30-أغسطس-2024
الجيش الإسرائيلي والضفة الغربية

(Getty)

قال معلّق الشؤون العسكريّة في صحيفة "هآرتس" الإسرائيليّة عاموس هارئيل: "منذ يوم الأربعاء، نفّذت القوّات الإسرائيليّة ثلاث عمليّات على مستوى الألوية في شمال الضفّة الغربيّة، ويعكس هذا النشاط العدوانيّ ارتفاعًا حادًّا في التحذيرات من هجمات وشيكة. لكنّ التوتّر تزايد أيضًا بسبب المساهمة الإسرائيليّة الّتي قدّمتها الحكومة".

هآرتس: القتال الدائر في الضفّة الغربيّة منذ عمليّة حماس في السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر هو الأشدّ ضراوة منذ انتهاء الانتفاضة الثانية في عام 2006

وأضاف هارئيل: "تشعر المؤسّسة الأمنيّة بالقلق إزاء تأثير استفزازات وزير الأمن القوميّ الإسرائيليّ إيتمار بن غفير على الحرم القدسيّ. كما تتزايد الهجمات على القرى الفلسطينيّة من قبل المستوطنين المتطرّفين، لأنّ المهاجمين يشعرون بأنّهم يتمتّعون بدعم من ممثّليهم في الائتلاف الحاكم".

وتابع هارئيل: "القتال الدائر في الضفّة الغربيّة منذ عمليّة حماس في السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر هو الأشدّ ضراوة منذ انتهاء الانتفاضة الثانية في عام 2006. ورغم عدم الانخراط الكبير بالضفّة من قبل عموم الناس، كما حدث خلال الانتفاضتين، فإنّ الخليط المتفجّر الحاليّ يعيد الضفّة الغربيّة إلى نقطة الغليان مرّة أخرى".

وأشار إلى أنّه "منذ فترة طويلة يتجادل رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو وكبار مسؤولي المؤسّسة الأمنيّة حول متى يجب إنهاء الحرب في غزّة، أو على الأقلّ تقليصها بشكل كبير وتركيز الاهتمام بدلًا من ذلك على الحدود الشماليّة. ولكنّ هذا النقاش يرتكز على افتراض مفاده أنّ الضفّة الغربيّة سوف تظلّ جبهة ثانويّة. وفي واقع الأمر، فإنّ نطاق القتال الدائر فيها وعدد الهجمات الّتي تنطلق منها، والّتي يستهدف بعضها وسط إسرائيل (مثل عمليّة جعفر منى من نابلس الّذي فجّر نفسه في حيّ هتكفًا في تلّ أبيب في منتصف آب/أغسطس)، من شأنه أن يحوّلها إلى مسرح رئيسيّ للحرب".

وأوضح عاموس هارئيل أنّ "الجيش الإسرائيليّ لديه حاليًّا 19 كتيبة في الضفّة الغربيّة، بما في ذلك سبع كتائب منتشرة على طول الخطّ الفاصل (وهناك أيضًا بعض كتائب حرس الحدود، بالإضافة إلى ذلك). في بداية الحرب، كان هناك 30 كتيبة في الضفّة الغربيّة، وخلال الانتفاضة الثانية، كان العدد أكثر من ضعف ذلك".

وأضاف: "على هذا فإنّ أيّ ثوران أكثر خطورة في الضفّة الغربيّة سوف يتطلّب إرسال قوّات إضافيّة إلى هناك. وهذا من شأنه أن يفرض عبئًا إضافيًّا على قوّات الاحتياط الإسرائيليّة، الّتي أصبحت منهكة بالفعل، بسبب الحاجة إلى الدفاع عن نحو 500 ألف إسرائيليّ يعيشون هناك".

وحول التصوّر الإسرائيليّ عن الخطر في الضفّة الغربيّة، قال إنّ "قلب التهديد، من وجهة نظر إسرائيل، يكمن في شمال الضفّة الغربيّة، وخاصّة مخيّمات اللاجئين. فقبل عامين، قادت مدينة نابلس اتّجاهًا جديدًا من الخلايا المحلّيّة من خلال مجموعة جديدة أطلقت على نفسها اسم ’عرين الأسود’. وقد خفّت حدّة الاحتكاك العسكريّ في تلك المدينة قليلًا بعد مقتل أو اعتقال معظم كبار أعضاء تلك المجموعة".

وحول نشوء هذه المجموعات، قال هارئيل: "في جنين وطولكرم ومخيّمات اللاجئين القريبة، شهدت المنطقة منذ ذلك الحين نموًّا ملحوظًا للجماعات المسلّحة المستوحاة من الحرب في غزّة. وبعض هذه الجماعات مرتبطة مباشرة بحماس. ومعظم أموالها وأسلحتها وأوامرها تأتي من الخارج".

مشيرًا إلى أنّ "حقيقة أنّ الحدود الشرقيّة مليئة بالثغرات تجعل الحياة أسهل بالنسبة لشبكات التهريب. ففي السنوات الأخيرة، انخرطت إيران وحزب اللّه في جهد منسّق لتهريب المتفجّرات والبنادق والمسدّسات إلى الضفّة الغربيّة، ويبدو أنّهما حقّقا نجاحًا كبيرًا. وثمّة نقطة ضعف أخرى تتلخّص في الوصلة بين إسرائيل والضفّة الغربيّة. ذلك أنّ الجدار الفاصل الّذي بني في أثناء الانتفاضة الثانية، قبل نحو عشرين عامًا، أهمل لسنوات طويلة، وبالتّالي أصبح أقلّ فعّاليّة إلى حدّ كبير. فضلًا عن ذلك، هناك فجوات فيه لم تغلق قطّ".

وختم تحليله عن الضفّة، بالقول: "الجيش الإسرائيليّ وجهاز الأمن الداخليّ الإسرائيليّ لا يتعاملان مع منطقة يمكن تطويقها واحتواؤها، بل مع منطقة مفتوحة على مصراعيها، حيث يتزايد عدد الرجال المسلّحين، وعدد الأسلحة، والدافع إلى القتال، وخاصّة منذ السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر. وكلّ هذا يتفاقم بسبب اليمينيّين الّذين يصرّون على الاستمرار في تأجيج النيران. والواقع أنّ المسجد الأقصى يشكّل القضيّة الأكثر تفجّرًا على الإطلاق".

وفي سياق متّصل، تحدّث الجيش الإسرائيليّ، في إحاطة صحفيّة، عن العمليّة العسكريّة واسعة النطاق في الضفّة، زاعمًا أنّ الهدف منع العمليّات، مؤكّدًا أنّ التنسيق الأمنيّ مع السلطة الفلسطينيّة لم يتأثّر.

وأشار الجيش الإسرائيليّ إلى أنّ "المؤسّسة الأمنيّة تعتقد أنّ هناك محاولات من قبل جهات خارجيّة، بما في ذلك إيران وحماس وحزب اللّه، للتحريض على الاضطرابات في الضفّة الغربيّة". وقال الجيش إنّه استهدف حتّى الآن "خليّتين كانتا تستعدّان لتنفيذ هجمات كبيرة"، واُكْتُشِفَت عشرات العبوّات الناسفة ومواقع الإنتاج.