28-يونيو-2024
تعاني الصيدليات في قطاع غزة من نقص حاد في كثير من الأدوية-أحلام حماد-الترا فلسطين

تعاني الصيدليات في قطاع غزة من نقص حاد في كثير من الأدوية | الترا فلسطين

قبيل الاجتياح البريّ الإسرائيلي لمدينة رفح؛ حرص الدكتور الصيدلي محمد سحويل على النزوح بأسرته وكمية وافرة من الأدوية من صيدليته، التي تعتبر واحدة من أقدم الصيدليات في هذه المدينة الصغيرة الواقعة على الحدود الفلسطينية المصريّة أقصى جنوب قطاع غزة.

وعلى غرار سحويل، نزح أصحاب مشاريع تجارية صغيرة متنوعة بمشاريعهم إلى مناطق عدة في مدينتي خانيونس ودير البلح، ومنطقة المواصي المحاذية لساحل البحر غرب القطاع، وقالوا في أحاديث متفرقة مع "الترا فلسطين" إنهم تعلموا من تجارب النزوح من مدن أخرى تعرضت للهجوم قبل مدينة رفح.

حرص النازحون على تأمين محتويات منازلهم، إضافة إلى النزوح بمشاريعهم التجارية كالصيدليات والمكتبات والمحال التجارية المختلفة

وقبل النزوح الكبير من مدينة رفح هربًا من العملية العسكرية البريّة التي بدأتها قوات الاحتلال في 6 أيّار / مايو الماضي، كانت هذه المدينة تؤوي زهاء مليونًا و400 ألف نسمة بحسب تقديرات محلية ودولية.

محمد سحويل أقدم صيادلة رفح نقل صيدليته معه لخان يونس ويعرض الأدوية على الرصيف المقابل لمجمع ناصر الطبي-أحلام حماد-الترا فلسطين
محمد سحويل، أقدم صيادلة رفح، نقل صيدليته معه لخانيونس، ويعرض الأدوية على الرصيف المقابل لمجمع ناصر الطبي | الترا فلسطين

النزوح بصيدلية

يقول سحويل لـ "الترا فلسطين" إن النازحين الأوائل من مدينة غزة وشمالها عندما أجبروا على ترك منازلهم ومناطقهم في الأسبوع الأول من الحرب والنزوح إلى مدن جنوب القطاع، نزحوا وهم يحملون متاعًا خفيفًا، اعتقادًا منهم في ذلك الوقت أن الحرب قد لا تطول، وواجهوا جرّاء ذلك صعوبات معيشية جمة، فضلاً عن تدمير أو سرقة منازلهم وممتلكاتهم.

واستخلص النازحون في مدن وسط القطاع وجنوبه، ومنها رفح، الفوائد من تجربة نظرائهم في الشمال، وبحسب سحويل فإن النازحين من مدينة رفح استعدوا للحظة النزوح، وقد حرصوا على تأمين محتويات منازلهم، إضافة إلى النزوح بمشاريعهم التجارية كالصيدليات والمكتبات والمحال التجارية المختلفة.

ومنذ نحو 40 عامًا، يمتلك سحويل صيدلية، شهيرة في قلب مدينة رفح، فيما يجلس اليوم على رصيف مقابل لمجمع ناصر الطبي في مدينة خانيونس، وقد وضع كمية من الأدوية المتنوعة في "خيمة متواضعة" ووضع عليها لافتة كتب عليها "صيدلية الشفاء".

وفي "الحيّ النمساوي" القريب من مجمع ناصر يقيم سحويل وأسرته لدى شقيقته، وقد اختار هذا المكان ليفتتح صيدلية مؤقتة على الرصيف لقربها من المجمع وعنوان نزوحه، ويتمنى أن لا يطول به المقام هنا وأن تكون العودة قريبة لمنزله وصيدليته في مدينة رفح، غير أنه لا يخفي خشيته من الدمار الهائل الذي تحدثه قوات الاحتلال في المدينة.

ويتعامل سحويل يوميًا مع عشرات المرضى والمراجعين، وكثيرًا ما يستخدم عبارة: "للأسف غير موجود"، ويقول إن الكثير من الأدوية غير متوفرة في الأسواق، بسبب الحصار الخانق الذي يفرضه الاحتلال على القطاع، ليس فقط في الصيدليات التجارية، وإنما أيضًا داخل المستشفيات.

بسطة لمستحضرات التجميل

وليس بعيدًا عن هذه الصيدلية، تقف "أسرة حمد" على بسطة لمستحضرات التجميل والنظافة الشخصية، كانت قد نزحت بها من محلها التجاري في "حي الرمال" بمدينة غزة، وتنقلّت بها في أماكن عدة قبل أن تنزح أخيرّا من مدينة رفح إلى مدينة خانيونس.

شيماء، فتاة عشرينية، وهي أحد أفراد هذه الأسرة، وتقول لـ "الترا فلسطين": "كان لنا محل تجاري كبير لمستحضرات التجميل والزي الشرعي في مدينة غزة، واليوم وبسبب الحرب والنزوح نقف على بسطة في الشارع".

يبحث المواطنون عن مستحضرات النظافة الجسدية للأطفال، خاصة المتعلقة بمكافحة القمل، والأمراض المعدية، التي انتشرت على نحو خطير وكبير، بسبب الازدحام وشحّ المياه

وترد شيماء على المستغربين من بسطة لبيع مستحضرات التجميل والنظافة في ظل الحرب، بأن النزوح في الخيام ومراكز الإيواء والازدحام الشديد مع الأجواء الحارة تسبب في انتشار الأمراض، وأثر على صحة المرأة خاصة الجلد والوجه.

وقالت إن النساء يبحثن عن منتجات للحفاظ على البشرة والوجه من الحرارة الشديدة في الخيام، وكذلك مستحضرات النظافة الجسدية للأطفال، خاصة المتعلقة بمكافحة القمل، والأمراض المعدية، التي انتشرت على نحو خطير وكبير، بسبب الازدحام وشحّ المياه.

يسار الصباحين نزح من رفح ونقل بعضا من محتويات محلاته الرياضية ويعرضها في الشارع بمدينة خان يونس-أحلام حماد-الترا فلسطين
يسار الصباحين نزح من رفح، ونقل بعضًا من محتويات محلاته الرياضية، ويعرضها في الشارع بمدينة خانيونس | الترا فلسطين

رياضة على قارعة الطريق

وفي تجربة مماثلة، حرص لاعب كرة القدم يسار الصباحين على نقل محتويات محل يمتلكه لبيع الملابس والأحذية والمستلزمات الرياضية من مدينة رفح إلى مكان نزوحهما في مدينة خانيونس، ويعرضها يوميًا على قارعة الطريق في شارع البحر الرئيسي وسط المدينة.

ويشكو الصباحين في حديثه لـ "الترا فلسطين" من قلة الزبائن، لكنه يدرك السبب وراء ذلك، حيث دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي الملاعب ولم يتبقى للأطفال وحتى للكبار ولاعبي الأندية والهواة أي مساحة لممارسة الرياضة وكرة القدم.

يشكو يسار الصباحين من قلة الزبائن بسبب الدمار الهائل الذي احدثه لااحتلال بالملاعب والبنية ىالتحتية الرياضية-أحلام حماد-الترا فلسط
يشكو يسار الصباحين من قلة الزبائن بسبب الدمار الهائل الذي احدثه الاحتلال بالملاعب والبنية التحتية الرياضية | الترا فلسطين

وخلال شهور الحرب الماضية قتلت قوات الاحتلال مئات الرياضيين والإداريين في الأندية الرياضية في القطاع، فضلاً عن تدمير هائل في الملاعب والمرافق والمنشآت الرياضية.

ورغم ذلك فإن "الصباحين" لا يفقد الأمل باعتبار أن ما خرج به من محلاته التجارية في رفح قبيل اجتياحها، هو مصدر رزقه.