13-سبتمبر-2024
مليون مهدد بالجوع في غزة

(Getty)

قالت منظمات الإغاثة الإنسانية، إن أكثر من مليون شخص في غزة لن يكون لديهم ما يكفي من الغذاء هذا الشهر، بينما تفسد الشاحنات المحملة بالخضروات الطازجة أو اللحوم أثناء انتظارها عبور نقاط التفتيش الإسرائيلية، وتظل آلاف من طرود المعونة من المواد الغذائية والإمدادات الطبية وحتى فرشاة الأسنان والشامبو عالقة وتتراكم الشاحنات غير القادرة على الدخول من مصر.

وأوضح سام روز، نائب المدير العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في غزة: "نقدر أن أكثر من مليون شخص في غزة سيظلون بدون طعام في أيلول/سبتمبر. كما أن أكثر من نصف الأدوية في مراكزنا الصحية قد نفدت، وكذلك الكلور المستخدم في تنقية المياه وغير ذلك من الإمدادات الأساسية"، بحسب ما ورد في صحيفة "الغارديان" البريطانية.

وأضاف أن الأونروا لجأت إلى محاولة استيراد مواد مفردة مثل الصابون، لأن الطرود التي تحتوي على مجموعة من المواد مثل مسحوق الغسيل إلى جانبها تم منعها من الدخول.

وقال "نعتقد أننا سنستفيد بشكل أفضل إذا جلبنا ألواح الصابون بدلًا من محاولة إيجاد شيء أكثر تعقيدًا. وهذا يوضح مدى اليأس الذي أصبح عليه الوضع - فقد أصبحنا نستهدف الحد الأدنى المطلق لتحسين ظروف النظافة، وهو وضع فظيع في ظل وجود خطر متزايد للإصابة بالأمراض المعدية". وأضاف أن "المساعدات التي تصل إلينا قليلة للغاية لدرجة أننا لا نستطيع تلبية الاحتياجات الأساسية".

سام روز، نائب المدير العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في غزة: نقدر أن أكثر من مليون شخص في غزة سيظلون بدون طعام في أيلول/سبتمبر

من جانبه، قال أحمد خان مؤسس منظمة الإغاثة "إلبيدا" إن مجموعته حاولت دون جدوى إدخال الإمدادات الطبية إلى المنطقة لعدة أشهر. متابعًا القول إن "كمية المساعدات التي تدخل البلاد هي الحد الأدنى المطلق اللازم لضمان عدم موت الناس على الفور من الجوع. قد يموتون بعد ثلاث سنوات من الآن بسبب سوء التغذية المطول، ولكن هذا هو الحد الأدنى من الشاحنات اللازمة لضمان عدم موت الناس على الفور، وتجنب الغضب الدولي".

وأشار خان إلى بيانات الأمم المتحدة التي أظهرت نقصًا حادًا في المساعدات التي دخلت خلال الأشهر الأربعة منذ احتلال القوات الإسرائيلية على معبر رفح. ففي تموز/يوليو، دخل ما معدله 100 شاحنة يوميًا، معظمها عبر معبر كرم أبو سالم الجنوبي. وانخفض هذا العدد إلى النصف في آب/أغسطس، بينما دخلت 147 شاحنة فقط حتى الآن في أيلول/سبتمبر، على الرغم من أن المنظمة أضافت أنه قد تكون هناك فجوات في التقارير بسبب مخاطر قيام الموظفين بمراقبة دخول المساعدات عند نقاط العبور.

وتظهر بيانات هيئة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق (كواجات/المنسق)، التي تشرف على دخول كل شيء إلى غزة بدءًا من المساعدات وحتى كميات ضئيلة من السلع المستوردة إلى غزة، ارتفاع عدد الشاحنات التي تقترب من نقاط العبور من الجانب الإسرائيلي من الحدود.

ويرجع العاملون في المجال الإنساني هذا التباين إلى اختلاف أحجام الشاحنات، وعملية الفحص التي تتبعها هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، والتي تتطلب أن تكون الشاحنات فارغة جزئيا، فضلا عن بعض الشاحنات التي تحمل سلعًا للبيع في الأسواق المحلية، وغالبًا بأسعار باهظة بالنسبة للكثيرين.

وقال روز "نتيجة للتراكم في معبر كرم أبو سالم، فإن آلاف الشاحنات عالقة في مصر، مما يتسبب في تكبدها رسوم تأخير تصل إلى عدة ملايين من الدولارات كل شهر".

وداخل غزة، أصبح توزيع المساعدات معقدًا بسبب نقص الوقود والطرق العسكرية الإسرائيلية ونقاط التفتيش. كما أن الوضع خطير للغاية: فقد قُتل 280 عاملًا إنسانيًا، معظمهم يعملون لدى وكالة الأونروا، في غزة خلال 11 شهرًا من الحرب، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية.

وفي أواخر آب/أغسطس، نشرت أكثر من عشرين منظمة غير حكومية، بما في ذلك ميرسي كور وأوكسفام وأنيرا، تقريرًا جاء فيه أن من بين "العقبات الأكثر أهمية" كانت التأخيرات التي فرضتها السلطات الإسرائيلية في الموافقة على دخول البضائع إلى غزة.

وتحدث التقرير عن أكوام من المساعدات ـ بما في ذلك الحفاضات والملابس وطرود الأغذية ـ في مصر، والتي لم تتمكن من دخول غزة منذ استيلاء القوات الإسرائيلية على الجانب الغزي من معبر رفح الحدودي في أيار/مايو. وقال التقرير أيضًا إن السلطات الإسرائيلية سمحت لثلاث قوافل فقط تضم 30 شاحنة بمحاولة العبور كل أسبوع عبر معبر معروف باسم بوابة 96 بالقرب من مدينة غزة.

وقال التقرير إن قدرة شاحنات المساعدات على دخول غزة "تخضع لتقدير القوات الإسرائيلية التعسفي"، مضيفًا أنه في كثير من الأحيان، لا يُسمح لأكثر من 15 شاحنة بالوصول إلى البوابة 96 كل أسبوع. ونتيجة لذلك، تقول منظمات مثل أطباء بلا حدود إن السلطات الإسرائيلية منعت 4000 طرد تحتوي على مواد مثل الصابون وفرشاة الأسنان لمدة ثلاثة أشهر. 

وقالت منظمة ميرسي كوربس إن الأمر استغرق أربعة أشهر لتسليم 1000 طرد غذائي و1000 مجموعة من منتجات النظافة إلى شمال غزة، بعد أن فرضت السلطات الإسرائيلية متطلبات جمركية جديدة.

وأعرب خان عن يأسه إزاء ما اعتبره غياب نظام لتوزيع المساعدات الإنسانية، وخاصة بعد أن أنهى الجيش الأميركي مشروعه الذي تبلغ تكلفته 230 مليون دولار (176 مليون جنيه إسترليني) لبناء رصيف مساعدات عائم قبالة غزة في تموز/يوليو.

وقال "هناك مجموعة من الناس يحاولون بذل قصارى جهدهم بطريقة غير رسمية، مع وجود حواجز في كل مكان، ولكن لا أحد يستطيع أن يقول إن لدينا نظامًا. هناك نظام قائم لمنع كل شيء، ولكن لا يوجد شيء آخر".

وقال "إذا أردت أن أرسل معدات طبية بقيمة مليون دولار غدًا، فأين أرسلها؟ لا يوجد إجابة. الخيارات المتاحة هي العمل مع مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق أو الاستيراد عبر الأردن، لكن هذه عملية بطيئة للغاية".

وألقى خان، وهو مساعد سابق لبيل كلينتون ويتمتع بخبرة في توصيل المساعدات إلى أفغانستان وأوكرانيا ورواندا، باللوم على ما وصفه بعدم اهتمام السياسيين بضمان وصول الإغاثة إلى غزة.

وقال "لا أحد من صناع القرار على وجه الأرض يهتم بهذه القضية، على الرغم من استعداد الجميع على الأرض للتحرك. ولكن بالنسبة لأي شخص في موقع السلطة، فإن المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة ليست أولوية".

وأضاف: "هذا هو أسوأ موقف تعاملت معه على الإطلاق. لم يكن هناك موقف تحاول فيه مساعدة الناس داخل حدود تسيطر عليها دولة حليفة، بل كان هناك موقف لا تريد فيه دولة حليفة أن تصل المساعدات إلى الأشخاص الذين تحاول مساعدتهم".

وقد أثارت التقارير التي تفيد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصدر تعليماته للجيش الإسرائيلي بفحص ما إذا كان بإمكانه تولي توزيع المساعدات داخل غزة المزيد من القلق لدى العاملين في المجال الإنساني. 

ويخشى العاملون في المجال الإنساني أن يؤدي هذا إلى إعاقة جهود الإغاثة. وقد أحال الجيش الإسرائيلي الأسئلة حول هذا الأمر إلى مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، الذي لم يستجب عندما تم الاتصال به للتعليق على هذا الأمر أو البيانات التي تظهر انخفاض كمية المساعدات إلى غزة، وفق صحيفة "الغارديان" البريطانية.

بدورها، قالت هيئة البث الإسرائيلية، إنه في يوم أمس عقد "نقاش استراتيجي مع المستوى السياسي الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية"، وكان من المفترض أن تقدم فيه المؤسسة الأمنية "ثمن إمكانية قيام الجيش الإسرائيلي بتوزيع المساعدات الإنسانية الأساسية في قطاع غزة، والذي يصل قد يصل إلى 6 مليارات شيكل سنويًا، للمنتجات الأساسية فقط مثل الدقيق والزيت والسكر".