض بين فلسطينيي غزة والمستشارين الأجانب والمرتزقة المأجورين من إحدى شركات الأمن الأميركية الكبرى".

وعقب على ما سبق، بالقول: إن "هذه البنية غير مستقرة في أحسن الأحوال. ويعتقد المسؤولون العسكريون الأميركيون والإسرائيليون أن الحل الأفضل في نهاية المطاف يتلخص في إنشاء قوة أمنية تابعة للسلطة الفلسطينية، يتم تدريبها على يد بعثة فينزل، وربما يرأسها ماجد فرج، مدير جهاز المخابرات التابع للسلطة الفلسطينية. ولكن أحد الإسرائيليين أخبرني أن الوجود السري لحماس أمر لا مفر منه تقريبًا ـ وهو الاحتمال الذي يخيف زعماء الدول العربية المجاورة"، وفق قوله.

وحول المستقبل، قال الكاتب المقرب من دوائر "CIA": "لنفترض أن وقف إطلاق النار في غزة سيُعلن عنه فعليًا خلال الأسابيع القليلة المقبلة، كما صاغته إدارة بايدن وأقرته الأمم المتحدة. ماذا سيحدث بعد ذلك؟ يتعين على البيت الأبيض التحرك بشكل عاجل مع إسرائيل وحلفاء رئيسيين آخرين لملء الفراغات في خطة الانتقال. إن الحرب المروعة في غزة تدخل الآن مرحلة النهاية. ولكن في غياب التخطيط الأفضل ’لليوم التالي’، فإن هذا قد لا يعني نهاية حقيقية. وبقدر ما بذلت إدارة بايدن من جهد في وضع خطة وقف إطلاق النار، فإن أمامها المزيد من العمل الذي يتعين عليها القيام به".

وفي وقت سابق، نشر الكاتب المقرب من دوائر "CIA" ديفيد إغناتيوس، مقالة في صحيفة "الواشنطن بوست" تحدث فيها عن خطة لـ"اليوم التالي" في حرب غزة، تناول فيها ما وصفه بـ"خطة غالانت".

ووصف إغناتيوس، الخطة باسم "الفقاعات الإنسانية"، وقال إن هذه الخطة هي "أن تبدأ إسرائيل عملية انتقالية أحادية الجانب في منطقة في شمال غزة تكون خالية إلى حد كبير من مقاتلي حماس. وبعد إقامة محيط محكم هناك، سينسحب الإسرائيليون ويتركون الحكم والأمن المحلي لمجلس فضفاض يتألف من عائلات محلية بارزة وتجار ونقابات عمالية وأعيان آخرين"، وفق ما ورد.

وأضاف: "لتوفير القوة اللازمة لإبعاد حماس والحفاظ على النظام، ستعتمد هذه المجموعة الحاكمة على فلسطينيين محليين تم فحصهم ودعمهم بقوة دولية، بما في ذلك بعض القوات العربية ذات الخبرة من دول مثل مصر. ومن باب حسن التدبير، قد تقوم ’الفقاعة’ أيضًا بتوظيف مقاولين أمنيين غربيين مثل... حسنًا، لن يكونوا من شركة بلاك ووتر، لكن هذه هي الفكرة".

وفي مقال آخر، للكاتب ذاته، أشار إلى أن الخطة صارت مقبولة من قبل واشنطن، بعد زيارة وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت إلى واشنطن، موضحًا: "سيشرف على عملية الانتقال في غزة التي ناقشها غالانت في واشنطن لجنة توجيهية برئاسة الولايات المتحدة وشركاء عرب معتدلين. وتتولى قوة دولية، من المحتمل أن تضم قوات من مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة والمغرب، الإشراف على الأمن، في حين توفر القوات الأميركية القيادة والسيطرة والخدمات اللوجستية من خارج غزة، وربما في مصر. وتدريجيًا ستتولى قوة فلسطينية مسؤولية الأمن المحلي".