05-يوليو-2024
مفاوضات التبادل

(Getty) سموتريتش يهدد بإفشال صفقة التبادل ويرفض حتى المرحلة الأولى منها

غادر رئيس الموساد الإسرائيلي ديدي بارنياع، دولة الاحتلال، اليوم الجمعة، إلى العاصمة القطرية الدوحة، لإجراء محادثات حول مفاوضات صفقة التبادل والتهدئة في غزة، في ظل تحقيق "اختراق" في المفاوضات، بعد رد حركة حماس "الإيجابي".

وفي يوم أمس، أعلن مسؤولون في فريق التفاوض الإسرائيلي أن هناك "فرصة حقيقية" للتوصل إلى اتفاق، وبحسب المصادر الإسرائيلية، فإن رئيس جهاز الشاباك رونين بار ورئيس فريق التفاوض نيتسان ألون لن يشاركوا في المحادثات المباشرة، مع استمرار التنسيق معهم.

وقبل مغادرة برنيع، عقد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو اجتماعًا مطولًا لفريق التفاوض، حيث حُدِّد التفويض الذي سيحصل عليه الوفد الإسرائيلي، ويقول المعنيون بالأمر لـ"يديعوت أحرونوت": إن "هناك الآن شعورًا كبيرًا بالالتزام به والعمل الجاد والنجاح".

إجماع على تقدم في رد حماس، والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية تخشى قيام نتنياهو بإفشال صفقة التبادل

وفي دولة الاحتلال، عُرِّفَت إجابة حماس على أنها "الأفضل"، وأوضحت المصادر الإسرائيلية: "جواب حماس جيد وهناك انفراج، لكن هناك قضايا مهمة لم تُحَلّ ويمكن أن تعيق المفاوضات في المستقبل".

وبحسب المصادر الإسرائيلية، فهذه قضايا أمنية، ترتبط في هوية الأسرى وانتشار جيش الاحتلال في غزة، من بينها مطالبة حركة حماس بانسحاب الاحتلال من محور فيلادلفيا، بالإضافة إلى "عقبة أخرى تتمثل في الصياغة المحيطة بالالتزام بإنهاء الحرب بعد المرحلة الأولى، على الرغم من أن إسرائيل تقول إن حماس أسقطت الطلب الذي يمنع إسرائيل من العودة إلى القتال".

وقالت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية: إن "القضايا الأساسية أصبحت وراءنا، لكن بحسب المصادر، فإن ما بقي مفتوحًا الآن، رغم التطور الإيجابي، يُعرّف بأنه ليس صغيرًا". وأضافت: "المفاوضات التي لا يزال يتعين إجراؤها ليست بسيطة، ومن الممكن أن تفشل الاتصالات للتوصل إلى اتفاق".

وقالت مصادر داخل فريق التفاوض الإسرائيلي لوكالة "رويترز": إن "الاقتراح الذي قدمته حماس والذي يتضمن اختراقًا كبيرًا" يجعل من الممكن المضي قدمًا في الصفقة والآن "الأمور تعتمد على نتنياهو".

وتحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الليلة الماضية، مع الرئيس الأميركي جو بايدن، وشاركت في المحادثة نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، فيما قد "يُنظر إليه على أنه يمثل جبهة أميركية موحدة لزيادة الضغط عليه"، حسبما قال مسؤول كبير في البيت الأبيض بعد المحادثة التي استمرت لمدة نصف ساعة، وناقشا، من بين أمور أخرى، صفقة التبادل.

وأضاف المسؤول الأميركي: "نعتقد أن هناك فرصة كبيرة هنا ونرحب باستعداد رئيس الوزراء الإسرائيلي للاستفادة من هذه الفرصة". وعلى الرغم من ذلك، أوضح أن الصفقة لن يتم إغلاقها خلال أيام قليلة. وأضاف: "هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به بشأن خطوات التنفيذ والانتقال من المرحلة (أ) إلى المرحلة (ب)، إلى جانب خطة إعادة التأهيل لإعادة بناء غزة".

وقال المسؤول إن بايدن نقل رسالة واضحة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو خلال المحادثة: "حان الوقت لإنهاء الصفقة".

بن غفير يهدد

وبعد التقدم في الصفقة، هدد إيتمار بن غفير مرة أخرى بحل الحكومة الإسرائيلية، بقوله: "ستتركون وحدكم".

واحتج وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف بأنه لم يكن مشاركًا في قرار إرسال وفد التفاوض إلى قطر ولا في التفويض الممنوح له، وهاجم نتنياهو. واحتج سموتريش أيضًا، ووعد نتنياهو: "عندما يصبح الأمر فعلي، سيتم عرض الصفقة على مجلس الوزراء والحكومة".

واندلعت مواجهة حادة، الليلة الماضية الخميس، في اجتماع المجلس الوزاري السياسي الأمني الإسرائيلي ​​الذي تناول تجديد المفاوضات بشأن صفقة التبادل.

وهاجم الوزير المتطرف إيتمار بن غفير نتنياهو: "نحن زينة هنا، وبعد أن تنتهي أنت وغالانت مع رؤساء المؤسسة الأمنية وتقفل الأمور تأتي، نحن زينة".

وتوجه بن غفير لنتنياهو قائلًا: "إذا اتخذت القرارات بمفردك - فهي مسؤوليتك، وستبقى وحدك. لم ينتخبني نصف مليون شخص للجلوس في الحكومة فقط، ولكن للقرار من سيكون رؤساء الحكومة". وسألت الوزيرة الإسرائيلية غيلا غمالائيل بن غفير عما إذا كان يهدد، فأجاب: "أنا لا أهدد، هذا هو الواقع. إذا قرر بمفرده، فلن يُتوقع مني أن أبقى في الحكومة".

وقال أمين مجلس الوزراء الإسرائيلي يوسي فوكس لبن غفير إنه "كان هناك دائمًا مطبخ صغير" يتم فيه اتخاذ القرارات الأمنية أثناء العمليات والحروب. إلا أن بن غفير رد قائلًا: "إذا لم أكن شريكًا في المطبخ، فهذا يعني أنك تطرد نصف مليون شخص. وفي النهاية، ستبقى وحدك في المطبخ".

كما اشتكى الوزير المتطرف بتسلئيل سموتريتش لمجلس الوزراء من عدم إبلاغه بموعد توجه فريق التفاوض والتطور الحاصل.

وبحسب صحيفة "يسرائيل هيوم"، فإن سموتريتش "يعارض صفقة لا تتضمن إعلان وقف إطلاق النار في المرحلة الأولى".

وقال الوزير الإسرائيلي عميحاي شيكلي في اجتماع مجلس الوزراء إن "الاتفاق يجب ألا يسمح بإعادة تأهيل حماس"، مضيفًا: "من واجبنا الأخلاقي أن نقلب كل حجر لإعادة شعبنا إلى حضن عائلاته وسأدعم أي صفقة مسؤولة، لكن ويجب ألا نذهب إلى صفقة تسمح لحماس بإنهاء الحرب واستعادة قدراتها. أهداف الحرب حادة وواضحة ويمنع التراجع عنها مليمترًا"، بحسب تعبيره.

وأضافت وزير الاستيطان المتطرف أوريت ستروك أن "الاقتراح يتخلى عن غالبية المختطفين وبالتالي فهو غير جدير بالاهتمام"، وقالت: "بادئ ذي بدء، آمل بشدة ألا يتم طرح الاقتراح المدرج الآن على جدول الأعمال، لأنه يتخلى عن الغالبية العظمى من المختطفين. هذا أمر خطير وفظيع في نظري. في الواقع، الاقتراح ينص على أننا سنستقبل عددًا صغيرًا من المختطفين مقابل إطلاق سراح أعداد كبيرة من الإرهابيين، ووقف الأعمال العدائية، والخروج من ممر نتساريم وهو العنصر الأهم لدينا في قطاع غزة ضد حماس"، وفق تعبيرها.

ماذا يريد نتنياهو؟

قال المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل: "أثار الرد الأخير من حماس على اقتراح التبادل ووقف إطلاق النار في غزة، الذي وصل إسرائيل يوم الأربعاء، نزاعًا عنيفًا بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجميع رؤساء المؤسسة الأمنية".

وأضاف: "الآن يرى العاملون المحترفون الذين يتعاملون مع قضية الرهائن والمفقودين، وكذلك وزير الأمن يوآف غالانت، فرصة جديدة لتحقيق اختراق في المحادثات. ولكن نتنياهو، كما تنعكس التسريبات وكذلك التصريحات الرسمية، لا يشاركهم وجهة نظرهم".

واستمر في القول: "في الاختيار بين إطلاق سراح الرهائن (وإن كان ذلك بثمن باهظ) وبين بقائه السياسي، من الواضح كيف ينوي نتنياهو الاختيار. إذ يخشى نتنياهو انهيار تحالفه مع الأحزاب اليمينية المتطرفة واحتمال إجراء انتخابات مبكرة لاحقة. ويعتقد كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن النتيجة قد تكون فرصة ضائعة سيكون ثمنها حياة المزيد من الرهائن، واستمرار القتال في قطاع غزة، وربما أيضًا تصعيد إضافي مع حزب الله في لبنان".

وواصل هارئيل في القول: "كما حدث في حالات سابقة، كان من الممكن استخلاص رد الفعل الذي أرسلته حماس حتى قبل أن تتلقاه إسرائيل بالكامل، في أعقاب التسريبات المتعمدة من الجانب الإسرائيلي. ففي يوم الثلاثاء، صور نتنياهو مقطع فيديو عاجلًا يتشاجر فيه مع مصادر مجهولة: كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي الذين نقلت صحيفة نيويورك تايمز عنهم دعوتهم إلى وقف الأعمال العدائية في غزة، على أساس أن الجيش يحتاج إلى الحفاظ على الذخائر والتركيز على الاستعدادات لمواجهة محتملة أكثر صعوبة في الشمال. كانت رسالة نتنياهو: لن نتوقف عن القتال في غزة، موجهة أيضًا إلى زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار. وقد تبنى نتنياهو مسار عمل مماثل عدة مرات هذا العام، في اللحظة التي ذُكِر فيها ذرة من احتمالات التقدم في المفاوضات".

وأوضح هارئيل: "كما كان الحال في شهر نيسان/أبريل، شهدنا هذا الأسبوع مرة أخرى قدرات التنبؤ المذهلة التي يتمتع بها النبي بتسلئيل سموتريتش، ففي خطاب استشرافي ألقاه في مؤتمر سديروت الاقتصادي، حذر وزير المالية يوم الثلاثاء من أن السنوار قد يستجيب فجأة بشكل إيجابي لاقتراح الوسطاء ’لأنه في حالة ذعر ويدرك أننا قريبون من النصر’. وقد تحقق تحذير سموتريتش في اليوم التالي، عندما وصل رد حماس"، ويشير هارئيل هنا إلى تنسيق بين سموتريتش ونتنياهو بهدف إفشال صفقة التبادل.

وتابع: "على نحو مألوف من الأشهر السابقة، سارع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى إخفاء هويته باعتباره مصدرًا أمنيًا رفيع المستوى، وأعلن أن رد حماس، الذي يصر على عدم السماح لإسرائيل باستئناف القتال بعد استكمال المرحلة الأولى من الصفقة، لا يحمل أي جديد. وسوف تشهد هذه المرحلة الإفراج الإنساني عن النساء وكبار السن والمرضى والجرحى. وعلى نحو غير معتاد، أثار هذا التفسير اعتراضًا حازمًا من جانب مصادر أمنية أكثر موثوقية. فقد قالوا إن رد حماس يقدم ’شيئًا يمكن العمل معه’، ودعت إسرائيل إلى عدم تفويت الفرصة".

وجاء في مقالة هارئيل: "في قلب رد حماس يكمن البند الثامن من اقتراح بايدن-نتنياهو، الذي صيغ في أيار/مايو الماضي. ويتلخص جوهر الخلاف حتى الآن في مسألة القضايا التي سيتم التعامل معها في الفترة الانتقالية بين المرحلة الإنسانية والمرحلة الأخيرة من الصفقة، عندما يتم إعادة المحتجزين المتبقين (الجنود والرجال الآخرين) إلى جانب الجثث".

وارتباطًا مع النقطة السابقة، قال: "طالب الفلسطينيون بأن يقتصر النقاش خلال هذه الفترة على مسألة معايير إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين. أما إسرائيل فقد أرادت أن تكون صياغة الصفقة بحيث تشمل المفاوضات هذه المسألة، فضلًا عن مسائل أخرى".

وتابع المعلق العسكري في "هآرتس": "يقال إن الرد الجديد من جانب حماس يتضمن مرونة حقيقية في صياغة هذا البند. ويبدو، على النقيض من تأكيدات نتنياهو، أن هذا البند لا يمنع إسرائيل بالكامل من استئناف الأعمال العدائية في المستقبل، إذا انتهكت حماس الشروط المتفق عليها"، وفق تعبيره.

وأوضح هارئيل: "من ناحية أخرى، لا تتنازل حماس بالقدر الكافي -من وجهة النظر الإسرائيلية- عن مطالبها بالحصول على ضمانات خارجية تمنع الجيش الإسرائيلي من استئناف القتال، وإن كان البعض يزعمون أن هذه العقبة يمكن التغلب عليها. وبعد أن عبرت حماس خط اللاعودة في هذه القضية الأساسية، فسوف تحاول الحصول على مكاسب أخرى في مرحلة مبكرة".

وأشار إلى أن "جوهر مطالب حماس هو إطلاق سراح مئات الأسرى الذين هم بالفعل في المرحلة الأولى، بما في ذلك نحو 150 أسيرًا (وهو عدد أقل من عدد الذين يقضون أحكامًا بالسجن المؤبد وأُطلق سراح أسرى صفقة شاليط)".

ونقل هارئيل حديث غالانت في اجتماع مع عائلات الأسرى، قال فيه: "نحن أقرب إلى التوصل إلى اتفاق أكثر من أي وقت مضى". وعقب هارئيل، قائلًا: "كيف سيتم تحقيق ذلك، إذا استمر نتنياهو في نسف الأمر؟ الرأي في دوائر وزير الأمن هو أنه، كما في الليلة التي حاول فيها نتنياهو إقالة غالانت واضطر إلى التراجع، فإن الكثير يعتمد على صحوة الجمهور. إذا كان ما كان مطلوبًا لإخضاع إرادة رئيس الوزراء هو تدفق مئات الآلاف من الناس إلى الشوارع ، فقد يكون هذا هو المطلوب مرة أخرى".

وقال هارئيل: "هذه لحظة الحقيقة: فبدون صحوة عامة، لن يكون هناك اتفاق وستستمر الحرب، وربما تتفاقم، على أكثر من جبهة".

وأوضح هارئيل: "يبدو أن نتنياهو يريد الحفاظ على حالة الحرب الحالية، في انتظار بشرى سارة على الساحة الدولية. وقد حدث تغيير إيجابي في وجهة نظره بعد الأداء المروع الذي قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن في المناظرة التلفزيونية مع منافسه دونالد ترمب قبل أسبوع. ومن الممكن أن نمضي الوقت في حرب لا نهاية لها حتى فوز ترامب المحتمل ومراجعة نهج واشنطن في التعامل مع الحرب في الشرق الأوسط. ولكن حتى ذلك الحين، سوف يعاني الرهائن وربما يموتون".

وتابع هارئيل: "لقد خلق رد حماس إجماعًا نادرًا بين غالانت ورؤساء كل المنظمات التي تتعامل مع المفاوضات: الجيش الإسرائيلي، والموساد، وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، ومركز الأسرى والمفقودين برئاسة اللواء (احتياط) نيتسان ألون. وهم لا يتجاهلون التباينات بين مواقف كل جانب، ولكنهم يعتقدون أنه من الممكن سد هذه التباينات هذه المرة".

وختم بالقول: "الخلاصة هي أن هناك صفقة مطروحة على الطاولة مرة أخرى. ومن الممكن أن يتم التوصل خلال بضعة أسابيع إلى اتفاق يشمل إعادة بعض الأسرى، إلى جانب الاتفاق على مسار المناقشات المستقبلية بشأن إطلاق سراح الباقين. وفي الوقت نفسه، قد يتم خلق فرصة هنا لإجراء مفاوضات سريعة بشأن صفقة شمالية. والطريق لإقناع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بوقف إطلاق النار يمر عبر غزة وصفقة التبادل".

وفي ضوء التقدم المحرز في المفاوضات، قال رئيس الأركان الإسرائيلي السابق وعضو الكنيست الحالي غادي آيزنكوت: إن إسرائيل اقتربت من التوصل إلى صفقة منذ بداية الحرب، موضحًا: "نحن أقرب إلى التوصل إلى اتفاق خلال الأشهر التسعة الماضية. ستكون الأثمان مرتفعة للغاية، لكن إسرائيل قادرة على تحمل تكاليف وقف الحرب لمدة أربعة أشهر وما دام ذلك ضروريًا. هذه ليست نهاية الحرب".

ومع ذلك، قال آيزنكوت في مقابلة أجريت معه نهاية الأسبوع: "للأسف، أجد صعوبة في رؤية [رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو] يرتقي إلى مستوى القيادة الاستراتيجية، ويتخذ قرارًا صعبًا للغاية لوقف الحرب. أجد صعوبة في رؤية نتنياهو يقبل الصفقة ويقول لوزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أن هذا هو الشيء الصحيح الذي يجب فعله".