20-أغسطس-2024
عائلات أسرى إسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بصفقة تبادل (getty)

عائلات أسرى إسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بصفقة تبادل (getty)

ذكرت صحيفة "العربي الجديد" اليوم الثلاثاء، أنّ جولة المفاوضات بشأن غزة، والتي استضافتها القاهرة (الأحد والإثنين) لم تسفر عن أي تقدّم خلال المباحثات بين ممثلي "إسرائيل" وأميركا ومصر. وخلال المباحثات قدّم الوفد الإسرائيلي طلبًا رسميًا بإعادة النظر في معاهدة "كامب ديفيد" وشرعنة احتلال "إسرائيل" لمحور فيلادلفيا، وهو ما رفضته مصر، وتمسّكت بعدم المساس بالمعاهدة.

انتقادات إسرائيليّة لأداء الفريق التفاوضي الإسرائيلي، الذي لا يملك صلاحيات تتيح له التوصّل لاتفاق لوقف النار 

والتقى نتنياهو اليوم عائلات الأسرى، وقال لهم: "ليس من المؤكد أن يكون هناك اتفاق". بل إن ممثلي العائلات قالوا في نهاية اللقاء إنهم لم يسمعوا قط نتنياهو مصممًا على هذا النحو: "عدم الاستسلام لمطالب مثل وقف القتال والانسحاب من المحاور الاستراتيجية".

وأشاروا إلى أن نتنياهو، أضاف: "إسرائيل لن تنسحب تحت أي ظرف من الظروف من الأصول الاستراتيجية التي حصلت عليها في الحرب، بما في ذلك محور فيلادلفيا وممر نتساريم". وبحسب أقارب الأسرى، قال لهم نتنياهو: "سنستمر حتى القضاء على حماس وتحقيق أهداف الحرب".

وكان التلفزيون الإسرائيلي الرسمي أفاد بأنه جرى تأجيل قمة المفاوضات المتعلقة بصفقة تبادل الأسرى، والتي كانت مقررة في القاهرة نهاية الأسبوع الحالي، وذلك نقلًا عن مصادر إسرائيلية ودبلوماسية غير معلنة.

وأوضحت "قناة كان" أن هذا التأجيل جاء نتيجة عدم تحقيق تقدّم ملحوظ في الجولات الأخيرة من المفاوضات، ما أثار الشكوك حول إمكانية عقد القمة في موعدها المحدد.

وانتقدت مصادر إسرائيليّة بشدة أداء الفريق التفاوضي الإسرائيلي، مشيرة إلى أن الصلاحيات المحدودة الممنوحة له تعيق الوصول إلى اتفاق. وأوضحت أن الفريق يجد صعوبة في اتخاذ قرارات حاسمة، حيث يضطر ممثلو "إسرائيل" إلى مراجعة صلاحيّاتهم مع الجهات العليا قبل قبول أو رفض المقترحات، ما أدى إلى تكرار جولات التفاوض دون تحقيق تقدّم فعلي، وهو ما اعتبرته المصادر انعكاسًا لعدم جدية الإدارة في المفاوضات.

وكشفت موريا أسرف وليبرغ مراسلة الشؤون السياسية في القناة الـ13 الإسرائيلية، أن كبار أعضاء فريق المفاوضات الإسرائيلي، بمن فيهم رئيس الموساد دافيد برنياع ورئيس الشاباك رونين بار وممثل الجيش نيتسان ألون، وجّهوا انتقادات لاذعة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وأبلغوه بجلاء أن هناك قضايا خلافية تتطلّّب تقديم تنازلات لتجنب انهيار المفاوضات.

إذا تفجّرت المباحثات سيكون من الصعب العودة إلى الطاولة

وحذّر أعضاء من فريق التفاوض الإسرائيليّ، من أنّ استمرار المحادثات دون تحقيق تقدّم ملموس لن يكون مجديًا، وأنه في حال تفجّرت المحادثات، فقد يكون من الصعب العودة إلى طاولة المفاوضات لاحقًا. وقد ردّ نتنياهو على ذلك بأن القرار النهائي في هذه القضية هو قرار سياسيّ، وليس أمنيًا.

وفي مقابلة مع القناة الـ12 الإسرائيلية، شن رونين مانيليس، المتحدّث السابق باسم الجيش الإسرائيلي، هجومًا حادًّا على نتنياهو، وأشار إلى أن مسؤولية عدم التوصّل لاتفاق تقع على عاتق نتنياهو وحلفائه داخل الحكومة.

وقال مانيليس إن إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، يعيقان التوصّل إلى صفقة، واتّهم الحكومة الإسرائيلية بممارسة الكذب على عائلات المخطوفين، وتقديم وعود كاذبة، دون تحقيق أي تقدم في المفاوضات.

نتنياهو ليس جادًا

من جهته، أعرب تامير باردو، الرئيس السابق بجهاز الموساد، في لقاء مع القناة الـ12 الإسرائيلية، عن شكوكه في قدرة نتنياهو على حل الأزمة، معتبرًا أن فشله في التوصل إلى نتيجة بعد مرور 319 يومًا يشير إلى افتقاره للرغبة والقدرة على إتمام الصفقة.

وأكد باردو أنه كان من الممكن إعادة جميع المختطفين الإسرائيليين قبل أكثر من نصف عام، وأنّ التأخير في اتخاذ القرارات أدى إلى خلق آمال كاذبة لدى عائلات المخطوفين، ما جعلهم يفقدون الثقة بالقيادة.

أمّا دانا فايس، محللة الشؤون السياسية في القناة الـ12 الإسرائيلية، فأكدت أنّ نتنياهو لم يتراجع عن موقفه بضرورة وجود الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، حتى بعد عودة قادة فريق المفاوضات من قمة الدوحة.

وأوضحت أن الوسطاء يرون في هذا الموقف عائقًا أمام الصفقة، ما يعزز الانطباع بأن نتنياهو ليس جادًا في التوصل إلى اتفاق.

وأضافت فايس، أن نتنياهو مستعد لمناقشة تفاصيل الانتشار العسكري، لكنّه يرفض بشكل قاطع فكرة انسحاب القوات الإسرائيلية من هذا المحور، ما يعني أن الصفقة قد تكون في خطر إذا أصرّت حماس على موقفها.

فشل الصفقة قد يؤدي إلى تصعيد عسكري

وأشار يوسي يهوشوع، محلل الشؤون العسكرية في قناة I24، إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تمارس ضغوطًا على نتنياهو للموافقة على المقترحات المطروحة، باعتبار أن التوصل إلى وقف إطلاق نار مؤقت قد يتيح فرصة لتحرير الأسرى دون التنازل عن الأمن الإسرائيلي.

ويرى خبراء أمنيون إسرائيليون أنّ هذا الخيار يستحق النظر فيه، لأنه قد يحول دون حفر أنفاق جديدة من قبل حماس، ما يوفّر فرصة لإطلاق سراح المخطوفين الأحياء.

أما يائير شيركي، مراسل الشؤون السياسية في القناة الـ12 الإسرائيلية، فأشار إلى أن وزير الجيش يوآف غالانت حذّر من أن فشل الصفقة قد يؤدي إلى تصعيد عسكري واسع ينتهي بحرب إقليمية تشمل إيران وحزب الله.

مفترق طرق

وطلب غالانت أن تكون كل النقاشات المتعلقة بهذه القضية في إطار أوسع يشمل مجلس الوزراء بكامله، مشيرًا إلى أن "إسرائيل" تقف عند مفترق طرق استراتيجي، وأن انهيار الصفقة قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المستويين الأمني والإقليمي.

وأكد تامير موراغ، مراسل الشؤون السياسية في قناة الـ14 الإسرائيلية، نقلًا عن مصدر في المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينت"، أن "إسرائيل" لن تتنازل عن بقاء جيشها في محور فيلادلفيا، ولن تتراجع عن مطالبها بإجراء فحص أمني شامل للعائدين من جنوب قطاع غزة إلى شماله، بالإضافة إلى زيادة عدد الأسرى الإسرائيليين الأحياء الذين سيُفْرَج عنهم في المرحلة الأولى.

وكشفت القناة الـ14 الإسرائيلية، عن مصادر مقرّبة من هرتسي هاليفي رئيس أركان الجيش الإسرائيلي عن أنه سيستقيل من منصبه إذا مضت "إسرائيل" في صفقة تؤدي إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد.

وأوضحت المصادر أن هناك شخصيات رفيعة في الجيش تتفق مع هذا الموقف، وقد تنضم إليه في الاستقالة، إذا تمّت الموافقة على الصفقة.

وظهر الثلاثاء، قالت حماس إنّها تابعت باستغرابٍ واستهجان شديدين، تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن، والتي ادعى فيها أن الحركة تراجعت عن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وذلك بعد ساعات من دعوة وزير خارجيته بلينكن للحركة للقبول بالمقترح الأخير.

واعتبرت حماس أن تصريحات بايدن وبلينكن هي ادّعاءات مضلّلة، ولا تعكس حقيقة موقف الحركة الحريص على الوصول إلى وقفٍ للعدوان. وقالت إن تصريحاتهما تأتي في إطار الانحياز الأمريكي الكامل للاحتلال، والشراكة الكاملة في العدوان.

حماس: ما عُرض علينا مؤخرًا يشكّل انقلابًا على ما وصلت إليه الأطراف في الثاني من يوليو/ تموز الماضي

وعدّت حركة حماس تلك التصريحات ضوءًا أميركيًا أخضر، لارتكاب "إسرائيل" مزيدًا من الجرائم.

وقالت إن ما عُرض عليها مؤخرًا، يشكّل انقلابًا على ما وصلت إليه الأطراف في الثاني من يوليو/ تموز الماضي، والمرتكز على إعلان بايدن نفسه في (31 مايو/ أيار)، وقرار مجلس الأمن رقم 2735 (11 يونيو/ حزيران)، وهو ما يُعَدّ استجابة ورضوخًا أميركيًا لشروط نتنياهو الجديدة، ومخططاته الإجرامية تجاه قطاع غزة.