12-سبتمبر-2024
الناشطة التركية الشهيدة عائشة ايزغي

الناشطة التركية الشهيدة عائشة ايزغي

أكّد تحقيق نشرته صحيفة "واشنطن بوست" استنادًا لروايات شهود عيان وتحليل مقاطع فيديو أنّ الناشطة الأميركية (التركية الأصل) عائشة نور إيزغي، قُتلت برصاص جنود الاحتلال الإسرائيليّ في بلدة بيتا جنوب نابلس، بعد أن هدأت مواجهات الجمعة الماضية (6 أيلول/سبتمبر)، الرافضة لإقامة بؤرة استيطانيّة على جبل صبيح، وليس أثناء اشتباكات عنيفة، كما زعم جيش الاحتلال في روايته.

تحدّثت "واشنطن بوست" مع 13 شاهد عيان في بيتا، وحللت ما يزيد عن 50 مقطع فيديو وفّرتها لها "حركة التضامن الدولية" التي كانت الشهيدة عائشة نور إيزغي، متطوعة فيها

وكشف التحقيق الذي أعدّه أربعة من مراسلي "واشنطن بوست"، أنّ الناشطة عائشة إيزغي أصيبت برصاصة في رأسها بعد أكثر من نصف ساعة من ذروة المواجهات، وبعد نحو 20 دقيقة من تحرّك المتظاهرين على الطريق الرئيس، وعلى مسافة تبعد عن الجنود أكثر من 183 مترًا.

وزعم جيش الاحتلال أنّ عائشة قد تكون أصيبت إصابة غير مباشرة وغير مقصودة، بعد أن حاول الجنود إصابة من وصفه الجيش بـ "المحرّض الرئيس في المواجهات"، علمًا أنّ فتىً أصيب برصاص الجنود خلال المواجهات يومها.

وأثناء التحقيق، دقق خبراء صوتيّات الأصوات التي تضمّنتها مقاطع الفيديو، بما فيها صوت الرصاصة وتوقيت إطلاقها ومقارنتها مع صوت الرصاصة التي قتلت الناشطة عائشة نور إيزغي البالغة من العمر (26 عامًا)، وكانت في يومها ذاك، تشارك لأوّل مرة في مظاهرة بالضفة الغربية، وفق ما قالت لزملائها النّاشطين.

ونقلت الصحيفة الأميركية عن "هيلين" المتطوعة القادمة من أستراليا، والتي كانت ترافق وعلى تواصل مع عائشة قبيل إصابتها: "لم نُرد الاقتراب من نقاط التوتّر، ورغم ذلك أصيبت (عائشة) برصاصة في رأسها".

وأظهرت مقاطع فيديو التقطها الناشطون مشاهد هادئة قبيل بدء صلاة الجمعة، وقال أحد الناشطين: حين بدأت الصّلاة واصطف المصلّون، رفعت عائشة يديها للدعاء، بينما كانت تجلس على جانب الطريق. وبعد انتهاء الصلاة (بحدود 13:05) غادر كبار السن المكان بمركباتهم، واحتمى فتية على جانب الطريق أسفل المتنزّه، وألقى بعضهم الحجارة، وأحرق آخرون إطارات مطاطيّة، ثم بدأ الجنود إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، ولعده جرى إطلاق الرصاص الحيّ.

وقالت الأسترالية هيلين إن عائشة صُدمت من تصاعد وتيرة الأحداث، وبدأت تتراجع نحو الطريق، خلف الفتية والمتطوعين الآخرين. وعقب مرور أكثر من 20 دقيقة من بدء المواجهات وانخفاض حِدّتها، أصيبت عائشة.

وأظهر فيديو تم تصويره في (13:22) الطريق بجوار حقل الزيتون، حينما انطلقت رصاصة. وبعد دقيقة واحدة، اتّصل الناشط البريطاني بعائشة للتحقق من مكانها، وفقًا لسجل المكالمات الذي اطلعت عليه "واشنطن بوست" وأخبرته أنها نزلت بالفعل من التل إلى حقل الزيتون. ويقول إنّه يتذكّر أنه طلب منها البقاء هُناك.

وتقول الناشطة الأسترالية هيلين إنها احتمت وراء شجرة، وكانت عائشة تقف إلى يسارها. وساد الهدوء لبضع دقائق. وتضيف: "كانت لدينا فرصة لأخذ نفس عميق، والوقوف على ما اعتقدنا أنها مسافة آمنة".

ويتذكّر ناشط إسرائيلي (بولاك) أنه شاهد جنديًا يصوّب بندقيته نحوهم، ثم شاهد "لهبًا" وسمع صوت رصاصتين. بعد ذلك يظهر في مقاطع الفيديو (صوت) صراخ امرأة تتحدّث عن رصاصة، وتطلب الإسعاف.

وشاهدت هيلين صديقتها عائشة تسقط على وجهها على الأرض بجانبها، وحين قامت بقلبها، كان الدم يتدفق من الجانب الأيسر لرأسها، وقد فقدت الوعي. ومن هناك جرى نقلها في مركبة إسعاف إلى أن تم الإعلان عن استشهادها في مستشفى رفيديا.

وقبل شهر من إصابة عائشة بالرصاص، أصيب في المكان ذاته، وبرصاص الجنود الإسرائيليين الناشط الأميركي دانيال سانتياغو (32 عامًا) بعد أن أصيب هو الآخر في فخذه، إثر رصاصة أطلقها أحد الجنود، وقال جيش الاحتلال حينها إنّ الإصابة كانت بالخطأ.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قال، الأربعاء، إنّ وفاة إيزغي "غير مقبولة على الإطلاق"، وأن "التحقيق الأولي الذي أجرته إسرائيل أشار إلى أنه كان نتيجة خطأ مأساوي ناتج عن تصعيد غير ضروري".

والثلاثاء، دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الجيش الإسرائيلي إلى إجراء "تغييرات جوهرية" في طريقة عمله بالضفة الغربية، بما في ذلك قواعد الاشتباك الخاصة.

من المقرر أن تتم إجراءات دفن الناشطة التركية/ الأميركية عائشة نور في مسقط رأسها بمنطقة ديديم بولاية آيدن غرب تركيا

ورأت عائلة الناشطة القتيلة أنّ الموقف الأميركي المعلن غير كافٍ، وقالت في بيان إنها قتلت على يد جيش أجنبي في هجوم مستهدف، والإجراء المناسب هو أن يتحدث الرئيس بايدن ونائبته كامالا هاريس مع الأسرة مباشرة، ويأمُرا بإجراء تحقيق مستقل وشفّاف في مقتل عائشة نور.

وظهر الخميس، أعلنت الخارجية التركية أنّه من المقرر أن يُنقل جثمان عائشة نور إيزغي إلى تركيا الجمعة. وذكرت وكالة الأناضول أنّ سفارة تركيا في تل أبيب أنهت إجراءات نقل الجثمان على خط رحلة تل أبيب/ باكو/ إسطنبول. إذ سينقل جثمان عائشة نور من مطار بن غوريون إلى العاصمة الأذربيجانية باكو قبيل منتصف ليل الخميس/الجمعة، ومن ثم إلى إسطنبول على متن رحلة الخطوط الجوية صباح الجمعة، على أن تتم إجراءات دفن الناشطة في مسقط رأسها بمنطقة ديديم بولاية آيدن غرب تركيا.