"الذين قالوا الجبال وحدها لا تلتقي.. أخطأوا، والذين بنوا بينها جسورًا لتتصافح دون أن تنحني أو تتنازل عن شموخها.. لا يفهمون شيئًا في قوانين الطبيعة".
يخطط 19 متطوعًا من مختلف المدن الفلسطينية لتسلق قمّة "أوهورو" على جبل "كلمنجارو" في تنزانيا، لدعم القضية الفلسطينية ولفت النظر إليها
يُعد النص السابق من أبرز أفكار رواية "ذاكرة الجسد" للروائية الجزائرية، أحلام مستغانمي، لتصف استحالة بعض الأمور العظيمة، وأنّ الجبال لا تلتقي إلّا في الهزات الأرضية، و"عندها لا تتصافح بل تتحوّل إلى تراب واحد".
فكيف تلتقي الجبال؟ وكيف يتوحّد الحراك من أجل دعم فلسطين ومختلف قضاياها العادلة؟ ومتى التقت قضية الشهيدة الصحافية شيرين أبو عاقلة بنضال المُبعد صلاح الحموري؟
يخطط 19 متطوعًا يمثلون مختلف المدن الفلسطينية لتسلق قمّة "أوهورو" على جبل "كليمنجارو" في تنزانيا، وهو الأعلى في العالم كجبل منفرد بذاته، وذلك لدعم القضية الفلسطينية ولفت النظر إليها.
يمثل هؤلاء المتطوعون فريق "فلسطين على القمّة" وهو مبادرة غير ربحية، ومشروع يسعى لتسلّق أعلى القمم والجبال حول العالم؛ لإعلاء علم فلسطين، وصوت أهلها وقضاياهم.
يتبنى الفريق في عملية التسلق الحالية قضية المبعد صلاح الحموري، رفضًا للاعتقال الإداري والترحيل القسري والنفي، بعدما تبنى قضية الشهيدة شيرين أبو عاقلة، في فعالية سابقة لتسلق جبل قمّة جبل "أرارات". رفع صورة أبو عاقلة جاء تتويجًا لتجربة سابقة لتسلق جبل "أرارات" الذي كان بمشاركة 15 شابًا وفتاة في آب/ أغسطس 2022، وهو أعلى قمة في تركيا، وهو بركان خامد يبلغ ارتفاعه 5137 مترًا، ومغطىً بالثلج صيفًا وشتاءً.
من المقرر أن يبدأ الفريق عملية التسلق في 19 أيار/ مايو المقبل، ويسبق ذلك تدريبات مكثفة تستهدف رفع قوة التحمّل لدى المتطوعين، بهدف الوصول إلى القمة في 25 من الشهر، طالما استقرت الأحوال الجوية.
ضمن رسالة من الفعالية، يؤكد الفريق رفضه لسياسات الاعتقال الإداري وسحب الهويات والتهجير والترحيل والإبعاد المستمرة منذ النكبة، مناديًا بالعودة لصلاح الحموري، وكل المبعدين والمنفيين.
كما تحاكي رحلة الفريق لتسلّق الجبل ما جاء في رواية "أرواح كليمنجارو"، للروائي الفلسطيني، إبراهيم نصر الله، التي تعرض مسارات رحلة صعبة أخذ أبطالها قرارهم بصعود الجبل، الذي كان ألهم القارة الإفريقية في رحلتها إلى التحرر من الاستعمار.
تضم الرحلة في الرواية أطفالًا أصيبوا بجروح عميقة بعد أن تسبب الاحتلال في بتر أعضائهم، كما تضم متطوعين تجمعهم إرادة ورغبة في مساعدة بشر حاجتهم للأمل توازي إن لم تكن أعظم من حاجتهم لأطراف وعمليات جراحية وابتسامات.
بشكل عام، تحكي الرواية قصة يوسف ونورة في صعدهما جبل "كليمنجارو" بصحبة متطوعين، ليثبتوا للعالم قدرتهم على هزيمة المحتل بالإرادة والتصميم والرغبة في الحياة.
يذكر أن صلاح الحموري، محامٍ فلسطيني وناشط في مجال حقوق الإنسان، ولد في مدينة القدس عام 1985، يحمل الجنسية الفرنسية، ورفض عروض الاحتلال منذ عام 2005 بالرحيل عن القدس إلى فرنسا اختياريًا دون عودة.
عقب ذلك تحوّلت العروض إلى تهديدات بالترحيل والإبعاد، ونُفذت في نهاية اعتقاله الإداري الأخير عام 2022؛ بسحب هويته المقدسية، وترحيله كرهًا إلى فرنسا.
بدأ الاحتلال تطبيق قانون "الدخول إلى إسرائيل" على أبناء القدس المولودين فيها، والذين عاشت عائلاتهم في المدينة قبل النكبة بوقت طويل، ليشمل من هم "ليسوا مواطني الدولة وليسوا قادمين جددًا"، فأصبح يعاملهم كمهاجرين مقيمين بشروط وبشكل مؤقت.
بهذا، يؤكد قانون روما الأساسي للجنائية الدولية أن الإبعاد جريمة حرب، وذلك وفقًا لتعريف الإبعاد بأنه "تهجير قسري للأشخاص المعنيين عن طريق الطرد، أو غيره من أفعال الإكراه".