أكدت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في افتتاحيّتها، الأحد، أنّ الجيش الإسرائيلي ينفذ "عملية تطهير عرقي" في شمال قطاع غزة، تشمل تهجير السكان القليلين المتبقين بالقوة، وتدمير منازلهم والبنية التحتية، وفتح طرق عريضة في إطار خطة تهدف لفصل مناطق شمال القطاع عن مدينة غزة.
هآرتس: الجيش الإسرائيلي ينفذ "عملية تطهير عرقي" في شمال قطاع غزة بشكل ممنهج ومقصود
واستندت الصحيفة إلى تقرير لمراسلها العسكري يانيف كوبوفيتش، الذي رافق القوات الإسرائيلية بجولة في المنطقة، واصفًا الوضع هناك بأنه يبدو كـ "كارثة طبيعية"، رغم تأكيد الصحيفة على أن ما يحدث هو تدمير ممنهج ومقصود.
وأضافت الصحيفة إشارات إلى تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" الغارديان البريطانية، نقلت فيه عن العميد إيتسيك كوهين، قائد الفرقة 162 في الجيش الإسرائيلي، نفيه السماح بعودة السكان لمنازلهم في شمال القطاع، موضحًا أن معظم سكان مناطق بيت حانون وبيت لاهيا والعطاطرة وجباليا أُجْلُوا بالفعل، وأن قواته تلقت أوامر واضحة بتنفيذ هذا الإخلاء القسري. وأشار كوهين إلى أن مهمته تتمثّل في "إخلاء مساحة وتطهيرها"، زاعمًا أن التهجير يهدف إلى "حماية السكان" وتسهيل حركة القوات الإسرائيلية.
وتطرقت الصحيفة إلى "خطة الجنرالات" التي وضعها اللواء المتقاعد غيورا آيلاند وبعض القادة المتقاعدين الآخرين، التي تدعو لتهجير السكان في شمال القطاع ومنع دخول المساعدات الإنسانية، معتبرةً أن ما يعرضه آيلاند علنًا هو جزء من إستراتيجية ينفّذها الجيش بتوجيه من قياداته العسكرية والسياسية، بدءًا من رئيس الأركان هرتسي هليفي وقائد القيادة الجنوبية يارون فنكلمان، وبدعم من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير الجيش المقال يوآف غالانت وخليفته يسرائيل كاتس.
وأكدت الصحيفة أن نتنياهو يتحمّل المسؤولية الكبرى عن "جرائم الحرب" التي تهدف أيضًا إلى تدمير منازل الفلسطينيين وتهجيرهم، كجزء من "حرب الولادة الجديدة" التي تسعى لتمهيد الطريق لاحتلال طويل الأمد وإمكانية استيطان يهودي مستقبلي.
كما تطرقت "هآرتس" إلى تعليق المؤرخ الإسرائيلي دانيال بيلتمان، المختص في دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية، الذي وصف آيلاند بأنّه تجسيد لانهيار أخلاقي وفقدان للفهم التاريخي، مشيرًا في مقاله إلى أن "خطة آيلاند" تندرج ضمن "جرائم الحرب" التي تتراوح بين التطهير العرقي والإبادة الجماعية.
وفي مقاله بعنوان "مبررات آيلاند تهدف للتغطية على الجرائم الإسرائيلية في غزة"، يرى بيلتمان أن آيلاند يحاول تبرير عمليات التهجير عبر تبريرات واهية، معتبرًا أن آيلاند يمثل الانهيار الأخلاقي لـ "إسرائيل".
وأشار بيلتمان إلى محاولة آيلاند تصوير قطاع غزة كـ "دولة مستقلة" منذ فك الارتباط في 2005، مع تشبيه الوضع بألمانيا في الثلاثينيات، لكنّه اعتبر هذا التشبيه مضللًا.
وأكد بيلتمان أن غزة ما تزال تحت السيطرة الفعلية لإسرائيل التي تفرض سيطرتها على مداخل القطاع، والمجال الجوي، والمياه الإقليمية، ما يعيق وصول الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم.
كما نفى بيلتمان مزاعم آيلاند حول التّشابه بين صعود النازيين واستيلاء حماس على السلطة في غزة، واصفًا هذا التشبيه بأنّه غير منطقي، وأوضح أن حماس استولت على السلطة في ظروف محاصرة وتحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، كما أنّها ليست كيانًا دوليًا معترفًا به، يتمتّع بقدرات اقتصادية وعسكرية.
واختتم بيلتمان مقاله، بالتساؤل عن مصير الفلسطينيين المهجّرين ضمن خطة آيلاند، ولفت إلى أن تجاهل توفير السكن والرعاية والأمن للمهجّرين يعكس نيّة متعمدة للتضييق على سكان غزة، وقال إن "التبريرات الانتقائية" التي يقدمها آيلاند تهدف إلى التهرّب من حقيقة أنّ "إسرائيل" ترتكب في غزة جريمة حرب تهدف إلى التطهير العرقي، وتغيير التركيبة الديمغرافية للمنطقة.