28-يوليو-2024
ملصقات مناهضة لبنيامين نتنياهو في نيويورك

ملصقات مناهضة لبنيامين نتنياهو في نيويورك

شهدت زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لواشنطن، مواقف مثيرة للجدل، وتوتّرات خفية بين القادة، وأثارت اللقاءات والتصريحات المتبادلة تفسيرات متنوعة من قبل المحللين السياسيين والخبراء الإسرائيليين. وبينما سعت الزيارة لتحقيق تقدّم في بعض الملفات الحساسة، يبدو أن التوتر والخلافات في الرؤى قد حالت دون تحقيق الأهداف المرجوة.

كرّست غالبية القنوات الإسرائيلية مساحة لفهم تداعيات زيارة واشنطن على العلاقات الإسرائيلية الأميركية

يسرائيل زيف، رئيس شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي سابقًا، قال في مقابلة مع القناة 12: أعتقد أن الأمر الأكثر أهمية الذي حدث هناك، هو أن رئيس الحكومة أُبلغ برفض الأمريكيين الحاسم لاستمرار الحرب. لقد قال له بايدن ونائبته وأيضًا ترامب إن هذه الحرب يجب أن تتوقف، كما تم إبلاغه برفضهم أيّ تغيير في قضية صفقة التبادل.

وعبّر غيل تماري، محلل الشؤون السياسية الخارجية في قناة 13، عن خيبة الأمل من نتائج زيارة نتنياهو للولايات المتحدة، قائلًا هذه زيارة لم تحقق مصالح "إسرائيل" في الولايات المتحدة. ومجرّد التفكير في أن 128 عضوًا في الكونغرس من الحزب الديمقراطي لم يحضروا خطاب رئيس حكومة إسرائيل، فإن هذا بالطبع أمر يستوجب التوقّف عنده. لديهم انتقادات قاسية لهذا الشخص، نتنياهو بهذا الخطاب شعر بالنشوة وأنه ملك العالم، لكنّه في الواقع أقنع فقط المقتنعين به أصلًا.

لقاء متوتر

وسلطت موريا أسرف وولبيرغ، مراسلة الشؤون السياسية في قناة 13، الضوء على اللقاء المتوتر بين نتنياهو وكامالا هاريس وتباين الآراء حوله، وقالت إن لقاء نتنياهو وهاريس كان في غاية التوتر. ووصفه مصدر سياسي كبير بأنه لقاء لا يمكن وصفه بالإيجابي، بخلاف اللقاء مع بايدن. وأضافت أن كامالا هاريس قالت لنتنياهو إن الوضع الإنساني في غزة خطير، والأبرياء يقتلون بأعداد كبيرة. ونقلت على لسان مصدر سياسي كبير: "نحن نعرف من المقصود إنه نتنياهو.. هذا يشير في الواقع إلى العلاقات، وعلى من يُراهن رئيس الحكومة في السباق الانتخابي الرئاسي".

وتحدث بن كاسبيت، المحلل السياسي في القناة 12، عن مواقف القادة الأميركيين تجاه الوضع في غزة وأهمية التوصّل إلى اتفاق لتبادل الأسرى. وقال إن نتنياهو سمع من جميع القادة الذين التقى بهم، من الرئيس الحالي (بادين) وممن قد تخلفه (هاريس) أو من قد يخلفه (ترامب) الموقف ذاته القاضي بإنهاء الوضع في غزة وإعادة المخطوفين وإنهاء هذه القضية.

فشل في الإفراج عن شحنة القذائف

أمّا ألون بن دافيد، محلل الشؤون العسكرية في قناة 13، فقد أوضح تأثير التوتر بين نتنياهو وبايدن على تأخير وصول السفينة المحمّلة بالقذائف العملاقة إلى "إسرائيل"، قائلًا إن "سفينة تحمل الآلاف من القذائف يؤخرون وصولها لإسرائيل بسبب مقطع الفيديو المستفز الذي بثّه نتنياهو ضد بايدن قبل نحو شهر. إنّ مهمة نتنياهو في الزيارة كانت الإفراج عن سفينة السلاح، ولم ينجح في ذلك. وهو في خطابه طالب بهذا الأمر، لكن بايدن لم يقتنع رغم أن نتنياهو أثنى عليه".

وقت القرارات الصعبة

وناقش كوبي مروم، الخبير في الأمن القومي والجبهة الشمالية، الفجوة بين التصريحات التي أطلقها نتنياهو في الكونغرس والواقع الذي تعيشه إسرائيل. وقال إن ما يجب أن يقلقنا هو الفجوة غير المفهومة بين منبر الكونغرس وبين الواقع الصعب هنا. فنتنياهو يدير الحرب منذ 10 أشهر ويمتنع عن اتخاذ قرارات في كل الجبهات، بما في ذلك المخطوفون الذين تحدّثنا عنهم. والشمال ما يزال مهجورًا، وهو يسمح لبن غفير وسموتريتش بإملاء جدول الأعمال. لذلك، حان الوقت لاتخاذ قرارات صعبة وجريئة وليس لإلقاء خطابات في الكونغرس". 

عن لقاء هاريس نتنياهو

يارون أبرهام، مراسل الشؤون السياسية في قناة 12، وصف تفاصيل اللقاء المشترك بين نتنياهو وهاريس، وكشف عن مواقف بايدن الحاسمة في حال أفشل نتنياهو الصفقة، قائلًا: "كان هناك لقاء مشترك بين نتنياهو وبايدن وعائلات المختطفين، وعندها سارع رئيس الحكومة إلى غرفة كامالا هاريس، وظلّ الرئيس بايدن مع تلك العائلات التي شاركت في اللقاء المشترك.

وأضاف أن لقاء هاريس ونتنياهو استمرّ لنصف ساعة، وقد قالت له: "ليس لديّ أيُّ التزام آخر، وأنا سأقوم بتنفيذ ذلك. وإذا شعرنا أنّ إسرائيل تُماطل فسنعلن عن ذلك. كل من تحدثت معه من المستويات الأمنية وطواقم المفاوضات يقولون إنه إذا واصل نتنياهو الإصرار على قضية عدم عودة المسلحين إلى شمال القطاع وإيجاد آلية لتسوية ذلك، فإن هذا الأمر سيستغرق أسابيع وقد يؤدي إلى إحباط الصفقة".

"إسرائيل" في وضع إشكاليّ

البروفسور أودي زومر، خبير العلاقات الأميركية الإسرائيلية، أوضح تعقيدات العلاقات بين الطرفين ودور نتنياهو في ذلك، خلال لقاء مع التلفزيون الإسرائيلي الرسمي "قناة كان". قائلًا إن رون ديرمر، وزير الشؤون الاستراتيجية، وكذلك بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة، قادانا إلى نقطة في غاية الصعوبة في هذه العلاقات. وحقيقة عدم وجود أي فكرة أو رسالة من السياسات التي تحدث عنها نتنياهو في الخطاب، غير مقبولة من جانب أي طرف في الخارطة السياسية الحزبية في الولايات المتحدة، سواء ترامب أو بايدن وهاريس، وهذا وضع إشكالي جدًا.

وأشار إلى أن "إسرائيل" كانت محل إجماع الحزبين في الولايات المتحدة، غير أن خطاب (نتنياهو) عام 2015 حوّلنا إلى دولة أو قضية الحزب الواحد خصوصًا الجمهوريين، وليس الديمقراطيين تقريبًا؛ لقد أثرنا غضب إدارة أوباما بصورة متطرفة جدًا. وفي الواقع فإن خطاب 2024 أوصلنا على الأقل في الوقت الحالي إلى وضع لا يقف فيه إلى جانبنا أي من الحزبين، لا الحزب الجمهوري ولا الحزب الديمقراطي. الزعيمان المرشحان للرئاسة من الجانبين لا يقبلان أيًا من الخيارات السياسية المفضّلة لدولة إسرائيل.

نتنياهو.. لهجة هُنا وأخرى في واشنطن!

وشرح يؤاف كركوفيسكي، محلل الشؤون السياسية في التلفزيون الإسرائيلي الرسمي "قناة كان"، التباين في مواقف نتنياهو بين تل أبيب وواشنطن، والتأثير المحتمل لذلك على مستقبل حكومته. وقال إن نتنياهو في واشنطن قال الأمور الصحيحة والدقيقة، وكذلك خلال لقائه ببايدن حول صفقة المخطوفين، وسيناريو اليوم التالي. لكن عندما يعود نتنياهو إلى هُنا، يقف في وجهه ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، ومعهما يمضي يدًا بيد، حتى في إفشال الصفقات.

ونقل كركوفيسكي عن مسؤول كبير في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي القول إن أي صفقة تطرح على الطاولة ستفكك الحكومة، وهم على يقين من ذلك. لأن بن غفير وسموتريتش سينسحبان، وحظّ نتنياهو هو أننا سندخل في عطلة للكنيست الأسبوع المقبل لثلاثة أشهر، وفي الليكود يأملون أنه خلال العطلة وقبل الدورة الشتوية للكنيست، سيتراجع بن غفير وسموتريتش عن الانسحاب وسيعودون للائتلاف، وبذلك يمكن أن ينقذوا الحكومة لعدة أسابيع أخرى. على أية حال، فإن الانتخابات كما يبدو، وبحسب المسؤول نفسه، ستجري في شتاء 2025.